تعـدّدت الآراء الفلسـطينية... والاسـتحقاق واحـد

وفي الوقت الذي آلت فيه المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طريق مسدود، لم تتخطاه قط، عقدت القيادة الفلسطينية عزمها على التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على الاعتراف الكامل بـ«دولة فلسطين»، وهو ما بات يعرف بـ«استحقاق أيلول».
اختلفت ردات الفعل والمواقف من الخطوة حيث رأى الداعمون لها انها «الحل الوحيد» للحصول على الحرية والاستقلال في ظل توقف المفاوضات والموقف الأميركي الداعم لإسرائيل. أما المعارضون فقد بنوا رفضهم لهذا التحرك على أسس التشكيك بحيثياته وتوقيته وتداعيات الفترة التي ستلي صدور القرار، إن صدر، وما له من تأثيرات على قضية «العائدين» وحق العودة المشروع إلى فلسطين، وعلى موقع منظمة التحرير وصفتها التمثيلية.
في الداخل الفلسطيني، يتم الترويج بشكل مكثف لـ«استحقاق أيلول» من خلال تحركات جماهيرية، بعضها يمثل فصائل فيما البعض الآخر يمثل القاعدة الشعبية.
وفي هذا الإطار، أكد منسق لجنة الفعاليات في»الحملة الوطنية لفلسطين الدولة 194»، عبد الله أبو رحمة لـ«السفير» إن «التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة بدأ مرحلة مهمة في مسيرة النضال الوطني المعاصر تستوجب حشد كل طاقات الشعب الفلسطيني لإنجازه، فضلا عن دعم ومناصرة الشعوب العربية وشعوب العالم، إذ أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين على أساس القرار 194 هو حق طبيعي، لذا تنسجم هذه الخطوة مع الأسس التي قامت عليها عملية السلام».
وقد رفعت رسالة باسم «الحملة الوطنية: فلسطين الدولة 194» الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بهدف إعلامه عن التحرك كحملة وطنية، شعبية، وسلمية للشعب الفلسطيني من أجل انضمام دولة فلسطين كعضو إلى الأمم المتحدة، وذلك عبر مجموعة من اللقاءات الشعبية، تمثل قطاعا واسعا من هيئات المجتمع المدني ومن الأطر النقابية والسياسية ومن شخصيات مستقلة، وتهدف إلى تنظيم وتنسيق الفعاليات الجماهيرية بالتعاون مع مختلف مبادرات الدعم في العواصم العربية والعالمية.
ويؤكد أمين سر حركة فتح في لبنان، فتحي أبو العردات، لـ«السفير»، أن التوجه إلى الأمم المتحدة هو «محطة مفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني»، معتبرا أنه «استحقاق وطني فلسطيني» وبالتالي هناك «إجماع فلسطيني حوله».
وفي مواكبة هذا التوجه، تحدث أبو العردات عن تحرك داخل فلسطين متمثل بمجموعة شعبية، وآخر رسمي يعود لمنظمة التحرير لدعم التوجه إلى الأمم المتحدة، وذلك عبر برنامج أعلنت عنه كل من المنظمة والهيئات والمنظمات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني. أما في لبنان فقد وضعت المنظمة برنامجا بدأت المرحلة التمهيدية منه منذ أوائل آب، حيث قامت وفود من الفصائل بزيارة المخيمات والأحزاب والفعاليات اللبنانية والمراجع الدينية و«لمسنا كل تأييد ودعم للتوجه».
وأشار العردات إلى أن المرحلة الثانية من هذا البرنامج تتمثل في ندوات ومسيرات «قد بدأت بالفعل» وستستمر حتى 23 أيلول، تاريخ إلقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمته أمام الأمم المتحدة، إضافة إلى رفع العلم الفلسطيني وإضاءة الشموع في جميع المخيمات تعبيرا عن رمزية الدعم لـ«استحقاق أيلول».
وفي رأي مغاير، يقول عائد محمود، وهو من الناشطين القوميين العرب الشباب في جامعة بيرزيت في فلسطين، لـ«السفير»، «في البداية أبارك لشعبنا حراكه الثوري المبارك الذي يعم وطننا العربي، الذي على وقعه الصاخب نجري هذا الحوار حول استحقاق أيلول الذي ينادي بإعلان الدولة الفلسطينية في حدود اتفاقية أوسلو الاستسلامية، حيث يحاول البعض خلق حالة من التعبئة على مواجهة دبلوماسية وهمية يقودها الفلسطينيون، ومعهم كل العرب، مواجهين فيها الصهاينة في معركة حسمتها الولايات المتحدة مسبقا بسلاح الفيتو».
ويضيف «أما بخصوص العملية الاستسلامية، التي جرت العادة على تسميتها بعملية السلام، فنحن نرى باستقراء التاريخ القريب، أن الكيان الصهيوني ومن ورائه الغرب كمنظومة استعمارية في طروحاته وأهدافه، فإنه مضطر للهجوم من دون عقلانية، ونحن مضطرون للدفاع عن أنفسنا بالأسلوب ذاته، برغم الفارق الشاسع في الإمكانيات. إنها قضية مبدأ، فلا بد من إعــادة المقـــاومة كعنوان واضح وصريح مانعين الزج بنا في مهزلة جديدة مع هيئة الأمم التي لا نرى فيها سوى هيئة متحدة علينا وعلى مصالحنا، وعلينا تحفــيز الشــعب عبر قراءة حقيقية وتصويب جدي للمفردات التي غابت عنها المعانــي الثــورية المعادية للكيــان الصــهيوني بفعل مهادنة الأغلبية وقبولها بالمنطــق الاستسلامي».