الصحـف الإسـرائيلـيـة: أوبـامـا سـفيرنـا فـي الأمـم المتـحـدة!

كتب محرر الشؤون الإسرائيلية:
خرجت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن طورها وهي تتحدث عن «العناق» الأميركي الدافئ لإسرائيل في الأمم المتحدة، والذي تجلى في خطاب الرئيس باراك أوباما. وبحسب «معاريف» فإن هذا الخطاب شكّل انعطافة حادة مقارنة بخطابه في القاهرة قبل نحو عامين.
وبمقدار ما أشاع الخطاب تفاؤلاً في إسرائيل بمقدار ما أثار الخيبة في صفوف الفلسطينيين. غير أنه خلافاً للتوقعات والتقديرات الإسرائيلية، لم يزد خطاب أوباما الفلسطينيين إلا تصلباً. وخلافاً للإشاعات الإسرائيلية حول تفكير الفلسطينيين بتأجيل تقديم طلب العضوية الكاملة فإن تقديم الطلب سيتمّ في موعده، وثمة من يهدد في القيادة الفلسطينية برفض أية رعاية أميركية لأي مفاوضات مقبلة.
من جانبها، أشارت «يديعوت احرونوت» إلى أنه في لقاء أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تمّ البحث في سبل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وكذلك التغييرات التي تطرأ على الشرق الأوسط. كما احتلت مكاناً مركزياً في اللقاء حالة التوتر بين تركيا وإسرائيل.
وقالت «يديعوت» إن نتنياهو وأوباما بحثا في التهديدات الإيرانية بزيادة مساعداتها إلى «حزب الله» وكذا الحاجة إلى تشديد العقوبات على طهران لمنعها من امتلاك قدرة نووية. وقالت إنه من شبه المؤكد ان نتنياهو عرض على اوباما معلومات جديدة لدى اسرائيل عن آخر الخطوات الايرانية في طريق تحقيق القدرة النووية.
وأشار كبير معلقي «يديعوت» ناحوم برنياع وشمعون شيفر في مقالة بعنوان «سفيرنا في الأمم المتحدة» إلى أنه «لم يسبق أبداً أن القي خطاب مؤيد لإسرائيل بهذا القدر من على منبر الأمم المتحدة. فاوباما ليس فقط تبنى كل الحجج الإسرائيلية ضد الاعتراف بدولة فلسطينية من خلال الأمم المتحدة، بل وتبنى الرواية الإسرائيلية الأساس: إسرائيل هي دولة صغيرة، محوطة بالأعداء الذين يسعون إلى إبادتها، أبناؤها يعيشون خطراً على الحياة كل يوم، جيرانها يربون أطفالهم على الكراهية».
وبحسب الكاتبين فإن موقف أوباما ليس ثمرة «توبة بل وليس تغييراً لمذهب فكري في أعقاب تغييرات خارجية. فأوباما سياسي يسعى إلى إعادة انتخابه. وستجرى الانتخابات في تشرين الثاني من العام المقبل، وحسب الوضع في هذه اللحظة، ستكون متلاصقة إن لم يكن أسوأ من ذلك من ناحية أوباما، والموضوع الإسرائيلي سيلعب فيها دوراً. هذا هو الزمن الذي تخلي فيه سياسة الخارجية المكان للسياسة الداخلية. فلسطين «أوت». الناخبون اليهود في أميركا إن».
ورأى القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك ألون بنكاس في «معاريف» أنه ليس في غياب حدود 67 عن خطاب أوباما ما يُفرح. وفي نظره فإن «المسار والخطوط العامة للتسوية الإسرائيلية - الفلسطينية يعرفها كل إنسان في العالم معني بالموضوع. وهي تقوم على أساس مبادئ كلينتون، خريطة طريق بوش وصيغة أوباما. هذه هي التسوية ولا يوجد غيرها. لا حاجة إلى خطط جديدة ولا مبادرات أصيلة. وعليه فالفرحة التي تملكت الوفد الإسرائيلي وأوساط حساسي السمع في وسائل الإعلام من امتناع الرئيس عن ذكر «خطوط 67» تثير السخرية والشفقة».
وأشار إلى أن «كل الخطاب من حيث التعريف هو امتناع عن الخلافات والتوجه إلى القاسم المشترك الأدنى. في السياق الإسرائيلي - الفلسطيني، جاء أوباما ليس كي يوفر عناوين بل كي يعطل صخب مجلس الأمن ويمتنع عن الحاجة إلى استخدام الفيتو الاميركي. ينبغي الامل في أن ينجح، ولكن ان نستخلص من ذلك أن الولايات المتحدة غيّرت مواقف اساس بالنسبة لحل هذا النزاع هو أمنية ووهم بالكاد ستصمد اسبوعين».
أما مراسل «معاريف» في أميركا شموئيل روزنر فاعتبر أن الفلسطينيين تلقوا درساً من أوباما، «من دون أميركا، لا يوجد ما يمكن أن يدفع اسرائيل. من دون محادثات مع اسرائيل، لا تسوية ولا سلام».
وأشار إلى أن «الصوت اليهودي (والمال) مهم لأوباما، وصحيح ان سنة الانتخابات التي على الأبواب والاعتبارات السياسية الداخلية باتت تثقل على أحاسيس الزعماء، ولكن الأميركيين، مع كل الاحترام لحقوق الانسان في ليبيا، الثورات في تونس وللمتباطئين في اسرائيل وفي فلسطين، يهتمّون الآن بخطاب ألقاه اوباما اول من أمس وليس بخطاب القاه أمس ـ بخطاب أعلن فيه الحرب ضد الاغنياء والمدافعين عنهم من الجمهوريين وليس بالخطاب الذي أبلغ فيه الفلسطينيين بأنه حان الوقت للكفّ عن اللعب».
وخلص إلى أنه «ينبغي فهم أقوال اوباما، قبل كل شيء، على خلفية علاقات اميركا مع مؤسسة الامم المتحدة. فالبيت الابيض غيّر اوباما، وفجأة تبين له أن رئيساً بلا قوة هو رئيس بلا تأثير، وان رئيساً يتخلى عن التأثير هو رئيس غير ذي صلة».
أما يوسي ساريد في «هآرتس» فكتب تحت عنوان «خطبة اوباما: الحلم وتحطّمه» أن هذه «لم تكن خطبة سيئة. ولم تكن خطبة جيدة. كانت مجرد خطبة، خطبة أخرى في لا شيء. وأكثر من ذلك ان المقام كان مثيراً للكآبة ومحزناً. وليست الكآبة من الخطبة بل من الخطيب. ليس الشيب وحده هو الذي خط شعره بعد ثلاث سني ولاية معذبة، وقد لوحظ الإحباط وخيبة الأمل ايضاً في صوته في كل جملة تقريباً. ان من وقف هذه المرة على المنصة في الجمعية العامة لم يكن هو الذي كان ذات مرة اوباما منذ وقت غير بعيد».
وأوضحت الخبيرة في شؤون أميركا ياعيل شترنهل في «هآرتس» أن خطاب أوباما «دلّ على مبلغ كون رئيس الولايات المتحدة عاجزاً في مواجهة واقع الشرق الأوسط. لا شك في ان اوباما يؤيد بما أوتي من قوة انشاء دولة فلسطينية، وكان يسعده جداً ان يبرهن للجماهير المقاتلة من اجل حريتها في الدول العربية أنه يقف الى جانب إخوتهم المضطهدين. ولا شك ايضا في أنه خائب الأمل لعدم استجابة نتنياهو لمبادراته، ولتوسيع المستوطنات والانطباع العام أن حكومة إسرائيل تستخف بالمواقف الاميركية. لكن اوباما يبلغ أيلول 2011 مضروباً من جميع الاتجاهات. فالولايات المتحدة لا تنعش نفسها من الركود، والجمهور الاميركي يشعر بالمرارة وبخيبة الأمل من قيادته الفاترة والحزب الجمهوري ينكل به - حتى لو كان ثمن ذلك المسّ بمصالح اميركية واضحة. ليس واضحا هل سيبقى بعد انتخابات الرئاسة في السنة المقبلة مع بطالة بنسبة 9 في المئة، واستطلاعات رأي تُبين أن أكثر المصوتين الاميركيين غير راضين عن أدائه».
واضافت إن «اوباما في وضعه الحالي لا يستطيع أن يسمح لنفسه بإصدار تصريحات جريئة تُعرّض للخطر علاقاته بالجماعة اليهودية، وتضعضع السياسة الأميركية التقليدية، وتفضي الى مواجهة أخرى بينه وبين الجمهوريين الذين يتحرّقون الى معركة. لكن اذا أعرضنا عن الظروف السياسية المحددة، فإن فقر دم الخطبة يثير اسئلة أوسع. ان ضعف اوباما ليس ضعف رئيس كهذا أو ذاك فقط، بل هو ضعف دولة كاملة تدخل السنة الرابعة من ركود شديد، ويحكمها جهاز سياسي فاسد شبه مشلول، دولة متورطة في حروب لا يمكن الانتصار فيها وتغالب انهيار ثقتها بنفسها».