طائرات «الأطلسي» تغير بكثافة على سرت

شنت طائرات حلف شمال الاطلسي غارات مكثفة على مدينة سرت لفتح الطريق امام ثوار ليبيا للسيطرة على مسقط رأس العقيد الليبي معمر القذافي، فيما اظهر هجوم شنته قوات موالية للقذافي على غدامس قرب الحدود الجزائرية، أمس، هشاشة تمسك المعارضة بالمدن. وواصل المجلس الوطني الانتقالي الليبي في بنغازي مشاوراته حول تشكيل الحكومة المؤقتة التي كان رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل اعلن انها ستعلن «خلال الأسبوع المقبل».
وغداة الهجوم الذي شن على سرت على بعد 360 كلم من العاصمة طرابلس، وسمح للثوار بالتقدم بضعة كيلومترات داخل المدينة، انسحب المقاتلون، وسط مقاومة ضارية من قوات القذافي، فيما شنت طائرات «الأطلسي» سلسلة غارات على المدينة. وقال مقاتل «لقد اسقط الاطلسي الكثير من القنابل. يمكنك رؤية الطائرات وهي تغير» على سرت.
وقال احمد محمد تاجوري، وهو مقاتل على الجبهة الغربية، «لا تدور معارك. لا احد في المدينة. تلقينا اوامر بمغادرة وسط سرت لان الحلف الاطلسي يجب ان يواصل مهمته. غادرنا المدينة مساء امس» الاول. في حين قال اخرون ان المعارك ستستأنف اليوم. وكان متحدث باسم المجلس العسكري في المجلس الوطني في مصراتة اعلن ان معارك امس الاول اوقعت سبعة قتلى و145 جريحا من الثوار.
وكان الحلف اعلن، في بيان امس الاول، انه شن 34 غارة، اصيب خلالها مركزا قيادة ورادار ومبان عدة لتخزين الذخائر و29 آلية في ضواحي سرت. واشار الى «اعدامات وعمليات احتجاز رهائن وتعمد استهداف اشخاص واسر ومجموعات في المدينة» والى تفاقم الوضع فيها. واكد انه رصد مرتين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية معتصم القذافي احد ابناء الزعيم الليبي الفار في مركز قيادة تحت ارض مستشفى المدينة الرئيسي.
وفي موازاة ذلك، قتل ثمانية أشخاص في واحة غدامس، التي تقع على الحدود الجزائرية ـ التونسية، في هجوم شنه موالون للقذافي بينهم مرتزقة أتوا من الجزائر والطوارق بحسب مسؤول محلي وشهود عيان.
وقال نائب رئيس المجلس المحلي لغدامس مهندس سراج الدين «تعرضنا لهجوم فجرا من قبل موالين للقذافي ومجموعات من الطوارق». واوضح ان «الاشتباكات التي قتل فيها ثمانية اشخاص على الاقل واصيب اكثر من 50، متواصلة». وتابع ان «حوالى مئة من الموالين للقذافي بينهم مرتزقة اتوا من جهة الجزائر ومجموعات من الطوارق، اضافة الى خلايا نائمة تحركت لدى بدء الهجوم». واوضح ان «الثوار وعددهم حوالى 400 تمكنوا من اخراج المهاجمين من المدينة، الا ان الاشتباكات مستمرة وتنقصنا معدات عسكرية وطبية كثيرة».
وعلى جبهة بني وليد، كانت مواقع المقاتلين المتمركزين عند مدخل المدينة لا تزال تتعرض للصواريخ التي يطلقها الموالون للقذافي من داخل المدينة. وقال عمر مختار، احد قادة قوات المجلس الوطني الانتقالي، «لن نشن هجوما» مؤكدا ان قواته ستتجمع في بني وليد «فور الانتهاء من معركة سرت». واضاف «نعلم ان سيف الاسلام (القذافي) في بني وليد وتحديدا اين هو موجود».
وفي طرابلس، اعلن المجلس العسكري للمدينة العثور على مقبرة جماعية تضم رفات اكثر من 1700 سجين قتلوا العام 1996 على ايدي حراس سجن ابو سليم في العاصمة الليبية. وقال المتحدث باسم المجلس خالد الشريف، في مؤتمر صحافي، «توصلنا الى خيوط ثم الى مكان دفن هؤلاء الشهداء»، مضيفا «نحن متأكدون من الناحية الجنائية والبحث الامني ولدينا الادلة على ذلك». وتابع ان «اللجنة الفنية المكلفة التعرف على اصحاب الجثث تنتظر التأكد من هذا الامر بشكل علمي وهي ستحتاج الى وقت لذلك».
من جهة اخرى وقعت سلسلة انفجارات على مقربة من قاعدة بحرية شرق العاصمة الليبية، على ما افاد شهود وصحافي في وكالة فرانس برس. وقال مقاتلون تابعون للسلطات الليبية الجديدة موجودون في جوار القاعدة البحرية ان هذه الانفجارات عرضية وليست ناتجة عن اعمال اجرامية.
وعلى الصعيد السياسي، واصل المجلس الوطني الانتقالي مشاوراته في بنغازي لتشكيل الحكومة المؤقتة. وقال مصدر مسؤول في المجلس «من المتوقع ان يتم الاعلان عن الحكومة السبت او الاحد المقبلين» وذلك في انتظار استكمال المشاورات وعودة رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل من نيويورك حيث يشارك في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة.
وكان رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل قال، امس الاول، «الحكومة ستعلن خلال الأسبوع المقبل»، مضيفا «بعض الحقائب سيتولاها اعضاء من المجلس الانتقالي» مقرا بوجود خلافات في وجهات النظر اخرت مجددا الاعلان عن تشكيل الحكومة، ومشددا على ان المجلس قرر ان «النضال» ضد نظام القذافي «ليس معيارا» لتولي حقائب وزارية وانما الكفاءة.
وقال مصدر مقرب من الاجتماع ان «تشكيل الحكومة دونه الكثير من الصعوبات»، موضحا ان «عدد الوزراء مشكلة، والتسمية مشكلة، واسماء من يتولى الحقائب مشكلة» مشيرا الى ان «دخول اعضاء من المجلس الانتقالي الحكومة يطرح مشكلة اضافية من طبيعة قانونية حيث لا يفترض باعضاء المجلس تولي مناصب تنفيذية بحسب الاعلان الدستوري».
وكان عبد الجليل اعلن انه قد يتم «المزج» بين المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي وتولي اعضاء من المجلس حقائب وزارية في هذه الحكومة المؤقتة التي ستصرف شؤون البلاد الى حين استكمال تحرير مختلف المناطق.
وفي برلين، اعلنت وزارة الخارجية الالمانية انها اعادت فتح سفارتها في طرابلس، بعد اكثر من ستة اشهر على اغلاقها.
واعتبر وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، امس الاول، ان تصريحات عائشة ابنة معمر القذافي الجمعة وانتقادها الشديد للسلطات الليبية الجديدة هي امر «غير مقبول». واعلنت عائشة القذافي في رسالة صوتية مساء الجمعة ان والدها «بخير» و«يقاتل»، حاملة على السلطات الليبية الجديدة التي اتهمتها بـ«الخيانة».