"الأطلسي": العمليات لن تتوقف حتى انتهاء المعارك القذافي يدعو لـ"تظاهرات مليونية" ضد "الانتقالي"

احتدمت المعارك، يوم أمس، في مدينة سرت، حيث قصفت قوات المجلس الوطني الانتقالي مواقع القوات التابعة للرئيس الفار معمّر القذافي، إثر محاولتها فك الحصار المفروض عليها في المدينة، في وقت أعلن حلف شمال الأطلسي مواصلة عملياته في ليبيا حتى انتهاء المعارك.
في هذا الوقت، دعا القذافي، في تسجيل صوتي أذاعته قناة "الرأي" التي تبث من دمشق، الليبيين الى تنظيم تظاهرات بالملايين احتجاجاً ضد المجلس الوطني الانتقالي الذي يسيطر على معظم انحاء البلاد. عا القذافي في التسجيل الذي كان بالكاد يسمع الى "تنظيم تظاهرات مليونية" بهدف "إسماع الناس صوتهم الرافض لمجلس عملاء الناتو، ورفضاً لما يحاولون فرضه من ادوات الدمار".
وأضاف القذافي إنه إذا كانت قوة الأساطيل الدولية تمنح الشرعية فليستعد الحكام في العالم الثالث، مشيراً إلى ان على كل من اعترفوا بالمجلس الانتقالي أن يستعدّوا من الآن فصاعداً لإنشاء مجالس انتقالية تفرضها قوة الأساطيل لتحل محلهم واحداً تلو الآخر.
ويترقب المجلس الانتقالي الذي أطاحت قواته بنظام القذافي سقوط سرت، المدينة الرمز التي تبعد 360 كيلومتراً شرقي طرابلس، للإعلان عن "تحرير" البلاد تماماً. ولكن على الأرض ما زالت قوات القذافي تقاوم بشراسة في المدينة المحاصرة، وترغم مقاتلي المجلس الانتقالي على خوض حرب شوارع تحت خطر القناصة المتربصين بهم.
ودارت معارك عنيفة يوم أمس في شمالي شرقي المدينة، حيث شن أنصار النظام السابق هجوماً مضاداً في محاولة لفك الحصار الذي يحكمه عليهم مقاتلو السلطات الليبية الجديدة منذ منتصف أيلول الماضي.
وقال الضابط في قوات المجلس الانتقالي نجيب مسماري إن مقاتلي القذافي "يمارسون الكرّ والفرّ ويغيرون باستمرار مواقعهم"، مشيراً إلى أنهم "يستعملون هذا التكتيك ليوهمونا بأنهم يتقدّمون نحونا لفك الحصار".
وتمكّن مقاتلو المجلس الانتقالي من صدّ تقدم قوات القذافي على جبهة شمالي شرقي المدينة ودخلوا إلى الأزقة بين منازل المنطقة حيث خاضوا حرب شوارع مع قوات القذافي، برغم الصواريخ ورصاص القناصة.
والمعارك متواصلة أيضاً في غرب وجنوب المدينة، حيث ارتفعت أعمدة من الدخان. وتحول مركز "واغادوغو" للمؤتمرات، الذي كانت تعقد فيه القمم الإفريقية، إلى معقل محصّن لأنصار الزعيم السابق، وهو يخضع لقصف كثيف.
كذلك، دارت معارك عنيفة بين مقاتلي السلطات الجديدة وقوات القذافي في رقدالين، التي تقع على مسافة 130 كيلومتراً جنوبي غربي طرابلس. وقال القيادي في المجلس الوطني الانتقالي اسماعيل العتوشي إن "القوات العسكرية للمجلس الانتقالي أمهلت قوات القذافي في رقدالين 24 ساعة لإلقاء السلاح لكنها اقتحمت مدينة الزوارة المجاورة وقتلت فتحي الإدريسي، احد القادة الموالين للمجلس الانتقالي قبل الانكفاء على رقدالين".
وأضاف إن "تعزيزات من ثوار يفرن ومصراتة والزوارة وكاباو قدمت لشن هجوم على رقدالين"، مشيراً إلى أن الثوار "يواجهون نحو 900 جندي من النظام السابق الذين فرّوا إلى الجبال بدبابات ومدفعية ثقيلة للاحتماء في رقدالين وبلدات الجميل والعسّة والعجيلات المجاورة" للحدود التونسية.
في طرابلس، التي يسيطر عليها الثوار منذ 23 آب الماضي، أصدر المجلس الوطني الانتقالي أمراً بسحب كل "الأسلحة الثقيلة" التي يُضفي انتشارها واستخدامها العشوائي "صورة سلبية عن الثورة والثوار" في العاصمة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع في المجلس الوطني الانتقالي أحمد الباني "نطلب إخراج الأسلحة الثقيلة من طرابلس ومن كل المدن المحرّرة وجمعها خارج المدينة".
في هذه الأثناء، ذكر مسؤول أمني أنه تمّ العثور على مقبرتين جماعيتين تحتويان على قرابة 900 جثة من ضحايا النظام السابق في طرابلس بعد عشرة أيام من جدل حول وجود مقابر أخرى في ليبيا. وقال رئيس كتيبة طرابلس ناجي العيساوي إن "تصريحات الشهود التي حصلنا عليها قادتنا إلى العثور على مقبرتين جماعيتين لضحايا النظام السابق في قرقارش وبئر اسطه ميلاد".
وفي بروكسل أبدى وزراء دفاع الحلف الأطلسي عزمهم على مواصلة العمليات العسكرية في ليبيا حتى تنتهي المعارك، برغم تراجع وتيرة القصف الجوي بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسين إنه يتوقع أن تنتهي مهمة الحلف في ليبيا قريباً، مؤكداً من جديد أن إنهاء العملية يتوقف على توفير أمن المدنيين وسيأتي بتوفر الظروف السياسية والعسكرية المناسبة.
وأشار راسموسين إلى أن الحلف قد يقدّم الدعم لليبيا فيما يخصّ إصلاح قوات الأمن والجيش إذا طلب المجلس الوطني بذلك، وتوفر "أساس قانوني واضح ودعم إقليمي".
من جهته، قال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونجيه، رداً على سؤال حول الظروف المناسبة لإنهاء العملية، إنه "يجب ألا تكون هناك أي جيوب للمقاومة، ويجب أن يطلب المجلس الوطني الانتقالي هذا".
بدوره، وضع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أربعة شروط لإنهاء العملية، وهي: انتهاء المعركة في سرت، والتأكد من عدم قدرة القوات الموالية للقذافي على مهاجمة المدنيين، وإفقاد القذافي القدرة على التأثير، وقدرة الثوار على " توفير الأمن" في سائر أنحاء ليبيا.
وعرض القائد الأعلى للقوات الحليفة الأميرال جيمس ستافريدس تقييمه للحرب الجوية. وقال إن "إنهاء العملية ليس رهناً بالقذافي"، مضيفاً "سنقيم الوضع الأمني بدقة وطبعاً سنأخذ في الاعتبار قدرة المجلس الانتقالي على ضمان أمن السكان المدنيين".
ومن المتوقع أن يصدر القرار بإنهاء حملة الغارات الجوية في وقت لاحق من الشهر الحالي إذا استمر الوضع على منحاه الحالي. وتعتبر الكلفة المتزايدة للحملة الجوية مسالة أخرى تدرسها دول الحلف التي تواجه ضغوطاً اقتصادية أدت إلى اقتطاعات في ميزانياتها الدفاعية.
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن عمليات الناتو في ليبيا أدّت إلى زيادة عدد الضحايا في الصراع بين السلطات والمعارضة"، مشيراً إلى ان "زيادة عدد الضحايا في ليبيا جاء أيضاً نتيجة اختيار بعض أعضاء المجتمع الدولي، ومنهم بالدرجة الأولى الغربيون، طريق دعم أحد الطرفين في الحرب الأهلية. وعلى الأرجح كان هذا الطرف يمثل التطلعات المشروعة، ولكن كان الثمن هو زيادة عدد الضحايا في صفوف المدنيين".