بعد 35 عاماً في «مقبرة الأرقام» إسرائيل تفرج عن رفات شهيد

خمسة وثلاثون عاما مضت على احتجاز اسرائيل جثمان الشهيد حافظ أبو زنط. 35 عاما مضت حتى تحرر الرفات من مقابر الأرقام، وآن لها «أن تستريح».
رفات احتلت حيزا في تاريخ النضال الفلسطيني حين كانت العمليات الفدائية والبطولية عنوان مرحلة، واحتلت حيزا في قلب أم وأخ وأصدقاء وأهل ظلوا لثلاثة عقود ينتظرون الراحة التي يطلبها «بال الأحياء» وجسد الشهداء.
وفي الساعة الثانية من ظهر أمس تجمعت وفود من الفلسطينيين، بينهم أم الشهيد الحاجة حليمة (80 عاما)، وشقيقه ناصر أبو زنط عند الحاجز العسكري قرب محافظة قلقيلية في الضفة الغربية، بانتظار رفات مقاوم، أصر الاحتلال على معاقبتها 35 عاما لكون صاحبها «آلم» المحتل، وانتقم لجثمان شابة فلسطينية قتلت بدماء باردة.
وقال ناصر أبو زنط، الأسير المحرر لـ«السفير»، «قضينا سنوات ونحن تائهون لا نعرف مصير أخي حافظ بحق، فهم قالوا لنا إنه قتل، لكننا لم نتسلم جسده، وبنينا آمالا علنا يوما سنتسلمه حيا. وأخيرا وبعد أن تسلمنا هذا الصندوق الخشبي، علمنا أنه استشهد، وأنه أخيرا سيوارى في الثرى، ويرتاح باله وبالنا». الأم بالكاد استطاعت الكلام، لكن دموعها كانت كفيلة بإحياء حكاية «اعتقال الموتى».
وكان أبو زنط، نفذ في 18 أيار 1976، مع كل من مشهور العاروري، وخالد أبو زياد عملية فدائية في منطقة الجفتلك قرب غور الأردن، حيث قتلوا عددا من جنود الاحتلال، قبل أن تعلن إسرائيل عن قتلهم واحتجاز جثامينهم، من دون أن تقدم أدلة على ذلك.
وحسب ما أعلنته الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، التي تبنت العملية حينها، فإن الهدف منها كان الرد على قتل الاحتلال فتاة فلسطينية تدعى لينا النابلسي في مدينة نابلس في العام ذاته. وأفادت أن المنفذين تسللوا إلى الضفة الغربية عبر غور الأردن، واشتبكوا لساعات مع قوات الاحتلال عند قرية الجفتلك وأوقعوا في صفوفها قتلى.
وكانت إسرائيل أفرجت العام الماضي عن جثمان الشهيد العاروري، لكنها ما زالت بحسب إحصاءات رسمية فلسطينية تحتجز جثامين 200 فلسطيني في مقابر الأرقام. وأعلن وزير الشؤون المدنية في السـلطة الفلسـطينيـة حسين الشيخ قبل أشهر أن إسرائيل ستفرج عن 84 من جثامين شهداء الأرقام، لكن الأخيرة تراجعت عن القرار بعد ضغوط من عائلات قتلاها.
وأنشأ الاحتلال «مقابر الأرقام»، منذ أن بدأ الصراع العربي الإسرائيلي. وسميت بذلك لأن لكل جثمان في تلك المقابر رقما مسجّلا على لوحة من الصفيح. وليس هناك رقم مؤكد حول عدد الجثامين المحتجزة في هذه المقابر، لكن يقدر خبراء بأن العدد يتخطى الآلاف لا سيما أن هناك مئات آلاف المفقودين في لبنان وفلسطين وسوريا حتى اليوم.