سادية "ناتانياهو"بين:خسة العرب،ومازوشية المجتمع الدولي،وحكم التاريخ
د.الطيب بيتي العلوي
في القرن الماضي، قال المؤرخ الكبير"جاك بانفيل"-ملهم الجنرال دوغول -"عندما يُنظرإلى التاريخ في مجموعه،تظهر الدقة الصارمة التي تتابع عليها الحوادث وتتناتج"..
إن التقدمية والرجعية والوطنية والقومية والعزة والكرامة والنبالة،أنما هي مواقف من حركة التاريخ،وليست سفسطة فكرية،أومضاربات كلامية تلفيقية،..وبالتالي،فلايمكن قراءة التاريخ بمنطق التحايل،.حتى ولو سلمنا جدلا بمقولة أن التاريخ هو تاريخ الملوك،لأن الأبرز دائما ،والأكثر بقاء وخلودا،هو ما فعله الملوك بأقوامهم. ..
ولكي يكون التاريخ تاريخ الأمم، يجب أن تسبق الأمم التاريخ، فالفاعل دائما لابد أن يسبق في الوجود الفعل،وهذا ما يجب أن يعيه سياسيونا ونخبنا ومثقفونا،لأن التاريخ لايرحم ، فهويعلن قوانينه بكل اللغات وفي كل الحضارات، وكثيرا ما تتلاحق ردود الأفعال في تتابع وتوافق عجيبين،مثل الكرة ترتد للاعب،أوالعملة الواحدة تدير وجهها الآخر،
ولقد انعرج التاريخ اليوم في أخطر تحولاته عبر مساره الطويل منذ قرون، ليسرَع بالتذكير بلغة الإنذاربالإشارات وعلامات الاستدراج والمكرالإلهي، ليظهرللسينيكيين المثقفين العرب الجدد،وللمخلفين من السياسيين الأعراب-، المنشغلين بأولادهم وعشائرهم الأقربين، وبتكديس الأموال، وتزلف الأسياد بمعية نخبهم ومثقفيهم وإعلامييهم وعلمائهم ودعاتهم وفقهائهم ومبدعيهم وفنانيهم -ما يصنعون،أو ما سيُصنع بهم غدا،مع سخرية الأقدار بنذالاتهم وخستهم، يوم سينتهون بعد فوات الأوان،منذأن اختاروا أن يكونوا مجرد لاعبين مأفونين ، فيسدل التاريخ ستائره على خيباتهم وخياناتهم "السايسكوبية" المتكررة، فيخسف بهم وبشيعتهم الأرض ثم يرحلون..،ومنهم من يدري اليوم ومنهم من لايدري أنهم ما كانوا في حياتهم قبل مماتهم، سوى عبيد سُخرة متسعري القرائح والطموح المرضي، وذليلين بين أيدي"أمراء الظلام"من بني صهيون أتباع كهنة التلمودية المحركين الحقيقيين لخيوط إشعال الحروب والتفكيكات والبلقنات...
فهاهو ناتانياهو اليوم، يسعى بطموحه المفرط ونرجسيته المرضية وانحرافه السادي، الى تحقيق التنبؤات الخرافية التوراتية بحبور مرضي جنوني، ليصبح يهود أسرائيل بذلك، ملوك الملوك ،وسادات البشر،وأبناء السماء، وآلهاتٌ أحياء على الأرض، كما صورتهم ترانيم وغرمزات ومزامير سجع الكهان ذات الإبادة المقدسة للشعوب، وكما كررها ونستون تشرشل في أواخر الثلاثيات الذي شبه تواجد الفلسطينيين بأرض الكنعانيين القدامي بمثل تواجد الكلاب الضالة في المزابل التي تأكل من صحون الجرذان،تمهيدا لإعمارها باليهود"الأطهاروشعب الله المختار"عبر وعد بلفور، وكما أقر ذلك "المخلٌص الأكبر" المسلم حسين باراك أوباما" في باريس لجريدة"منبر اليهود" Tribune Juiv عام 2008الذي أصر على صيانة حق الشعب اليهودي "الجبار" ثم يعود في شهر مارس ليطئن العالم بان عرى الاواصر هي امثن من تهددها خالافات"تفريعية" بين البلدين
فهل سيكون"ناتانياهو"رجل"الساعة الصفر"لنهاية عصرأطروحات "المابعد " التي انشغل بها الغرب في الفترة ما بعد الاتحاد السوفياتي عنما تم طرح خطابات النهايات لاعادة صياغة ما يسمى ب"العالم الجديد"؟
-أولا يمثل اليوم هذا الرجل، بمنظورعلم النفس السياسي،والتحليل النفسي، والتنظيرالفلسفي، ومطارحات علوم الإستسرار والخفائيات والغنوصيات والقبالات،بأنه يشكل في أذهان الباحثين في شتى علوم الأناسة(وخاصة الأنثروبولوجيا السياسية)،تلك "الكيماوية المستعصية الشاذة"المهيمنة على رقعة الشطرنج الدولية الحالية، في أحرج فترة متشابكة الأوضاع،متعملقة الأزمات، متسارعة الأحداث، ومتزئبقة الحلول، التي تعيشها البشرية اليوم؟
وإذا كان الجواب بالتشكيك -فلماذا يصمت العالم الغربي بسياسييه ،وخبرائه، وعقلانييه، ومخططيه، ومتنوريه ومنظريه،وفلاسفته، وإيديولوجييه،وحكمائه، ومبدعيه، ومفكريه،ومتخذي قراراته، ومهرجيه،وينصرفون عن الإهتمام بإعطاء الأولوية لحل معضلات الإقتصاد،الفقر،التخلف ،التنمية ،تحليه مياه البحار،ومكافحة التصحروالأمراض والأوبئة المجاعات، الكوارث الطبيعية، بدل انتظار صبيحة فجر كل يوم بما سينطق به هذا الرجل من قذارات وحماقات وخزعبلات فتوحاته (التلمودية–القبالية) ومتسائلين عن متى سيبدأ بالإبادة الفلسطينية في القدس أولا؟أم غزة؟ أم قصف لبنان؟ أو ضرب إيران؟
- ولماذا تتضخم نرجسية هذاالرجل، ويتعملق شنارأناه "السادية"،كلما تعقدت الأمور الدولية والإسرائيلية والإقليمية، وترتفع حمى نشوته الصوفية" كلما تزايد أعداؤه ومعارضوه في الداخل والخارج، وكلما تبدت أعراض كوابيس الحروب، وترجيعات نواح الثكالى من داخل إسرائيل وفلسطين والمنطقة، وكلما فاحت روائح أشلاء الموتي، وتعالت ركامات الدمار والخراب،,فأية طينة من البشرهذا الرجل؟
- وإذا كانت السادية بالإصطلاح لابد لها من وجود المازوشية، فمن هم ما زوشيونتانياهو السادي؟ أهم اليهود في العالم؟
أم يهودإسرائيل؟أم عرب الإعتدال؟أم أن العالم كله أصبح مازوشيا رهينة "ساديته"و تحت أقدار"رحمته ؟
-وما السر في سلسلة وقاحات هذا الرجل الأخيرة، واحتقاره لكل من"يتحرك أمامه" من الكباروالصغار؟ سواء أكانوا أمريكيين،أم أوروبيين،أوحتى من بني جلدته الإسرائليين؟.حيث لم يسلم من قذارات لسانه،لا مقربيه وعشاقه من الأمريكيين المتصهينين مثل"بايدن"،ولا أوباما،الذي وصفه" بالضعيف"،ولا هيلاري كلنتون التى نعتها بالكوميدية، ولا الرؤساء الأوربيين الذين وصفهم بالكراكيز ؟أما عرب الإعتدال من مريديه وعشاقه، فهم مجرد جراثيم في ذهنه ومخياله،
ولماذا يسفه "عقلاءُ" الغرب ومفكروهم وفلاسفتهم عقولهم،عندما يحاضرهذا الرجل في مراكز بحوثهم في أوروبا ولا يحيرون ردا؟
– ولماذا صمت عتاة مدرسة "فرانكفورت"-قبلة القضايا الفلسفية الكونية الكبرى-مع دياناصورها المريب "يورغان هابيرماس"عن الرد على ناتيانياهو،أثنا إلقاء محاضراته بألمانيا مؤخرا،مذكرا"بلد الأنوار"بلد كانط وهيغل"بخصوصية "شعب الله المختار" والتذكير بمسؤلية الألمان تجاه هذا "الشعب الجبار"المهدد بالإنقراض" من طرف همجي الشرق من عرب وعجم، بسبب الخطإ التاريخي للألمان في حق اليهود ؟
لماذا تختفي فجأة تلك التقاليد (الكانطية-الهيغلية) المبشرة–على الأوراق- ب"المجتمع العالمي' و"الجماعة الدولية" و "سيادة القانون الإنساني" و"السلام العالمي الدائم" الخ،ثم تغرب هذه الشعارات عن الأنظار،-بغتة- عشية الحروب وفي أصعب الظروف التاريخية وأكثرها حلكة عند الانتقال من"القديم إلى الجديد" منذالمنقبة البونابارتية"التنويرية"–الدموية- من أقصى جنوب أوروبا إلى أقصى شماله وشرقه مرورا بمصر والقدس) التي أصلت إلى مفاخرالكولونياليات -باسم التنوير والتحضير-وعبرنظرية "عبء الرجل الأبيض"المسوغة لحروب النهب،وعمليات الإستاصال الثقافي"التنويري" والإستيطان الترابي والإبادات العرقية- في إفريقيا السوداء والمغرب العربي، وصولا إلى الإبادات في حروب الهند الصينية، قبل تسلميها لأمريكا في حرب الفيتنام،وكما يحدث عند منعطفات كل مراحل "انتقالات الغرب الجديدة "التي لا ترى البشرية بعدها إلا :
"الأرض الخراب"و"أسوا الأزمان ،عهد الحماقة، والشك، واليأس واللاشيء"أو ان تعيش البشرية"تباريح مشروع الدولة العالمية التي سيصبح فيها التاريخ البشري مجرد مزحة سمجة" حسب هيكسلي" أو مجردآخر مشهد درامي لعبثية الحياة التي ما على البشرية سوى تقبلها وجهها معفر بالتراب والمستنقعات"لكامو، أو الإكتفاء بمعاناة السام والغثيان-سارتر، أو ضرب الرؤوس مع الحيطان،عند الطريق المسدود-هربت ماكيوز" أو الإنتحار" كافكا،أوالضحك العدمي بالضحك الضحل الغليظ حسب "بيكيت"؟
-فهل سيجرؤ النرجيسيون والبلزاكيون والسينيكيون العرب المحدثون على الإجابة على هذه التساؤلات؟
-وهل سيجد المتسائلون المستغربون من المثقفين المتسكعين،أجوبة شافية في الأبحاث الأكاديمية المتخصصة الغربية الجافة-؟ وحتما لن يجدوا في مباحثنا العربية سوي"بضاعة برانية"مفبركة محليا،ومطبوخة بتوابل"بلدية" وخلطات (إيديولوجيو-ديماغوجية) يحتسبونها من صميم التحليل العلمي والمنهجية السوسيولوجية التي هي من خصائص النتاج الايديولوجي المشرقي والمغاربي اجمالا،..
ثم سيبقى التساؤل الأكثر لغزا
وأعتذرهنا لأولائك العباقرة من عندنا الذين يمتلكون الأجوبة الجاهزة لكل المعضلات)
- ما هي الأرضية الصلبة التي يقف عليها هذا الرجل ؟ وماهي الخلفيات"الطلاسمية"التي يغترف منها –خارج المنظور التراثي-الصهيوني المعروف؟ التي تطمئن روعه، وتمنحه ذلك اليقين الذي يحركه ليأمر فيطاع؟ فترتعد فرائص الساسة ومتخذي القرارالأروبيين والأمريكيين والإسرائيليين،و عندما يتكلم أو يتحرك وزير خارجيته ليبرمان؟
- و لماذا يصمت هذا الغرب"العقلاني، المتنور،الملحد"والمتحلل-فكريا وأخلاقيا-من كل قيم الديانات الإبراهيمية الثلاثة، ويوجه بوصلة عقله إلى التسليم الأبلة بضرورة إعادة بناء هيكل سليمان،على أنقاض الأقصى ،اعتمادا على تقاليد خرافية –توراتية؟
ولماذالم تتحرك منظمات المجتمع الدولي الحكومية،وغيرالحكوميةالمكلفة بحماية التراث الحضارىالإنسانى–مثل منظمة اليونسكو-؟ أم أن الأقصى ليس تراثا إنسانيا بالمفهوم الغربى.؟.
-ولماذا لم نعد نسمع عن أية بادرة جادة من الحكومة المغربية، باعتبارأن منظمة المؤتمرالإسلامي قد اختارت المملكة المغربية وملكها الراحل الحسن الثاني، كريئس"للجنة القدس الدولية"في أوائل الثمانينات؟
-ولماذا لا يتحرك كل المفكرين والكتاب والمبدعين-في وقفةواحدة-من كافة الأطياف الفكرية والإيديولوجية والسياسية،بالضغوط مباشرة على كل إعلاميي العالم العربي،ونقابات كتابه المكتفين بالنحيب مثل الثكالى،و بالتنديدوالشجب مثل حكامهم ومنظماتهم، لكي يضغطوا بدورهم على كل الجمعيات المدنية الفاعلة،ومنظماتناالدوليةالكبرى،مثل"المؤتمرالاسلامي"،و"الجامعةالعربية"و"رابطةالعالم الإسلامي،و"أليكسو" و"ألسيسكو"للضغط على منظمات مسيحية مستقلة، مثل مجلس الكنائس الأعلى بالفاتيكان،واللوكسمبورغ،أوالدول العربية الخارجة عن"طوق"الإعتدال مثل"سوريا"و"جزائرالمليون شهيد"و"ليبيا"و"دولة قطرالرشيدة"و"سلطنة عمان"الحكيمة ذوي العلاقات الجيدة مع كل الأطراف الإقليمية والدولية، كما تم في عام 1981 بباريس بمنظمة اليونسكو،بالتنسيق مع منظمة العالم الاسلامها–زمنها-حيث تم تنظم أكبرتجمع دولي جمع جهابدة مفكرين شرقا وغربا من أجل حماية مدينة القدس والتعريف التاريخي بها ودورها كأكبر تراث بشري على الإطلاق، وليدالمراحل السابقة للنشاط الثقافي والروحي والحضاري بكل ما تحمله من رموز ثقيلة وعميقة عبر التاريخ الطويل لشعوب المنطقة، حيث انتشرت أرقى حضارت البشرية على الإطلاق ....
د.الطيب بيتي العلوي...بحاث مغربي في الأنثربولوجيا/ باريس/