مما لا جدال حوله عدالة قضية الشعب الفلسطيني بمنظار حقوق الإنسان و التي تستمد عدالتها من الأسس القانونية بتتعددها و تنوعها فهناك الميثاق الدولي الصادر عام 1945 و القانون الدولي لحقوق الإنسان ممثلا بالإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1949 و الذي يتباهى لبنان بالإسهام بصياغته و كذلك العهدين الدوليين عام 1966 قد تضمنا نصوصا تحفظ للإنسان حقه العيش بكرامة و مجمل الشرائع الدولية الأخرى بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة و إتفاقية جنيف و بروتوكولاتها و خاصة الإتفاقية الرابعة لتوفر الحماية للمدنيين في زمن الحرب ( لبنان لم يوقع الإتفاقية ) .
كل هذه الحقوق هي حقوق أساسية غير قابلة للتنازل عنها .
توزع اللاجئيين الفلسطينيين في مختلف بلدان الشتات إما الى الضفة الغربية و قطاع غزة و إما الى الدول العربية المجاورة لفلسطين و دخل بعضهم الى الأراضي اللبنانية إضطرارا لا إختيارا موزعين على مخيمات البؤس و الحرمان .
إمتدت معاناة الفلسطينيين لتطال اللاجئين في مخيمات اللجوء , حيث جرى التضييق عليهم و إنتهاك حقوقهم تبعا لتقلبات الأوضاع السياسية في هذا البلد أو ذاك .
تعرض اللاجئين الفلسطينيين منذ إقامتهم القسرية و المؤقتة في لبنان منذ العام 1948 لأقسى أنواع القهر و القمع و الظلم و الحرمان و بإسم القانون و السيادة بسلب حقوقهم الإنسانية و السياسية و تنكر لحقوقه المدنية و المعيشية و إنتزاع لممتلكاتهم
و كسر إرادتهم الوطنية ليتم تهجيرهم و ترحيلهم و طردهم خارج لبنان إن سمحت الظروف الإقليمية و الدولية , فقد منعوا من حق التملك و حرموا من العمل و تم التضييق عليهم في حرية التنقل , إضافة الى سكنهم المزري في مخيمات اللجوء و التي ترفض السلطات اللبنانية ان تتحمل مسؤولياتها حسب القوانين و المواثيق الدولية .
قبل إتفاقية القاهرة من عام 1959 حتى عام 1969 تعاطت السلطات اللبنانية مع الملف الفلسطيني في لبنان بحس أمني مع المخيمات و فرضت عليها قوانين الحكم العسكري أي تحت سيطرة الجيش و أجهزته و خصوصا الشعبة الثانية ومورس على اللاجىء إجراءات غير إنسانية و منعته التنقل بين المخيمات إلا بإذن و لا يسمح بقراءة جريدة أو سماع الأخبار و معاقبة أي تجمع يزيد عن إثنين و منع السهر أو إبقاء الأضواء مشتعلة لما بعد الساعة العاشرة ليلا حتى داخل البيت هذا اللاجئ الذي هاجسه بعد معاناته الطويلة تحصيل لقمة العيش في محيط يشعر فيه بحد أدنى من الأمان الذاتي و عينه على مفتاح بيته في فلسطين المحتلة و الذي تسلمه من ذويه و ليس على بطاقة الهوية اللبنانية و لم تعر الدولة اللبنانية الجانب الإجتماعي و المعيشي أي إهتمام فشرعت أوضاع اللاجئين بموجب مراسيم :
الأول : صدر عام 1950 بإسم اللجنة المركزية لشؤون اللاجئين .
الثاني : صدر عام 1959 بإستحداث مديرية شؤون اللاجئين و تم الحاقها بوزارة الداخلية و من مهامها تنظيم قضايا أحوالهم الشخصية و حركة تنقلهم و مكان إقامتهم .
الثالث : صدر عام 1960 بإنشاء الهيئة العليا لشؤون اللاجئين الفلسطينيين تحت إشراف وزارة الخارجية .
اعتبرت التشريعات اللبنانية و بشكل ضمني الفلسطيني المقيم على أرض لبنان أجنبيا و ذلك بالإستناد للمادة الأولى من قانون دخول الأجانب الصادر عام 1962 و المعمول به حتى الان و الذي عرف الأجنبي كما يلي ( يعد أجنبيا كل شخص حقيقي أو معنوي من غير التابعية اللبنانية ) و من مترتبات هذا التعريف و تداعياته , صدر القرار الوزاري رقم 2002\147 الذي حصر حق ممارسة أعمال مهن معينة باللبنانيين مساويا بذلك الفلسطيني المقيم بالأجنبي و الذي إشترط لعمل الأجنبي الحصول على إجازة العمل و المعاملة بالمثل .
معظم القوانين اللبنانية تنطلق من مبدأ المعاملة بالمثل و ما دام لا توجد دولة فلسطينية بالوقت الحالي تعامل اللبنانيين بالمثل فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يحصلون على
حقوقهم في التعليم و الطبابة و العمل و الضمان الإجتماعي و الإنتساب للنقابات و بالتالي فإن الحكومة اللبنانية لا تتحمل
التبعات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية تجاههم لذلك لا تمارس أي دور في إدارة المخيمات كما انه ليس للوزارات أو المؤسسات أو البلديات اللبنانية أي دور تجاه الشؤون الحياتية اليومية للاجئين الفلسطينيين بإستثناء تسجيل اللاجئين و منحهم بطاقات هوية و وثائق سفر و خضوعهم للقوانين اللبنانية .
حرم اللاجئ الفلسطيني من العمل بقرار وزير العمل و الشؤون الاجتماعية الدكتور عدنان مروة حيث منع الفلسطيني من العمل أو مزاولته 24 مهنة , ثم جاء قرار الرئيس أمين الجميل بحرمانه من 37 مهنة و بعدها الوزير عبد الله الأمين ضاعف عدد المهن الممنوع مزاولتها الى 73 مهنة .حاول الوزير طراد حماده في حزيران 2005 إزالة بعض قيود المنع للفلسطيني المولود في لبنان و المسجل في سجلات الدولة اللبنانية و السماح له بمزاولة بعض المهن .
و بدلا من التخفيف عن الفلسطيني في لبنان , أقدمت السلطات اللبنانية على المزيد من التضييق على الفلسطينيين بفرض تأشيرة دخول و خروج الى لبنان و التي الغاها الدكتور سليم الحص عام 1998 ,
في 1\1\1997 اتخذت الدولة اللبنانية قرارا يمنع إدخال مواد البناء للمخيمات و خصوصا في مخيمات الجنوب و عادت و سمحت بإدخال المواد في 23\11\2004 و لمدة ستة أشهر و عادت و منعتها بتاريخ 14\6\2006 و لا زالت ممنوعة عتى هذه اللحظة .
في 21\3\2001 صادق مجلس النواب اللبناني على قانون تملك الأجانب و قضى بحرمان الفلسطينيين من التملك و لو حتى منزل أو توريثه لأبنائه بعد وفاته .
كما صدر تشريع عن مجلس النواب اللبناني بتاريخ 3\4\2001 قضى بتعديل قانون 1969 و جاء في نص المادة الأولى من التشريع الجديد ( لا يجوز تملك أي حق عيني من أي كان لأي شخص لا يحمل جنسية عن دولة معترف بها , أو لأي شخص اذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين ) و هذا التعديل ألحق الظلم الفادح بالفلسطينيين في لبنان فكلما سمع صوت ينادي بتعديل القانون و التشريعات اللبنانية حول تلك الحقوق لوح البعض بفزاعة التوطين .
ناهيك عن قذف الفلسطينيين بأفظع النعوت كما جاء على لسان مسؤولين كبار في الدولة اللبنانية.
و جدير بالذكر ان اسرائيل هي الوحيدة في العالم التي قبلت عضويتها في الأمم المتحدة بشرط تطبيقها لقراري التقسيم و عودة اللاجئين .
رفض التوطين لا يكون في الشتم والتهجم، ولا يكون في الحصار والحرمان من العمل، ولا يكون في النفي والتشتت، ولا يكون في تأجيج صراعات وفتن طائفية، سياسية أو فئوية بين الأخوة اللبنانيين والفلسطينيين.
إن عبارة الحقوق الفلسطينية فقدت مدلولاتها وأصبحت جوفاء لا شكل ولا مضمون لها. بقيت شعاراً يلجأ إليه البعض لإملاءات خارجية، والبعض الآخر لحشد تأييد انتخابي أو تمثيلي محلي أو استجابة لبعض الدول المانحة، أو وسيلة كيدية لفريق يرفع فزاعة التوطين في كل لقاء حزبي، ديني، أو اجتماعي لبسط نفوذه وتعزيز هيمنته، وشحذ همة محازبيه وانصاره ورعيته.
إن رفض التوطين يمثل حالة إجماع بين الفلسطينيين و اللبنانيين و لا تستطيع أية قوة فرض التوطين عليهم ما دام الطرفان المعنيان يرفضانه و لذلك ان الأوان لعدم استخدام فزاعة التوطين لحرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقوقهم الإنسانية .
و مع اننا نتحدث عن حقوق ثابتة للفلسطينيين , ندرك في نفس الوقت المتاعب اللبنانية في جانبها الاقتصادي و الاجتماعي و تأثيرها على تدني مستوى معيشة اللبنانيين أنفسهم و عدم توفر فرص العمل لهم , لكن التغاضي عن اعطاء الفلسطينيين
حقوقهم و معاملتهم بأساليب غير إنسانية , أساء للبنان لدى المنظمات الدولية و أدى الى إحباط لدى الفلسطينيين لإحساسه
بالمعاملة الدونية مما قد يؤدي بالبعض الإنحراف و التوجه لأعمال غير قانونية .
يقسم الفلسطينيين في لبنان الى ثلاث فئات :
1-اللاجئون المسجلون و عددهم 425640 شخصا وفق احصائية الأونروا أواخر 2009 و هذه المجموعة تستفيد من خدمات الأونروا ,أما العدد الفعلي للمقيمين بين 260000 و 280000 و هذا يعني أن نحو 45 % من اللاجئين الفلسطينيين هاجروا من لبنان .
2- اللاجئون الفلسطينيون غير المسجلين في سجلات الأونروا حوالي 35000 شخصا حسب تقرير المجلس الدانماركي عام 2005 و هؤلاء لا يحصلون على أي خدمات من الأونروا .
3- اللاجئون فاقدي الأوراق الثبوتية و عددهم 4000 شخصا و هم من قدموا الى لبنان في العام 1967 إبان النكسة أو في العام 1970 إثر أحداث أيلول في الأردن و هم ليسوا مسجلين لدى أي وكالة في لبنان أو مؤسسة دولية و هؤلاء لا يحصلون على أي خدمات أو مساعدة من الأونروا و بالتالي لا يحق لأي منهم بالتعليم , الطبابة , الزواج , التجول خارج المخيم و ليس لهم أي حقوق قانونية أو مدنية .
أستنادا للمسح الذي أجرته الأونروا بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت نستخلص ما يلي :
1- يعيش ثلثا الفلسطينيين في لبنان داخل المخيمات .
2- 4 % من الفلسطينيين في منطقة البقاع
3- 73 % من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فقراء .
4- 6.6 % من اللاجئين الفلسطينيين يعانون الفقر الشديد .
5- 60 % من اللاجئين عاطلين عن العمل . ( 65 % من العاملين يعملون في مهن بسيطة داخل المخيمات )
6- 15 % من اللاجئين يعانون فقدانا حادا للأمن الغذائي .
7- 35 % من اللاجئين يعانون أمراضا مزمنا .
8- 95 % من اللاجئين ليس لديهم تأمين صحي . ( 5% المتبقية تأمين صحي من الأونروا لموظفيها ) .
9- 66 % من المساكن تعاني الرطوبة و النش .
للفلسطيني اللاجئ في لبنان الحقوق التالية :
1-الحق في العمل بمنأى عن الاجازة المطلوبة أو إشتراط المعاملة بالمثل .
2- حق ممارسة المهن الحرة .
3- الاستفادة من الأجر و الإجازة و الضمان الإجتماعي و الصحي و تعويضات نهاية الخدمة و التقاعد ما دام الفلسطيني يدفع متطلبات ذلك .
4- السماح بتشكيل مؤسساتهم النقابية .
5- الحق في الصحة و تمكينهم من العلاج في المستشفيات الحكومية .
6- الحق بالتملك العقاري و إبطال القانون العنصري القاضي بحرمان الفلسطينيين من التملك .
7- الحق في حصول اللاجئ الفلسطيني على أوراق ثبوتية و عدم شطب إسم من يحصل على جنسية أجنبية من قيود مديرية شؤون اللاجئين .
8- فك الحصار الأمني المفروض على المخيمات الفلسطينية .
9- إستفادة المخيمات من خدمات البلدية ما دام الفلسطيني يدفع الضرائب البلدية كاللبناني .
10- إتاحة الفرصة للاجئين الفلسطينيين للتعبير عن رأيهم و تمكينهم من تشكيل مؤسساتهم الإجتماعية و الثقافية .