الدكتور فتحي أبو مغلي شخصية مثيرة للجدل , منذ توليه وزارة الصحة وبرغم انجازاته الملموسة والمشهودة إلا أنه كثيرا ً ما يتعرض للانتقادات , دنيا الوطن حاورت الدكتور أبو مغلي , ففتح قلبه لنا وتحدث عن انجازات وزارته ورد على الانتقادات التي تعرضت لها وزارته خاصة في حادثة جبع المفجع , فكشف لنا أنه كان في غرفة الطواريء وانه استقبل الاصابة الاولى في الحادث وهو الذي منع على الجميع اعطاء اي تصريحات صحفية منعاً لإثارة البلبلة وذلك قبل عقد مؤتمر صحفي عرض فيه كافة التفاصيل وبدقة .
أبو مغلي أجاب على أسئلة دنيا الوطن في الحوار التالي :
1)كيف يقيم د. ابو مغلي مستوى الخدمات الصحية في فلسطين اليوم بشكل عام وهل انت شخصيا راض عن الاداء ?
التقييم يحتاج اولاً لمعايير وثانياً لرؤية، المعيار الاساسي هو اعمال الحق في الوصول اليسير للخدمات الصحية وقد عملنا جاهدين منذ قيام السلطة على انشاء شبكة من الخدمات الصحية على مستوى الرعاية الصحية الاولية اساساً بحيث اصبح لدينا 719 مركزاً صحياً 70% منها مراكز حكومية والباقي يدار من وكالة الغوث او المنظمات الاهلية والهلال الاحمر الفلسطيني، في العام 2011 فقط اضفنا 18 مركزاً صحياً حكومياً جديداً، كما راعينا ان يكون هناك مستشفى حكومي على الاقل في مركز كل محافظة فتم بناء مستشفى قلقيلية( درويش نزال) والذي يعمل بكفاءة عالية منذ عامين وانهينا بناء مستشفى طوباس والذي سيتم تشغيله قريباً وهناك مستشفى النجاح الوطني الجامعي الذي نأمل ان يبدء العمل به مع نهاية هذا العام.
في غزة طبعاً هناك 134 مركزاً صحياًوثلاثة عشر مستشفى حكومي كما اننا نتعامل مع مستشفيات القدس الشرقية كمستشفيات تحويلية رئيسية لمرضانا ونوفر لها كل دعم مالي وفني لازم، الوضع الصحي بشكل عام وضمن الامكانات المتاحة "جيد" وخاصة ان المؤشرات الصحية الرئيسية مثل معدل وفيات الاطفال ووفيات الامهات قد تحسنت كثيراً اضافة الى اننا استطعنا السيطرة بشكل كامل على الامراض المعدية.
اما عن مستوى الرضى عن مستوى الخدمات ، اقول انني اريدها افضل ، بل الافضل ولهذا نعمل بجد من اجل تحسين جودة الخدمات المقدمة وضمان مأمونيتها من خلال توسعة وترميم المرافق الموجودة واعادة تجهيزها ورفع كفاءة العاملين.
2) ما هي اهم انجازاتكم في المجال الصحي في السنوات الاخيرة؟
الحاجات كثيرة والطموحات عظيمة ونحن نعمل ضمن رؤية عمادها تعزيز جودة الخدمات الصحية وضمان مأمونيتها واستدامتها، من اجل ذلك نعمل على كل ما ذكرته سابقاً من تطوير للمرافق الصحية واستكمال شبكة الخدمات الصحية على مستوى الرعاية الصحية الاولية والمستشفيات، اكثر ما اعتز به من انجاز هو برنامج الاقامة لغايات الاختصاص حيث بدأنا الان نجني الثمار واصبحنا منتجين للكفاءات الطبية المتخصصة، كما افخر ببرنامج حوسبة المؤسسة الصحية والاهم من ذلك نجاحنا في توطين العديد من الخدمات الصحية مثل زراعة المفاصل والقواقع وعمليات القلب المفتوح وعمليات زراعة الكلى وجراحة الاعصاب.
3)في ظل الازمة المالية التي تعصف بالسلطة الوطنية والكل يعلم ان الامن والصحة والتربية هم ركائز اي نظام حكم ، هل انت راض عن موزانه الوزارة المقره حديثا ، وكيف هو الوضع المالي اليوم سيما الحديث عن ملايين لشركات الدواء ومقدمي الخدمات الاخرى ؟
موازنة وزارة الصحة تمثل 11% من الموازنة العامة للسلطة حيث تبلغ موازنة الوزارة مليار وثلاثمائة مليون شيكل ولكن وحتى نلبي احتياجات الناس ونرقى الى مستوى طموحاتنا لا بد من زيادة هذه الموازنة على الاقل لتصل الى 15% من حجم الموازنة العامة.
نحن تحت الاحتلال واقتصادنا محاصر ومقيد والوضع المالي للاسف مرهون بقضايا سياسية لذلك علينا ان نعمل على الاستعمال الامثل للموارد المتاحة واعتقد ان توطين الخدمات الصحية ووقف التحويلات لخارج البلاد بالكامل عامل حاسم في مواجهة اي وضع مالي شاذ.
نعم الازمة المالية الخانقة للسلطة اثرت على قدرتنا على توفير الادوية للمرضى بالشكل النموذجي ولكن الوضع لا يزال تحت السيطرة ولم نصل بعد الى درجة الخطر، المشكلة في الوضع الشاذ القائم في قطاع غزة والقدرة على ادارة الدواء هناك ونأمل ان تنجح جهود المصالحة ويعود نظام الادارة المركزي الوطني لاعادة التوازن وحل الاشكاليات القائمة حالياً.
4)تتعرض سياسة وزارة الصحة للانتقاد بخصوص موضوع التحويلات الطبية للخارج ، لماذا كل هذا اللغط بالموضوع وهل بالفعل تسير وزارة الصحة بمنهجية واضحة ام انها تدير ازمه فقط ؟
نحن لا ندير ازمة في هذا المجال نحن حققنا نجاح نفخر به وبشهادة مؤسسات دولية وعلى رأسها البنك الدولي ، فقد وحدنا مراكز الانفاق وهو الدائرة المالية وغيرنا اسم دائرة العلاج بالخارج لتتناغم التسمية الجديدة وهي دائرة شراء الخدمة مع رؤيانا في توطين الخدمات الطبية والان نحن نشتري 80% من خدماتنا العلاجية التي كنا نشتريها من خارج البلاد يتم شرائها من مستشفيات القطاع الاهلي والخاص الفلسطيني، 55% منها يتم شرائه من مستشفيات القدس الشرقية، للاسف البعض لا يزال يتعامل مع المفهوم القديم ولا يفرق بين رؤيانا الوطنية والهادفة الى تعزيز الشراكة مع القطاع غير الحكومي وتوطين الخدمات الصحية.
5)في كل تعديل وزاري او الحديث عن اي تعديل اول الاسماء يطرح اسم وزارة الصحة للتغيير وتبدأ بورصة الاسماء بالتدوال , هل تعتقد بان هناك جهات اواشخاص معنيين بهذا المنصب لاسباب ما ، وما تفسيرك للأمر؟
الوزارة تكليف ونحن اقسمنا ان نقوم بخدمة الوطن والمواطن وسنعمل ضمن هذا التكليف حتى يكلف غيرنا بعبيء حمل الامانة، ولا بد من ذلك فالتغير امر محمود شريطة ان يخدم الجميع خطة وطنية واضحة لتطوير القطاع الصحي.
لا تفسير لطرح الاسماء فوزارة الصحة وان لم تكن وزارة سيادية فهي وزارة الخدمات الرئيسية والتي يطمح الكثيرون لقيادتها غير مدركين لحجم الاعباء والمسؤولية التي تفرضها.
6)تتعرض السلطة لانتقادات في حادث جبع المفجع , واثيرت بلبلة واسعة حول اداء بعض الوزارات ومنها وزارتك , وقيل انك رفضت ان يظهر غيرك على شاشة تلفزيون فلسطين , هل تعتقد ان هناك من يسعى للاساءة لك شخصيا؟
رغم ألمنا لما حصل ولكننا نفخر بطريقة ومهنية كوادرنا الصحية في مجمع فلسطين الطبي مع الحدث، لقد تمكنوا وخلال ساعة فقط من التعامل مع 39 اصابة وتقديم كل ما يلزم بكفاءة شهد بها الجميع، انا تواجدت في غرفة الطواريء في المجمع مع استقبال اول حالة واصدرت تعليماتي للجميع بعدم اعطاء اي معلومات لاي جهة خوفاً من البلبلة ونحن الجهة الوحيدة التي اعطت معلومات دقيقة ولم تتغير هذه المعلومات، انا لم اظهر على التلفزيون الا خلال القاء بيان مقتضب ولمرة واحدة، نحن نحترم مهنيتنا ونقدر حساسية الموقف الذي كنا نواجهه.
لا اتهم احداً بمحاولة الاساءة لي شخصياً ومن يتنطح للعمل العام عليه ان يكون على قدر عال من القدرة على التحمل.
7)وصلنا الامس مناشدة للدكتور ابو مغلي لضرورة افتتاح مركز علاج للادمان في المحافظات الجنوبية بعد تقرير لدنيا الوطن وصل فيه عدد المدمنين في القطاع وحسب تقارير احصائية غير رسمية الى ربع مليون , هل هناك خطة لديكم لهذا الامر ؟
المركز الوطني لمعالجة الادمان وهو الاول من نوعة في البلاد سيخدم كافة محافظات الوطن بما في ذلك محافظات غزة وعندما ينفذ المشروع نكون قد دربنا عدداً كاف من الكوادر وسيكون بالامكان بناء مراكز علاج ادمان فرعية في اكثر من محافظة، طبعاً انا اتحفظ على ان هناك ربع مليون مدمن في غزة، تقديراتنا تقول ان هناك 8000 مدمن في كل فلسطين و40 – 50 الف متعاطي لانواع مختلفة من المؤثرات العقلية والتي لا يسبب عدد كبير منها الادمان بسهولة وممكن علاجها خارج مراكز معالجة الادمان.
هناك نقص في الدواء في المحافظات الجنوبية كما يقول المسؤولون في غزة ؟ هل من توضيح لهذه التصريحات ؟ وما حقيقة الوضع الدوائي في فلسطين عامة والمحافظات الجنوبية خاصة ؟
لا اريد ان اتحدث عن هذا الموضوع باسهاب ، اريد ان اتمنى فقط ان تنتهي هذه الازمة التي يعاني منها شعبنا وان تنجح المصالحة فالوضع الشاذ الحالي هو سبب كل ما يعانيه القطاع من مآسي، نحن نعاني من ازمة مالية اثرت على قدرتنا في توفير كافة الادوية في كل الاوقات ولكننا قادرون على التعاطي مع الازمة لكن الصورة في غزة لها شكل اخر فليس كل ما يقال دقيق.
9)نجحتم في عمليات زراعة الكلى حتى وصل العدد الى نحو خمسين حالة في مجمع فلسطين الطبي برام الله كلها بفضل الله تماثلت للشفاء وتركت اجهزة غسيل الكلى ، هل سياستكم تعتمد على استراتيجية في هذا الامر ، ام انه لا يتعدى انجاز محلي لا يلبث ان يختفي ، وهل هناك افكار لعمليات زراعة القرنيات او الكبد او النخاع داخل الوطن ؟
عمليات زراعة الكلى والتي كان اولها ما تم يوم قام السيد الرئيس ابومازن بافتتاح مجمع فلسطين الطبي واكدت في كلمتي امام الرئيس ان هذه هي البداية لتوطين الخدمات الطبية وتوفير كافة الخدمات داخل الوطن، البعض قال انها العملية الاولى والاخيرة ونحن الان قد اجرينا العملية رقم 48 ودربنا كوادرنا المحلية على اجراء العمليات ومتابعة المرضى ووفرنا لهم المعدات والاجهزة اللازمة وسنستمر، اما بالنسبة لعمليات زراعة القرنيات والكبد ونخاع العظم ، فالاولى تتم داخل الوطن ولكن ليس في القطاع الحكومي وسيتم قريباً اجرائها في القطاع الحكومي اما زراعة الكبد فهناك مشروع مشترك مع البرازيل لتدريب كوادرنا ونحتاج لبعض الوقت اما زراعة نخاع العظم فالبداية ستكون في مستشفى المطلع في القدس الشرقية ونحن ندعم هذا التوجه.
10)في المحافظات الشمالية ، بعدما بات مستشفى طوباس قيد الافتتاح وبهكذا اصبح في كل محافظة مستشفى ، لماذا اصبحنا نسمع عن نقص هنا وهناك في موضوع نقص الكوادر في الرعاية الصحية الاولية ، وهل الامر له علاقة بالازمة المالية ؟
هناك من يعتقد اننا نعطي اولوية للمستشفيات اكثر من الرعاية والعكس هو الصحيح فالرعاية الصحية الاولية هي العمود الفقري لنظامنا الصحي ولكن الرعاية الاولية اقل كلفة وهنا اقول ان الرعاية الاولية كانت تستهلك 19% من الموازنة عام 2009 وهي في عام 2011 استهلكت 22% من الموازنة اي ان هناك زيادة في الانفاق على الرعاية الاولية تنسجم مع توجهاتنا وتضحد الادعاءات اننا نركز على المستشفيات, الازمة هنا ليست مالية وانما ازمة من نوع اخر.
11) بخصوص هيكلية وزارة الصحة ، لماذا كل هذا الكلام بخصوصها ، ما موضوع هيكلية غزة ، هل هناك تعيينات جديدة هذا العام سواء في الضفة او غزة ؟ وهل تتابعون موضوع الدرجات والعلاوات وغيرها من حقوق الموظفين ؟
لم يكن لوزارة الصحة هيكلية حتى عام 2008 وعندما وضعنا هيكلية وسكنا الناس عليها وثبتنا حقوقهم لم يرق ذلك للبعض، هيكلية غزة جزء من هيكلية الوزارة ككل لكن التسكين على الهيكلية لموظفي الوزارة في غزة تعطل بسبب الوضع الشاذ القائم هناك.
اما بخصوص التعيينات، نعم هناك تعيينات في وزارة الصحة لهذا العام ليست بالحجم المطلوب ولكنها كافية لإراحة الوضع القائم، التعينات ستتركز في المحافظات الشمالية اي الضفة ولا تعينات في غزة قبل المصالحة.
اما بخصوص الدرجات والعلاوات وباقي الحقوق فهي تعالج بشكل مهني ولكافة العاملين في غزة او في الضفة ولا تأخير باي معاملة وما تم انجازة من معاملات خلال السنوات الخمس السابقة غير مسبوق وما يثار هنا وهناك من ضجة فهو مفتعل وغير حقيقي ومن له معاملة متأخرة فليراجعني مباشرة.
12)بصراحة ، كيف هي علاقتكم بالدكتور سلام فياض ، هل هناك تناغم في الاداء ام ان العلاقة في اتجاه اخر ؟
مريحة جداً وايجابية فهي علاقة عمادها المهنية العالية والثقة المتبادلة والشفافية المطلقة، العمل مع الدكتور سلام فيه متعة وتحدي وانجاز.
13)كلمة اخيره توجهها لابناء شعبك خاصة المرضى منهم .
نحن نبني مؤسسات دولة ونحتاج لتكاتف كافة الجهود ونحتاج لتفهم المواطن لامكاناتنا، لا بد من كنس الاحتلال حتى نستطيع التكلم عن تنمية حقيقية واستدامة لعملنا وما نقوم به من بناء، الطريق قد يكون طويل ولكنه واضح فنحن كشعب اصيل ناضل ويناضل ولا بد ان يحقق اماله وينتصر.