بيغن.. السادات.. كارتر.. 3 توائم إسرائيلية تحمل أسماء مهندسي اتفاقية السلام

بيغن.. السادات.. كارتر.. ثلاثة توائم إسرائيلية لعامل بناء من 'عرب 48'، ولدوا في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية قبل ما يربو على 31 عاماً، فكما أن الشخصيات الثلاث التي وقّعت على اتفاقية السلام عام 79 كانت الرئيس المصري أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن، والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، أصرّ عامل البناء الإسرائيلي البسيط إبراهيم القدصة على الاحتفال بهذه المناسبة بطريقته الخاصة، عندما أطلق أسماء مهندسي اتفاقية السلام على أبنائه الثلاثة.



وبعد سنوات طوال لقى بيغن القدصة حتفه رمياً بالرصاص، على خلفية مشاجرة مع زملائه في الحي الذي يقيم به، بينما يقضي السادات فترة محكوميته في أحد السجون الإسرائيلية، أما كارتر فمازال على قيد الحياة إلا أنه يعيش ظروفاً اجتماعية عصيبة لا تختلف كثيراً عن حياة أسرته الفقيرة.

قصة تراجيدية

تحت عنوان 'قصة تراجيدية' سردت صحيفة 'معاريف' العبرية قصة من وصفتهم بـ'ثلاثي السلام'، مشيرة إلى أن والد التوائم الثلاثة البالغ من العمر حالياً 54 عاماً، كان يحلُم بإرساء السلام في المنطقة، وخلال زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات لإسرائيل كانت زوجته حيتام القدصة تحمل في أحشائها ثلاثة توائم، ولم تضعهم إلا بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بعشرة أيام، فقرر الأب إطلاق اسم مهندسي اتفاق السلام على أبنائه الثلاثة، تعبيراً منه عن سعادته بتلك الاتفاقية.



وعن ذلك يقول: 'كنت أتوق إلى التوصل لاتفاق يُفضي إلى عملية سلام، خاصة بين مصر وإسرائيل، فالحرب التي نشبت بينهما في 67 و73 بغض النظر عن نتيجة كلتيهما، أفقدت الطرفين الكثير من الأرواح، ما استدعى ضرورة إحلال السلام، حقناً للدماء وضماناً لاستقرار الشعوب، وكان الرئيس المصري أنور السادات سباقاً لهذه الخطوة حينما قرر زيارة إسرائيل، وإلقاء خطابه الشهير من فوق منصة الكنيست، مُمرراً بذلك قراراً يقضي بصنع السلام وحقن الدماء التي أسالتها المعارك والحروب الضارية على مر السنين'.



وعن لحظة ولادة بيغن والسادات وكارتر، عاد إبراهيم القدصة بذاكرته إلى الوراء مشيراً إلى أن الطبيب الذي أشرف على عملية ولادة زوجته أصيب بدهشة بالغة عندما سمع قراره الرامي إلى إطلاق أسماء بيغن والسادات وكارتر على توائمه الثلاثة، ولكن هذه الدهشة لم تدم طويلاً عندما أكد له الأب أن هذا القرار اقل طريقة يمكن التعبير بها عن فرحته بتوقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر، ولم يكن حماس الأب لاتخاذ هذا القرار أقل من زوجته حيتام التي أعربت عن فرحتها باختيار أسماء توائمها الثلاثة انطلاقاً من هذا المنظور.



وكغيرهم من أبناء مدينة اللد عاش التوائم الثلاثة حياة بسيطة لا تختلف كثيراً عن حياة أسرتهم، فالأب عامل بناء بسيط يتقاضى حالياً 5000 شيكل إسرائيلي، ويقيم مع أسرته في شقة مكونة من غرفتين، ورغم انه أنجب من زوجته أبناء غير بيغن والسادات وكارتر، إلا أن التوائم الثلاثة ظلوا شاهداً على ذكرى اتفاق السلام التاريخي بين مصر وإسرائيل.

الظروف المعيشية السيئة

وقبل أيام أتت الرياح بما لا تشتهي أسرة القدصة، فخلال مشاجرة نشبت بين بيغن وأصدقائه في مدينة اللد أطلق أحدهم النار على ساقه اليمنى، قاصداً بحسب التحقيقات التي جرت في ما بعد إصابته، إلا أن العيار الناري أصاب شرياناً رئيسياً في ساقه، الأمر الذي ترتب عليه إصابته بنزف داخلي لقي حتفه على أثره.



وفي أجواء يسودها الحزن والأسى وقف الأب إبراهيم يتلقى واجب العزاء في ولده الذي يحمل اسم أحد أضلاع مثلث السلام، ويحكي لـ'معاريف' كيف أن مشاجرة عابرة أفقدته أحد توائمه البالغ من العمر 31 عاماً، وبغض النظر عن العبارات التي امتدح بها إبراهيم القدصة فقيده وعدّد بها مآثره، استندت الصحيفة العبرية إلى التحقيقات التي جرت حول الحادث.



وأشارت الصحيفة إلى أن بيغن كان قد أغوى أحد أصدقائه البالغ من العمر 19 عاماً على إدمان المشروبات الكحولية، وعندما علمت أسرة صديقه بأن بيغن هو محرضه قرر أحد أبنائها الانتقام منه، وبعد مشاجرة نشبت بين الطرفين أصيب بيغن بعيار ناري في ساقه، كان المقصود منه مجرد تأديبه، إلا انه أفقده حياته إلى الأبد.



ووفقاً لما جاء في تحريات شرطة مدينة اللد، كانت الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها أسرة القدصة سبباً في النهاية الدراماتيكية لبيغن، فانشغال الأب في عمله البسيط ليوفر قوت أبنائه البالغ عددهم ثمانية، الأمر الذي أجبره على الغياب عن المنزل فترات طويلة، ما ترك الأبناء بلا رقيب.



وتضيف التحريات أن نهاية بيغن الدراماتيكية كانت شبيهة بحال شقيقه السادات مع الاختلاف النسبي، حيث يقضي الأخير فترة عقوبة بالسجن في أحد المعتقلات الإسرائيلية بعد إدانته بقتل أحد أصدقائه من منطقة نهاريا بآلة حادة، ومن المقرر أن ينهي السادات فترة محكوميته في غضون شهرين.



وإذا كان التوأم الثالث كارتر مازال على قيد الحياة وبعيداً عن ظلمات السجون، فإنه يعاني هو الآخر من ظروف معيشية طاحنة، شأنه في ذلك شأن أسرته، غير أن أصدقاء أسرته وجيرانه في مدينة اللد يكنون له احتراماً وتقديراً، نظراً لأخلاقه وحسن سيره وسلوكه، بحسب 'معاريف'.