ا فداء دبلان وحقوق الإنسان

ا فداء دبلان وحقوق الإنسان
بقلم / نشأت الوحيدي

قرأت في الصحف ، وعبر وسائل الإعلام المختلفة ، وسمعت عبر الهاتف عن قصة ليست بالغريبة في ظل ما وصل إليه حالنا الفلسطيني حيث تكاد المشاعر الإنسانية تغادرنا دون رحمة أو استئذان وفي الغالب بسبب الشرذمة والإنقسام الذي آلت إليه الحال الفلسطينية الجريحة .

وصل حالنا الفلسطيني إلى أسوأ أحواله فالإنقسام استشرى في الجسد والفكرة وفي وجهات النظر الإنسانية ، والقانونية ، وبات ينخر كالسوس في العلاقات الإجتماعية والمجتمعية دون كلمة حق تصدح في زمن بتنا لا نعرف فيه طعما أو رائحة لحقوق الإنسان وخاصة على الصعيد المحلي .

إنها قصة وقضية السيدة فداء دبلان التي تعاند صنوف الدهر والجور والظلم ولوعة فراق الأبناء منذ تاريخ 23 / 1 / 2006م حتى يومنا هذا .
فداء عبد اللطيف دبلان رضوان من مواليد 1964م ، ومتزوجة منذ العام 2001م وبلدتها الأصلية هي " عزون " قضاء قلقيلية وتقيم حاليا في بيت عائلتها بقلقيلية وافترقت قسرا عن ولديها بتاريخ 23 / 1 / 2006م حيث كانت لحظة فراق فداء للأبناء ودون وداع في غزة .
وولديها هما فاروق من مواليد 23 / 7 / 2002م ، وهارون من مواليد 21 / 8 / 2003م وقد تم تغيير اسميهما دون علم والدتهما فداء .

كتب الجميع في قضية السيدة فداء دبلان ، وأبدع الجميع في التضامن الكتابي معها من حيث العنوان ، والمضمون .. فأما الخاتمة فلا يعلمها إلاّ الله عز وجل .. فهل تلتقي السيدة دبلان بابنيها الذين تم تغيير اسميهما دون علمها " حسب إفادتها " وإفادة شقيقها السيد وليد دبلان لي عبر الهاتف والمقيم في المملكة الأردنية الهاشمية والذي حضر للضفة الغربية لمتابعة قضية شقيقته التي فقدت أبنائها نتيجة لاستهتار وعدوان من نوع آخر حل على أمومة السيدة دبلان .

فداء دبلان .. كانت أما لفاروق ، وهارون .. وفجأة ودون علمها أصبحت أما لتوفيق ومحمد حيث استبدل والدهما أسمائهما بأسماء جديدة بعد مسيرة الفراق والإبعاد التي حظيت بها أمهما .





استنجدت الأم بمؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والعربية في قطاع غزة وخارجه
واستنجدت بالنخبة من ذوي القرار في فلسطين وخارجها وصرخت تطلب نسيما من رائحة أبنائها في ظل الخريف الذي يحياه الشعب الفلسطيني بسبب الإنقسام الذي يسير أماما بنا إلى الوراء ولكن أسمعت إذ ناديت حيا ، ولكن لا حياة لمن تنادي .

استغاثت الأم فداء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي احتفل به العالم وكأنه خلص شعبنا الفلسطيني من ويلات وعثرات ونكبات الدهر ، كما استغاثت بالحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة من خلال رسائل وجهت للقائمين على الحملة وإلى المحتفلين بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويا أبو زيد كأنك ما غزيت . فإنه وكما يبدو فإن الإستجابة لصرخات النساء قد انتهت منذ عهد المعتصم بالله وربما حال منظمات حقوق الإنسان ودورها في نصرة الحقوق بات حبرا على ورق وربما أشد مضاضة من الظلم الذي أحيق بنصف البرتقالة الفلسطينية .

مؤتمرات وندوات وورش عمل عقيمة باتت في شكلها الحالي لا تسمن ولا تغني عن جوع .. أما من صرخة حضارية في وجه القانون لإحقاق حقوق الأمومة التي باتت كالشاخص لاستهتار البعض من أولياء الأمور والقرار ومن ملكت أيمانهم نصرة لأم تكاد تطحنها الدموع وآلام فراق ولديها رغما عنها ..

أما من لحظة إنسانية يتحلى بها الأب بإفساح المجال أمام أم تتلهف لإحتضان ولديها اللذين افترقت عنهما قسرا مع استذكار ابتهال رسولنا الكريم " صلعم " لله عزوجل والذي قال فيه : " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي ، وهواني على الناس .. يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ .."

السؤال بات هو نفس السؤال الذي وجهته السيدة المكلومة فداء دبلان للجميع وخاصة للنخبة من ذوي القرار وهو " كيف أثبت لكم أنني أم " وذلك خلال لقاء معها وعلى الهواء مباشرة في قناة الآن الفضائية اليوم الجمعة الموافق 18 / ديسمبر من العام الحالي 2009م ... وكانت دموع الأم في عينيها تنادي أبنائها للحظة دفء ولقاء بعد فراق وإبعاد ...

كلمات ورسائل في كلمات تجول في خاطري على لسان الأبناء الذين من المؤكد يحنون لأمهم كباقي أبناء العالم وهي " من فاروق وهارون إلى ساحات القضاء المسؤولة ... من أبناء يحنون إلى أمهم .. إلى أنصار الأمومة والطفولة .. نبعث إليكم يا دعاة الحقوق في زمن الألسنة الخجولة ... نبعث إليكم برسالة البراءة وبأسماء معقولة .. علمونا كيف نلعب في ليلة عيد الميلاد .. وكيف نرسم البسمة على وجه الأم الجليلة ... علمونا كيف نحيا بلا خوف أو فراق فليس لنا قوة ولا حيلة .. علمونا كيف نكون سفراءا للنوايا الحسنة .. وكيف نقهر السيدة الغولة " .

صرخة فداء ، وحنين الأبناء .. فهل من مجيب .. ولا أريد أن أطيل فلقد كتب الجميع وما زالوا يكتبون عن ملحمة فداء دبلان الكاتبة ، والحقوقية الفلسطينية الصامدة بانتظار لقياها بولديها الصغيرين فاروق ، وهارون في ظل وحدة فلسطينية تنهل من ألوان أربعة يتزين بها العلم الفلسطيني ..

فداء واحد من المليون والنصف مليون تدفع ثمن الانقسام