مصادر ديبلوماسية تقلّل شأن كلام ميتشل عن رفض التوطين

تميزت زيارة المبعوث الاميركي الخاص لعملية السلام الى الشرق الاوسط جورج ميتشل لبيروت بثلاث، اولا: امتناعه عن الكلام بعد اجتماعه بكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء ووزير الخارجية والمغتربين على رغم حشد من المراسلين والمصورين انتظره في قصر بسترس وتقلص عدده في بعبدا وعين التينة و"بيت الوسط". وهو لم يمانع في التقاط الصور، مفضّلاً ذلك على الإدلاء ببيان والرد على الاسئلة الصحافية الكثيرة التي كانت ستطرح عليه.
واللافت ان السفارة الاميركية هي التي تحدثت عنه وبثت بيانها الخطي فيما كان لا يزال مجتمعا مع الرئيس ميشال سليمان وقبل لقائه الرئيس نبيه بري. ولا يختلف مضمون البيان عموماً عما أبلغه من عزم الرئيس باراك اوباما على سعيه الدؤوب الهادف الى تنفيذ رؤيته للسلام في الشرق الاوسط. وأكد ميتشل خلال لقاءاته المسؤولين ان جولته ترمي الى تفعيل المساعي على رغم صعوبتها وتعقيداتها.
ولم يعطَ اي تفسير لصمت ميتشل، ونقل عن بعض المسؤولين انه كان في مقابلاته مستمعا اكثر منه متحدثا. ولم يعرف ايضا ما اذا كان سيبقى على صمته في كل من دمشق وتل ابيب ورام الله. ورفض عضو في الوفد الذي رافقه تأكيد او نفي ما اذا كان امتناع ميتشل عن التحدث الى وسائل الاعلام تجنبا للادلاء بتصريحات قد لا تساعده في مهمته الحالية وخصوصاً مع المسؤولين الاسرائيليين - كما حصل معه خلال حديث تلفزيوني ادلى به قبل نحو عشرة ايام لشبكة تلفزيونية اميركية من ان عقوبات قد تفرض على اسرائيل اذا أصرّت على رفضها تسهيل التوصل الى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، مما استدعى توضيحا من البيت الابيض ينفي ذلك.
ثانياً: اجمع المسؤولون على ان ميتشل بدا خلال محادثاته انه في منتهى التهذيب وبرهن عن تمتعه بديبلوماسية عالية وهادئة في كل ما طرح عليه.
ثالثاً: أنه حجب عن المسؤولين طبيعة الافكار التي سيناقشها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للتغلب على عقبة وقف الاستيطان، وما اذا كان هناك من مخرج يحمله يرضي الطرفين ام لا، مع جدول اعمال متفق عليه مسبقا مع كل منهما يشمل انشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية تعيش بسلام جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل، اللاجئين، الحدود وترسيمها، المياه وقضايا اخرى؟ وبرر العضو عينه تعمّد المبعوث الخاص التكتم بأن ميتشل لا يريد البوح بالافكار والمقترحات قبل طرحها ومناقشتها مع الطرفين المعنيين.
رابعاً: انخفض وزن نتائج محادثاته عندما نقل عنه انه حرص على ان يبدأ جولته في بيروت مع ان الفاصل الزمني بين الزيارة التي قام بها الرئيس سليمان لواشنطن وزيارته هو الى بيروت ليس بعيداً. وفسّر ذلك بان الزيارة هي لرفع العتب الذي قد يصدر عن مسؤولين لجهة عدم التشاور مع لبنان كونه شريكاً معنياً في أي عملية للتسوية في المنطقة.
ورأت مصادر ديبلوماسية ان أي "وهج" لمحادثات ميتشل لم يتحقق، إذ لم يناقش اي ملف يهم لبنان في حال اشتراكه لاستئناف مساعيه لمعاودة المفاوضات على المسارات الثلاثة الفلسطيني والاسرائيلي واللبناني انطلاقا من بيروت.
وقلّلت اهمية ما ابلغه من ان بلاده "لن توافق على اي خطوة لفرض التوطين"، إذ اعتبرت ذلك مجرد كلام ليس الاول من نوعه إذ سبق للسفير الاميركي السابق جيفري فيلتمان ان كرره لا سيما في الفترة التي سبقت مغادرته نهائيا مقر عمله سفيراً لبلاده لدى لبنان، وهو حاليا يرسم من مكتبه في الخارجية مساعداً لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى ما يجب ان تعتمده بلاده بالنسبة الى سياستها في لبنان.
اما التأكيد الاميركي الآخر من ان اي حل لن يكون على حساب لبنان، فهو عام وغامض وغير عملي لان التجربة مع واشنطن غير مشجعة، فهي مثلا لم تستطع ارغام اسرائيل على وقف انتهاكاتها اليومية بخروقها السيادة الجوية تنفيذاً للقرار 1701، وابقت احتلالها لجزء من الاراضي التي تحتلها منذ عقدين وآخرها شمال بلدة الغجر.
واستغربت اثارة موضوع اجراءات التفتيش الالزامي للمسافر اللبناني عبر المطارات الاميركية مع المبعوث الاميركي، وكذلك مشروع قانون معاقبة بعض المحطات التلفزيونية اللبنانية والعربية، موضحة ان ميتشل ليس هو المسؤول عن مثل هذه التدابير، مع الاشارة الى ان مستشار الامن القومي الاميركي ديفيد جونز الذي زار بيروت الاسبوع الماضي وُضع في صورة الاجواء ودعي الى المساعدة في معالجتها.