عبد الله داود: بطل الحصار يلقي سلاحه

عزفت الفرقة الموسيقية العسكرية الحزينة لحن الوداع الأخير، ووضع جثمان عبد الله داود في مقبرة مليئة بالقبور كثير منها لشهداء بعضهم من رفاق السلاح.

وحول القبر احتشد مئات الرجال من رفاق داود الذي قضى بعد عملية في قلبه في احد مستشفيات الجزائر وفي المحيط وقف الآلاف، وأطلقت فرقة مكونة من سبعة عساكر 21 طلقة تحية لرجل الأمن الذي ابعد عن الأراضي الفلسطينية عام 2002 بعد حصار كنيسة المهد في بيت لحم.

وشيع آلاف وصولوا مختلف المحافظات اليوم، جثمان داود إلى مثواه الأخير في مخيم بلاطة للاجئين بحضور رسمي من مختلف صوف العمل السياسي.

وكان أعلن عن وفاة داود (48 عاما) في احد مستشفيات الجزائر قبل اثر خضوعه لعملية جراحية بسبب نزيف حاد في القلب وانفجار الشريان التاجي.

وكان الرجل الذي يحظى بحب جم من رفاق السلاح لجا هو والعشرات إلى الكنيسة أثناء عملية جيش الاحتلال في الضفة الغربية عام 2002 التي أطلق عليها' السور الواقي'، لذلك أمكن اليوم، رؤية العشرات من ضباط الأمن يواكبون جنازة إبراهيم الذي عمل مديرا لجهاز المخابرات في بيت لحم قبل أن يبعد.

وواكب العشرات منهم الموكب منذ لحظة تسلم الجثمان في شارع القدس عند المدخل الجنوبي لنابلس، واشهر رجال الأمن الذي تعلقوا بحواف مركباتهم سلاحهم للأعلى.

ومثل مؤسسات السلطة أعضاء من صفوفها الأولى في التشييع، وشارك أكثر من 10 أعضاء من لجنة فتح المركزية، وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومحافظون.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول الذي مثل الرئيس محمود عباس في التشييع، أن داود انتمى للقطاع الغربي وعمل كمقاتل بكل ما استطاع من قوة، وهو من المناضلين الذين كرسوا كل تفاصيل حياتهم من اجل الشعب والأرض.

كان داود أبعد المرة الأولى بالعام 1992 إثر حصار الجيش الإسرائيلي لجامعة النجاح الوطنية لعدة أيام، وفي مخيم بلاطة يعرف الرجل على انه احد الشبان الذين قادوا الانتفاضة الأولى وطورد في الجبال.

وقال العالول الذي تلا بيان ارتجاليا أبن فيه الراحل وسط الحشود التي حضرت التشييع 'رأيناه وهو يحاصر أياما عديدة في جامعة النجاح وابعد بعد ذلك إلى خارج الوطن. كان أكثر الناس قربا إلى ياسر عرفات. لقد أحبه'.

وقضى داوود عدة سنوات في الأبعاد الأول.

وقال العالول 'عاد إلى ارض الوطن، إلى مسقط رأسه في مخيم بلاطة مثلما أراد، لكن عبد الله على ما يبدو كان رجل الحصار مرة أخرى، عندما حوصر في كنسية المهد دفاعا عن المقدسات والشعب'.

ووصل الجثمان قادما من الأردن الأراضي الفلسطينية صباح اليوم (الأحد) يرافقه عدد من أقارب داود، ونقل إلى مدينة نابلس حيث أجريت له جنازة عسكرية كبيرة، شاركت فيها عشرات المركبات العسكرية، ومئات من أفراد الأمن الذين ينتمون لتشكيلات مختلفة.

وضجت شوارع نابلس بحركة غير اعتيادية، وسار رتل طويل من مركبات أجهزة الأمن في شوارعها، وفي مركبة متقدمة وضع جثمان داوود أحاط به ست من رجال الأمن.

عند مداخل مخيم بلاطة احتشد آلاف من مواطني المخيم بانتظار وصول الجثمان. وحمل الشبان والفتية أعلام فلسطينية ورايات لحركة فتح التي ينتمي إليها الراحل، وشوهد أفراد الأمن يتراكضون في شتى الاتجاهات، وأغلقت الشرطة بعض الشوارع لإتاحة المجال أمام موكب التشييع للمرور.

وقال العالول فيما كان صوت لحن حزين يصدح في المقبرة 'عبد الله عاش عذابا في المنفى. عاش عذابا غير عادي ليعود شهيد مرة أخرى إلى هذا الوطن، لأنه لا فرق عند المناضلين كيف يعودوا، المهم أن يعودوا'.

قرب مداخل المخيم حمل داود على اكتف رجال الأمن الذي بصعوبة ساروا بين الحشود. وفي المقبرة تعالت الأصوات مثل كل مرة يسقط فيها شهيد.

وذرفت النسوة الدموع، وطغى الحزن على وقع لحن الوداع الأخير في وداع رجل قضى حياته أما مطاردا أو محاصرا أو منفيا.