الواشنطن بوست: لتحقيق السلام يجب على اوباما القيام برحلة جريئة للشرق الأوسط

قالت صحيفة الواشنطن بوست، اليوم، إنه يتعين على الرئيس الأميركي باراك اوباما 'السفر إلى الكنيست في القدس، وإلى المجلس التشريعي في رام الله ليدعو كلا الجانبين إلى التفاوض حول اتفاق الوضع النهائي في إطار محدد للسلام، وعلى أوباما القيام بهذه الزيارة برفقة زعماء عرب وأعضاء اللجنة الرباعية المشاركة والمنخرطة في عملية السلام'.

وأضافت الصحيفة 'يلي هذه الخطوة، خطاب لأوباما في البلدة القديمة في القدس، موجه إلى جميع الناس في المنطقة على غرار خطابه في القاهرة عام 2009، خطوة كهذه قد تشكل الذروة في العمل من أجل السلام. هكذا جهد سوف يعزز من قوة اوباما'.



وفيما يلي نصل المقال بقلم زبيغنيو بريجنسكي وستيفان سولارتز:

قبل ثلاثة عقود، متحدثا عن بلدة مصرية كانت تعتبر منفذ إسرائيل الوحيد على البحر الأحمر آنذاك، قال رجل الدولة الإسرائيلي موشيه دايان أنه يفضل الحصول على شرم الشيخ بلا سلام على سلام بدون شرم الشيخ، ولو أن وجهة النظر هذه لا زالت قائمة، لما زالت مصر وإسرائيل في حالة حرب إلى يومنا هذا .

نتنياهو اليوم يكرر كلام دايان عن القدس، أي أنه يفضل السيطرة على كل القدس بدون سلام أفضل من الحصول على السلام بدون القدس كاملة، وهذا أمر مؤسف لأن السلام الشامل ليس في مصلحة جميع الأطراف. بل هو في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، لأن الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والحصار المفروض على قطاع غزة، يعززان من استياء وازدراء المسلمين تجاه الولايات المتحدة، الأمر الذي يصعب على إدارة اوباما المضي قدما في تنفيذ أهدافها الدبلوماسية والعسكرية في المنطقة .

السلام في مصلحة إسرائيل، أيهود باراك قال مؤخرا أن غياب حل الدولتين هو أكبر تهديد يواجه مستقبل إسرائيل، وهو أخطر من القنبلة النووية الإيرانية، مضيفا أن الاتفاق يقع في مصلحة الفلسطينيين الذين يستحقون العيش بسلام وكرامة في دولة فلسطينية.

ومع ذلك، فإن الكشف عن اقتراح سلام أمريكي، لم يعد أمراً كافيا، ولا يمكن إلا للفته جريئة، ضمن ترتيب تاريخي هام، تطلق الزخم المطلوب لإنجاز اختراق وتقدم كبير. فزيارة أنور السادات الجريئة قبل ثلاثة عقود إلى القدس أدت إلى تعبيد الطريق لاتفاقيات كامب ديفيد بين البلدين. وبالمثل، يتعين على الرئيس أوباما السفر إلى الكنيست في القدس، وإلى المجلس التشريعي في رام الله ليدعو كلا الجانبين إلى التفاوض حول اتفاق الوضع النهائي في إطار محدد للسلام، وعلى أوباما القيام بهذه الزيارة برفقة زعماء عرب وأعضاء اللجنة الرباعية المشاركة والمنخرطة في عملية السلام.

يلي هذه الخطوة، خطاب لأوباما في البلدة القديمة في القدس، موجه إلى جميع الناس في المنطقة على غرار خطابه في القاهرة عام 2009، خطوة كهذه قد تشكل الذروة في العمل من اجل السلام. هكذا جهد سوف يعزز من قوة اوباما.

اوباما يشخص السياسة ويسعى لاستغلال الخطابة، والترتيبات المثيرة بغية تحطيم الجمود، للخروج برؤية مقنعة للمستقبل ولبث الثقة في جمهوره.

الخطوط العريضة لخطة اوباما للسلام العادل والشمل معروفة للجميع:

إيجاد حل شامل لمشكلة اللاجئين يشتمل على التعويض وإعادة التوطين في دولة فلسطين ولكن ليست في دولة في إسرائيل. هذا هو الدواء المر للفلسطينيين، ولكن لا يمكن التوقع من إسرائيل الانتحار السياسي من اجل السلام.

شراكة حقيقية في القدس كعاصمة لكل من الدولتين، مع بعض الترتيبات الدولية للبلدة القديمة.. هذا هو الدواء المر بالنسبة للإسرائيليين، لأنه يعني القبول بأن الأحياء العربية في القدس الشرقية ستصبح عاصمة لفلسطين.

التوصل إلى تسوية إقليمية على أساس حدود 1967 مع تعديلات حدودية متبادلة ومتساوية للسماح بدمج اكبر المستوطنات في الضفة الغربية لإسرائيل.

دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بوجود قوات أمريكية أو قوات من حلف الناتو على حدود نهر الأردن لضمان اكبر من الأمن لإسرائيل.

وقد أيدت اللجنة الرباعية معظم هذه العناصر والموجودة أصلا في خطة السلام العربية، كما كان أيهود باراك وايهود اولمرت قد تبنياها في وقت سابق.

بالنسبة للإسرائيليين الذين يشككون في رغبة الفلسطينيين والعرب في صنع السلام معهم، فإن خطة اوباما توفر رؤية جدية وكبيرة لاحتمالات السلام الحقيقي، مما يسهل على القيادة الإسرائيلية اتخاذ اللازم والقبول بالحلول الوسط.



وبالنسبة للفلسطينيين، فإن الخطة توفر الغطاء السياسي لهم لقبول قرار يحول دون عودة أعداد كبيرة من اللاجئين إلى إسرائيل، والقادة الفلسطينيون يدركون أن أي اتفاق سلام لن يكون ممكنا دون التخلي، عما كان يعتبره العديد من الفلسطينيين حقا مقدسا ألا وهو: حق العودة.

والقيادة الفلسطينية يمكنها فقط إجراء هذا التحول في سياق اتفاق شامل يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مع القدس الشرقية لها، وهذا التحول سيكون مدعوما من دول عربية أخرى.

بالنسبة للعرب، فإن هكذا خطة وإجراءات ستضفي الشرعية على مبادرتهم الدبلوماسية المنصوص عليها في خطة السلام العربية التي تبنتها وطرحتها جامعة الدول العربية قبل ثمانية سنوات، وعلاوة على ذلك فإن دعم العرب لأوباما في هذا الجهد سيكون إسهاما حيويا في حل الصراع.

وأخيرا بالنسبة لأوباما نفسه، فإن هذه الخطوة ستكون بمثابة انتصار لدبلوماسيته وسياسته، فإحضار الزعماء العرب والرباعية معه إلى القدس ورام الله لتأييد خطته سينظر إليها باعتبارها مثالا قويا للقيادة في التعامل مع النزاع الذي طال أمده.

وبما أنه من غير المتصور أن ترفض الحكومة الإسرائيلية عرض أوباما لجمع القادة العرب في عاصمتها، فإنه يمكن توقع الترحيب من قبل أصدقاء إسرائيل الأميركيين بخطوة أوباما.

وبالطبع، فإنه يمكن رفض هذا الاقتراح جملة وتفصيلا، وإذا رفض الفلسطينيون والإسرائيليون قبول هذه الصيغة الأساسية كنقطة انطلاق للمفاوضات، فإن على إدارة أوباما أن تكون جاهزة لمتابعة مبادرتها عبر وسائل مختلفة، ولا يمكن حينها الوقوف مكتوفي الأيدي، كما كان الحال عندما رفض نتنياهو مطالب أوباما بتجميد الاستيطان، وعندما تهرب العرب من مقترحاته لمبادرات بناء الثقة.

وفقا لذلك، فإن على الإدارة الأميركية أن تنقل إلى الأطراف، أنه في حالة رفض أحدهما أوكلاهما هذا العرض، فإن الولايات المتحدة ستتوجه إلى مجلس الأمن للحصول على موافقة من أجل تحقيق السلام، ما قد يولد ضغوطا في جميع أنحاء العالم على الطرف الرافض.

لحسن الحظ، فإن استطلاعات الرأي في إسرائيل تشير إلى أنه على الرغم من غالبية الإسرائيليين ترغب في الحفاظ على القدس موحدة، فإنهم يفضلون السلام دون كل القدس، على قدس موحدة بدون سلام، وبالمثل، فبالرغم من انقسام الفلسطينيين، والمتطرفون من حركة حماس الذين يسيطرون على قطاع غزة، فإن غالبية الفلسطينيين يفضلون حل الدولتين، وقيادتهم في رام الله تلتزم علنا في تحقيق هذه النتيجة.

لقد حان الوقت، ولو متأخرا جدا، ولكل الأطراف؛ إسرائيليون وفلسطينيون وأميركيون لاتخاذ قرار تاريخي لتحويل حل الدولتين إلى واقع الدولتين. ولكن لكي يحدث ذلك فإن على اوباما أتباع إستراتيجية بعيدة النظر مع جرأة تاريخية