فقراء غزة يتذمرون من تقليص المساعدات الإغاثية وتأخرها

لـم يقتنع الـمواطن إبراهيم الأدهمي بتبريرات ساقها أحد الـموظفين في إحدى الـمؤسسات الـمحلية حول قيام الـمؤسسات والجمعيات بتحويل برامجها من إغاثية إلى تنموية.



وانتقد الأدهمي (37 عاماً) هذا الأسلوب في الوقت الحالي لأنه يمس شريحةً كبيرةً من الـمواطنين الفقراء والـمتعطلين عن العمل وهم بحاجة إلى إغاثات عاجلة تقيهم الفقر والعوز، مؤكداً أنه يتردد باستمرار على هذه الـمؤسسات، لأنه لا يستطيع الاستغناء عن الـمساعدات الطارئة التي انقطعت منذ أكثر من سبعة أشهر، باستثناء مساعدة دورية يحصل عليها من وكالة الغوث.



وسأل الأدهمي الـموظف عن الجديد الذي طرأ على الـمواطنين كي تحول جميع الـمؤسسات برامجها الإغاثية إلى تنموية، وقال هل رفع الحصار أم توفرت فرص عمل للفقراء الـمتعطلين عن العمل؟.

وشكك في هذه السياسة ووصفها بالـمدمرة والـمضرة بالفقراء، داعياً الـمؤسسات إلى العودة لتبني البرامج الإغاثية في هذه الـمرحلة.



ووافقت الشابة تهاني في أواخر العشرينيات على كلام الأدهمي الذي كانت تستمع إليه خلال مشادة كلامية بينه وبين الـموظف، واعتبرت أن التراجع عن تقديم الـمساعدات الإغاثية ستكون له آثار كارثية على عائلتها التي تركها زوجها بعد أن تزوج بامرأة ثانية.



وأشارت إلى توقف الـمساعدات الإغاثية التي كانت تتلقاها لاسيما طرود الخضروات والـمواد الغذائية.



وأكدت تهاني التي تعيل خمسة من الأبناء أن تراجع هذه الـمساعدات أحدث فراغاً في قدرتها الـمادية وكبد عائلتها التي تعتاش على الـمساعدات والإعانات ديوناً كثيرة لن تستطيع تسديدها في ظل الظروف الحالية.



أما الـمواطن صبحي الدنة، فيشتكي من عدم تلقيه أية مساعدات إغاثية من الـمؤسسات منذ انتهاء شهر رمضان الـماضي.



وأكد الدنة في الأربعينيات من عمره أن جهوده للحصول على مساعدات باءت بالفشل خلال الأشهر الأخيرة، وقال إن جميع الـمؤسسات أخبرته أن مساعداتها الإغاثية ستقتصر على شهر رمضان فقط أو في حالات الكوارث.

ويصطحب الدنة أحد أبنائه الـمعاقين معه إلى الجمعيات آملاً إقناع القائمين عليها بمساعدته.



ويؤكد الـموظف أمجد الـمصري الذي استمع كثيراً للـمراجعين أن القرار ليس بيد مؤسسته وإنما هو نابع من سياسات الـمؤسسات الداعمة التي قررت أن تتجه إلى الـمشاريع التنموية.



وأشار الـمصري والـمراجعين إلى أن الـمؤسسات الداعمة تطلب وتفضل تمويل مشاريع تشغيلية وأخرى مدرة للدخل على حساب الـمشاريع الإغاثية، إضافة إلى مشاريع تشغيل الخريجين.



ولفت الـمصري الذي يعمل باحثاً اجتماعياً في ملتقى النجد التنموي إلى أن العام الـماضي كان استثنائياً بالنسبة لحجم الـمشاريع الإغاثية وذلك بسبب الحرب وتوابعها.



وانتقد شكوى الـمواطنين، مؤكداً أن جميع الفقراء يتلقون إعانات دائمة من مؤسستين كبيرتين في القطاع هما وكالة الغوث الدولية ومؤسسة أميركية أخرى.



ويتذمر القائمون على الـمؤسسات من الـمشاريع الإغاثية التي تستنفد جزءاً كبيراً من جهود الـموظفين والعاملين دون أجر.



وعلى عكس الـمواطنين الفقراء يبدي مدراء الـمؤسسات ارتياحهم من السياسة الجديدة للداعمين، مؤكدين أنها سوف تخدم الـمواطنين بشكل أفضل.



ويعتمد جزء كبير من مواطني القطاع في حياتهم وتدبير شؤونهم اليومية على الـمساعدات الـمباشرة التي تقدمها مؤسسات مختلفة، وأصبح كثيرون منهم غير قادرين على الاستغناء عن هذه الـمساعدات بسبب اعتيادهم عليها، كما يؤكد الشاب مجدي في الثلاثينيات، الذي يجوب العشرات من الـمؤسسات يومياً بحثاً عن فرصة تشغيل مؤقتة، أو طرد يضاف إلى حصة شهرية من التموين يحصل عليها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين.

وقال مجدي: إن الـمساعدات التي يحصل عليها أعفته من العمل، وكل ما يفعله هو التردد على مقار الـمؤسسات الدولية والـمحلية، مضيفاً إنه يصعب عليه ترك هذه العادة والاتجاه للبحث عن عمل قد يتعبه ولا يناسبه.

ويؤكد الخبير في عمل الـمؤسسات الدكتور عادل رزق أن الـمشاريع الإغاثية لحالات الطوارئ فقط ويجب ألا تكون سياسة دائمة لأنها تجلب الكوارث والكسل للـمواطنين وتجعلهم متسولين.



وأشار رزق إلى ضرورة إنهاء هذه السياسة التي تضر بالـمواطن والـمؤسسة، مشيداً في الوقت نفسه بخطوات بعض الـمؤسسات القاضية بالابتعاد عن تنفيذ الـمشاريع الإغاثية.



ودعا رزق الـمؤسسات الـمحلية والدولية إلى تبني مشاريع تحقق التنمية الـمستدامة في الـمناطق الأكثر فقراً وتهميشاً.



ويعترف رزق بحاجة شريحة معينة من الـمواطنين للـمساعدات الـمتواصلة لكنه يؤكد أهمية تقليصها وخلق مشاريع بديلة تحفظ لهم الكرامة وتجبرهم على العمل.