بالفعل هو زمن الحقيقة المشوهة، فمن منا لا يعرف محاولات إسرائيل المتكررة لقلب الحقائق وتزويرها، فبقدرة قادر تتحول الصواريخ الفلسطينية إلى صواريخ مميتة تضرب بشعب مظلوم وتعتدي عليهم، بينما يصنف القصف الإسرائيلي والتدمير والقتل وقلع الأشجار وسرقة المياه وما إلى ذلك، تحت خانة الدفاع عن النفس والحفاظ على البقاء.
إنه حقاً زمن التلاعب بالحقائق، فها هي صورة تلك الطفلة الغزية من بيت لاهيا التي تبكي 5 من أشقائها وأعمامها ممن استشهدوا في الرابع من يناير 2009 في الحرب الأخيرة على قطاع غزة توضع على غلاف مطبوعات جمعية الإغاثة الإسرائيلية للتبرع للفقراء على أنها طفلة إسرائيلية تحت عنوان: "أطعموا أطفال إسرائيل المشردين والجياع".
فلم تكتف إسرائيل بقتل أشقاء تلك الفتاة وأعمامها وشعبها بل استكثرت عليها بكاءهم كأنهم لا يستحقون ذلك، وهذه ليست المرة الأولى التي تعمل فيها إسرائيل على قلب الحقائق لصالحها؛ إذ اعتادت على ذلك وبكافة الوسائل الممكنة؛ فالظالم يصبح مظلوماً والقاتل يتحول إلى قتيل والسارق إلى صاحب حق والأمثلة على ذلك متعددة.
]
وهكذا تصل الحقيقة إلى الرأي العام العالمي وقد قلبت رأساً على عقب بما يفي بالمصالح والرواية والخطاب الإسرائيلي وبمساعدة وسائل إعلام قوية تنتقي المعلومات بدقة تامة وتجيرها إلى جانبها.
هذه هي إسرائيل وهذا ما تفعله، فالمصور الفلسطيني "فادي عدوان" ملتقط صورة الطفلة الفلسطينية المسروقة من قبل الجمعية الإسرائيلية يرفض ما قامت به هذه الجمعية بانتحال صورة الطفلة ويعتبر ذلك تعدياً على الحقوق الفكرية والإنسانية لكل من الطفلة والمصور من جهة واستهانة بالمأساة التي التقطت الصورة أثناءها من جهة أخرى.
وكان مكتشف هذه السرقة -بحسب عدوان- الصحفي الفلسطيني الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية خالد العمايرة الذي تابع القضية وقام بإخبار المصور بالأمر مما أثار امتعاضه وتصميمه على محاكمة هذه الجمعية لانتهاكها الحقيقة أولاً واستغلالها معاناة الفلسطينيين لأغراض أخرى ثانياً ولانتهاكها الحرية الفكرية وسرقة عمل المصور دون استئذانه ثالثاً.
[url=http://pal-mgtrb.com//uploads/images/MgTrB.de-c4049f1025.jpg]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لهذا فإن عدوان يفكر جدياً برفع دعوى قضائية على جمعية الإغاثة الإسرائيلية إذ يقول: "أنا أملك الدلائل الكافية لإدانتهم واستعادة حق الشعب الفلسطيني في الصورة التي تمثل معاناته وآلامه، فلم تكتف إسرائيل بحكوماتها وجيشها وإعلامها بقتل الفلسطينيين واغتصاب أراضيهم وقتل أطفالهم وتشريد نسائهم من بيوتهم وقلع أراضيهم وسرقة أعضاء أجسامهم وإنما تمادت هذه المرة باستخدام قصص عذاباتهم واستغلالها".
هذه الصورة التي تعد من أبرز الصور المتناولة للمعاناة الإنسانية الفلسطينية لم تنفذ من الانتحالات الإسرائيلية كغيرها من الحقائق والعادات والأطعمة والشراب والملبس فها هوذا الحمص يصبح إسرائيلياً والثوب الفلسطيني كذلك.. فماذا بقي بعد ليسرقوه؟