عميد مرضى الكلى جهاد عودة يدخل عامه الخامس والعشرين بالغسل

عميد مرضى الكلى جهاد عودة يدخل عامه الخامس والعشرين بالغسل
قدر الله غالب .. بهذه الكلمات المتواضعة استهل الأعزب" جهاد أبو عودة 40عاماً " من سكان خانيونس جنوب قطاع غزة والمصاب بالفشل الكلوي منذ أكثر من " 25عاماً " ، حديثه قائلاً ": بدأت حكايتي منذ عام 1982 بعد أن تعرضت للضرب من قبل جنود الاحتلال على إثر قيامي بإلقاء الحجارة عليهم ، وفي أعقاب ذلك تدهور وضعي الصحي حتى وصل بي الحال للإصابة بالفشل الكلوي في عام " 1984 " .

وأضاف عودة خلال لقاء ، وهو متواجد على أحد أسرة قسم مرضى الكلي في مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس يتلقى العلاج :" إنه أصيب بالمرض وهو يبلُغ من العمر " 13عاماً " ومن حينها يتلقى العلاج والمعروف بـ " الغسيل " ، حيث يأتي للمستشفى ثلاث مرات أسبوعياً ، وتستغرق عملية الغسيل أكثر من ثلاث ساعات في المرة الواحدة " .
أعزب

وأوضح أنه يعاني من ظروف معيشية صعبة بسبب مرضه من ناحية وعدم قدرته على العمل من ناحية أخرى ، مما أجبره للاستسلام أمام هذا الواقع وامتناعه عن الزواج بالمطلق "، ولا أحد يُعيله هو ووالدته البالغة من العمر " 70 عاماً " والتي تعيش معه بأحد غرف منزل شقيقه ، سوى بعض مساعدات الشؤون الاجتماعية التي تصرف شهرياً له ، في الوقت الذي يعاني أشقاؤه من ظروف مادية صعبة ، علاوة على إصابة أحدهم بحالة نفسية .

وأمام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه عودة لم يسأم من البحث عن متبرع له بكلى تضع حداً لمعاناته ، قائلاً " : توجهت لوزارة الصحة قبل عشرة أعوام لكي أحصل على متبرع كلى لكن جهودي باءت بالفشل ، وبعد ذلك توجهت لأحد الأشخاص لكي يتبرع لي بكلى لكني شعرت بأنه يستغل حاجتي للكلى ، لطلب مبالغ مالية كبيرة غير قادر على دفعها " .

ولفت عودة الذي ظهر على وجهه تجاعيد الكبر من هم دون سنه ، إلى جانب صغر قوام جسده الذي أنهكه المرض المزمن وقلة وزنه مقارنة بسنه ، إلى أنه يعاني من هشاشة في العظام بقدميه ويتلقى علاج بشكل مستمر ، ومن بين هذا العلاج ما بتعدى ثمن الحبة منه " 10 شواقل " وغير متوفر بغزة حيث يعمل هذا الدواء على إفراز الفسفورات في الجسد ، وأمام غلاء ثمن العلاج وعدم توفره بغزة توقف عن شرائه منذ فترة طويلة " .
عايش كباقي البشر..!!

وبعد مرور 25 عاماً على مرضه دون أي تغير يطرأ على حالته الصحية ، قال عودة بنبرة متشائمة وحزينة:" لم يعد لدي أمل بأي مستقبل لي ولا أريد شيء من الدنيا سوى موت ينتظرني بعد هذا العمر و هيني عايش كباقي البشر وما بقى قد يلي مضى "، بهذه العبارة البسيطة اختتم عودة حديثه معنا .
عميد مرضى الكلى

بدوره قال رئيس قسم مرضى الكلي والديليزة في مجمع ناصر الطبي د. محمود وادي بأن المريض عودة يعتبر أقدم مريض بقسم الكلى ، حيث يقوم بعملية الغسيل منذ افتتاح قسم الديليزة بالمجمع عام 1984، برفقة أربعة مرضى توفاهم الله ولم يتبق سواه، حتى أصبح يُطلق عليه عميد مرضى الكلى ، ليس فحسب على مستوى غزة بل لربما على مستوى عالمي ..!!

وأشار وادي " أن المريض عودة أصيب في بادئ الأمر بالتهابات شديدة نتيجة التهاب اللوز بشكل مستمر ، إلى جانب تعرض المريض لضرب من قبل جنود الاحتلال ، الأمر الذي أدى لحدوث فشل كلوي " بكليتيه " بعد أقل من عامين من الحادثة .
مراحل الإصابة بالفشل

وأوضح بأن مريض الفشل الكلوي يمر بعدة مراحل حتى يصل للإصابة بالفشل الكلوي وهذه المرحلة يصاب بها المريض بعد 12 عاماً من الإصابة به ، حيث يعاني المريض عودة من فيروس الكبد الوبائي ، ومع طول عملية الغسيل تتسبب في الإصابة بمرض " هشاشة العظام الكلوي " ، وفي حال حافظ المريض على صحته وابتعد عن الأكل الذي يتواجد به الفسفور والدسم العالي والكربوهيدرات ..إلخ ، إلى جانب الالتزام بالغسيل بشكل مستمر ومنتظم ، يتجنب بذلك الإصابة بفيروس الكبد الوبائي أو الوفاة ..

وأكد وادي بأنه لا يستحسن زراعة كلى للمريض عودة بسبب إصابته بفيروس الفشل الكلوي ، منذ 12 عاماً ، وفي حال تعافى من الفيروس بإمكانه زراعة كلية وغير ذلك لا يمكن زراعة كليه له ، ويستحسن عدم زواج هذا المريض ، وذلك بسبب ضعف الهرمونات لديه ، والتي تؤدي لإصابته بالعقم وفي حالة قّبلت أي امرأة الزواج منه تكون فقط كسبت أجر بحالته وإعالته ..!!

ولفت إلى أن الأسباب التي تؤدي لوفاة المريض المصاب بالفشل الكلوي هي " الإصابة بالتسمم في الدم ،أو الإصابة بالأمراض القلبية والمتمثلة في الجلطة وتصلب الشرايين ، أو الإصابة بالجلطات الدماغية " .
طرق العلاج

وتابع " : يتم علاج مريض الفشل الكلوي بأحد الطرق التالية وهي : العلاج بالأدوية قبل أن يصل لمرحلة نهائية ، وفي حال لم تتحسن صحة المريض بالأدوية يتم الانتقال لمرحلة الغسيل الدموي ، وإذا لم يُجدي نفعاً هذا العلاج ننتقل لمرحلة الغسيل الصفاقصي ، وبعد ذلك لمرحلة زراعة كلى للمريض من خلال متبرع ويشترط أن تتطابق أنسجة المتبرع مع أنسجة المريض حتى تنجح العملية ، حيث تتطابق الأنسجة بدرجة أكثر من 95% عندما يكون المتبرع من أقرباء المريض بالدرجة الأولى ، وغير ذلك تكون نسبة التطابق قليلة لربما لا تتعدى 55% " .

وأشار وادي إلى أن وضع المريض مستقر لكنه لا يتحسن وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لمريض مثله مصاب منذ أكثر من " 25 عاماً " ، ولولا حفاظه على نفسه من ناحية الأكل والحضور للمستشفى بانتظام وإجرائه عملية الغسيل ، حال دون تدهور وضعه الصحي كباقي مرضى الكلى الغير ملتزمين ، حيث يعد عودة من أكثر مرضى الكلى التزاماً بالأكل والعلاج .