'مدى' يستنكر الاعتداء على المصور الصحفي معمر عوض

'مدى' يستنكر الاعتداء على المصور الصحفي معمر عوض
استنكر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، اليوم، اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على مصور وكالة 'وفا' ووكالة (APA) معمر جميل عوض (25 عاماً)، يوم أمس خلال تغطيته لمسيرة ضد جدار الفصل العنصري في مدينة بيت جالا.
وأفاد شقيقه مصور وكالة رويتر عمّار عوض في بيان صحفي صدر عن مركز مدى، أنه كان مع أخيه ومجموعة من الصحفيين يغطون مسيرة احتجاجية ضد الجدار الفاصل في بيت جالا، وكانوا يقفون في مكان بعيد عن المتظاهرين والجيش الإسرائيلي الذي بدأ بإلقاء قنابل غاز عليهم لمنعهم من التصوير، فأصيب أخيه بقنبلة غاز في رأسه بشكل مباشر، نقل على أثرها بسيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني إلى مستشفى الجمعية العربية في بيت جالا، ونظراً لخطورة حالته تم تحويله إلى مستشفى شعاري تسيدك في القدس الغربية، وأكمل عوض حديثه قائلا': 'لقد أصيب معمر بجرح كبير في رأسه، واليوم حالته الصحية مستقرة نوعاً ما، ولكن الأطباء طلبوا منه البقاء مستلقياً دون حركة، وهو غير قادر على التركيز'.
وأكد مركز مدى ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الاعتداء على المصور الصحفي عوض، وطالب المجتمع الدولي بالضغط الحقيقي على الحكومة الإسرائيلية لتوقف كافة أشكال العنف ضد الصحفيين في الأراضي الفلسطينية.
بسطة كتابة .. من أروقة المقاهي إلى صفحات الجرائد
علي عبيدات
من أروقة المقاهي في مدينة رام الله، نقل الكاتب معن سمارة بسطته، التي عرض عليها نصوص أقرانه الشباب، إلى صفحات الجرائد، لتحدث نقلة نوعية، وعلامة فارقة، في المشهد الثقافي الفلسطيني، وفي حقل الأدب الشاب بشكل خاص.
وبعد أن يعترف: ' لا أدعي هنا أنني عرابا، أو ناقدا، أو مميزا، أو متقدما على أحد، لأقدم هذه الأسماء بكل ما تحمله من طاقة، ولغة، وتجربة.. إنني هنا أحاول أن أكون كما أنا، هامشياً يقف على الرصيف، وأنادي على المارة الذين يحملون الجرائد تحت إبطهم ويمضون للمقاهي، والعمل، والأسواق.. أرجوكم انتبهوا لبسطتي هذه، فيها أسماء جديدة مختلفة بتجربة جديدة ومختلفة أيضا.. هم يستحقون أن نلتفت لهم، ونعجب وننتقد ونسرق ما يكتبونه على دفاترهم الخاصة، ونجادلهم الرؤى والقيم والهواجس، وأن نسبح معهم على شواطئهم'، يطل سمارة على جمهور القراء كل أسبوع، حاملا في جعبته اكتشافا جديدا، ونصا يمتعهم بالسفر بين حروفه ومعانيه.
نصوص في الشعر، والنثر، والخاطرة، والقصة، والرواية القصيرة، نقلها معن في بسطته إلى آلاف القراء، بعد أن كانت حبيسة الأدراج المغلقة، والصفحات الالكترونية، لكتاب كانوا أيضا أسرى لمحرري الصفحات والمواقع الأدبية.
وفي فترة زمنية قصيرة، باتت 'بسطة كتابة'، حديث الشارع الثقافي الفلسطيني، تتعرض للنقد وتأتيها المبايعة، ويتسابق الكتاب الأدباء الشباب لنشر نصوصهم وإبداعاتهم عبرها، لتصل أصواتهم المكتومة إلى القراء.
وتجاوزت البسطة حدود التقسيم، وقفزت فوق الخط الأخضر، وحلقت فوق الحدود، لتطرق باب كل أديب فلسطيني، في الوطن والشتات والمهاجر، هضمت حقوقه في النشر، وغطى نجم الأدباء الكبار على إبداعاته، لتعطيه فرصة النهوض والإبداع.
فأعطت مساحة لسامية عياش الفلسطينية المقيمة في الإمارات، ولرائد الوحش المقيم في سورية، ولطارق حمدان في الأردن، ولغياث المدهون في السويد، حالهم حال أنس احمد وفيروز شحرور من الضفة، وأسماء شاكر ونعيم الخطيب من القطاع، ومحمد مجادلة ووفاء كبها من الداخل الفلسطيني.
وشكلت البسطة لكل هؤلاء قاسما مشتركا للإبداع، ودافعا لمزيد من العطاء، يتناولون أمورها في مجالسهم، ويدافعون عنها في أمسياتهم، ويحضِرون لدفعها للأمام من أجل إظهار المزيد من المواهب والإبداعات في معظم أوقاتهم.
ويقول سمارة الذي دفعه عشقه للهوامش، وقاده بحثه الدائم عن كل جديد للبسطة: ' اعشق المقاهي، وأقضي معظم وقتي فيها، أنا والكثير من الأدباء الشباب، باحثين عن جسم جديد يجمعنا، ومجمعين على أن الأدب يجب أن يخرج من الأماكن الشعبية'.
واسترجع شريط حياته، عندما بدأ الكتابة في الانتفاضة الأولى، يحاكي البيانات سرا، لينقل تجربته إلى مؤسسة تامر، ومن ثم محررا لملحقها الأدبي 'يراعات' في العام 1996، ومن ثم مشرفا على هيئة التحرير، وورش الكتابة التي رافقتها.
وأضاف سمارة: ' هذه المسؤوليات التي تصديت لتحملها، جعلتني أقف أمام مسؤوليات أخرى، تجاه أقراني من الجيل الشاب، والبحث عن كل ما يمكنه أن يدفع الكتابة الإبداعية لدى هذا الجيل، وتطويرها وتنميتها'.
وقال: ' أصدرت ديواني الشعري الأول بعنوان: ما روي عن مجنون، في العام 2002، وشاركت في العديد من الأنشطة الأدبية، وورش العمل، ومعارض الكتب، ومن ثم كتابي الثاني بعنوان ما يشبه الرقص، بعد حصولي على المركز الثاني بالمسابقة العربية 'اقرأ واكتب الآن'.
ويشير سمارة إلى أن العلامة الفارقة في مسيرته والتي دفعته للخروج ببسطة كتابة، هي خروجه للسويد، للحصول على دبلوم في الإعلام المجتمعي، واشتراط السويديين عليه أن يكون لديه حسابا على الشبكة الاجتماعية الالكترونية 'الفايسبوك'.
دخوله إلى عالم الانترنت، والبدء بنشر نصوصه السابقة عليها، وبخاصة على موقع 'الفايسبوك'، دفعه لاكتشاف العديد من المواهب الشابة في مجال الكتابة الإبداعية، إلى جانب من قاسموه المقهى في السابق.
ومن البسطة التقليدية، التي تباع عليها الخضار والفواكه والألبسة في الشارع، اشتق سمارة بسطة الكتابة، وبدأ بإعداد حلقاتها التي تنشر النصوص فقط، دون التعليق عليها أو حتى نقدها، لتصبح حديث الشارع الثقافي.
ويقول سمارة: ' البسطة وحدت الكتاب الشباب الفلسطينيين في كل العالم، نشرنا نصوصا لكتاب فلسطينيين من الإمارات، والأردن، وسوريا، ومصر، والسويد، وكنا أول من ينشر لهم في فلسطين'.
وأضاف' نشرنا نصوصا لكتاب من القدس ونابلس ورام الله وغيرها من مدن الضفة، ولآخرين من قطاع غزة، جنبا إلى جنب مع كتاب شباب من الناصرة وأم الفحم وحيفا، وغيرها من المدن الفلسطينية التي احتلت عام 1948.
وأشار سمارة إلى أن الحراك الذي أحدثته البسطة، التي تناولت نحو 20 كاتبا، على مدار خمسة عشر حلقة، ساهم في التفكير بوسائل جديدة لنشر إبداعات الكتاب الشباب، وكيفية الاستمرارية في مشروع البسطة، والبحث في إمكانية إصدار كتاب نصف سنوي يحوي كتابات الأدباء الذين طرقت البسطة أبوابهم'.
وعن الجديد على صعيده الشخصي، تحدث سمارة عن كتاب قريب يوثق تجربته في الكتابة الإبداعية مع أطفال بلعين، عبر مركز الهدف الثقافي، يوثق كتاباتهم وتجاربهم مع الجدار، وكتاب آخر يحوي مجموعة من نصوصه الشعرية والنثرية بعنوان 'رعشات كائن الظل'.
من جانبها أشارت فيروز شحرور، إحدى الأسماء التي تناولتها البسطة، إلى أنه بينما نضجت فكرة مشروع بسطة كتابة للكاتب معن سمارة، ودب في ثناياها روح الاستمرارية والحيز الوجودي، ورآها الملأ بيننا تشرب معنا قهوتنا الصباحية، تحكي لنا حكايات أزمنة وأمكنة بعيدة أو قريبة منا، وحكايات لم نرها، وتشير لنا بحب عن عين ثالثة، كنت أنا حاضرة في عددها الثالث'.
وأضافت: 'لم يكن وجودي مجرد عدد يأرشف لاحقا أو غبار لموجة رياح عنيفة فقط، فقد تعرفت على عدة كتاب مثقفين لم يقتصر وجودهم في الحيز الفلسطيني بل مختلفي الجنسيات، وصار لي عدد كبير أحظى بشرف متابعته لي أدبيا، عدا الدعوات التي تصلني للمشاركة بنشر بعض من نصوصي ضمن مجلات ثقافية أو حتى المشاركة بأمسيات ثقافية وغيرها من النشاطات الثقافية، وبهذا كان لدفء البسطة أثر يلمس على نصوصي التي تنضج منها وزيها التي ألبستني إياه لأصير حاضرة عن قرب'.
بدورها أكدت منال مقداد، أن البسطة نافذة مضيئة على عالم مغلق على مجموعة من الكتاب ، أهم ما يميزها الروح العفوية التي تلمسها في التقديم، واعتماد النصوص طريق المعرفة عن المجهول ، وفتح الأفق أمام كاتبٍ وقارئٍ للمعرفة والجديد.
بينما راح نعيم الخطيب إلى أبعد من ذلك وقال: 'بسطة كتابة عفوية وصادقة كصاحبها، تعرفت من خلالها على أقلام تستحق القراءة والاهتمام، وعرفني الكثيرون من القراء والمهتمين أيضاً، بالرغم من حداثة سنها، فقد نجح معن سمارة من خلال البسطة في المساهمة في خلق حالة ثقافية وقيادة حملة مناصرة للكتاب الجدد'.
من ناحيته أشار الكاتب عصام السعدي إلى أن بسطة كتابة مبادرة فردية لا تزعم أكثر من كونها محاولة للقول أن حياتنا ما زالت مستمرة، وأن هناك من الأجيال الجديدة من يبدع ويكتب بشكل مغاير، ويرفض الموت بفعل الاحتلال أو بفعل التغييب والأبوة الطاغية في الساحة الأدبية الفلسطينية.
وأضاف: 'من خلالها تعرفنا على مجموعة من الشبان والشابات في الوطن والشتات، وتفاجأت بشكل خاص بمستوى كتابة الشابات الفلسطينيات، مما يجعلني أغامر بالقول أن أهم ما يكتب الآن في فلسطين يأتي من نتاج الشابات.
ولفت إلى أن بسطة كتابة جهد جاء في الوقت المناسب ليعيد لنا الثقة بلياقة شعبنا وقدرته على الخلق في أشد الليالي حلكة وظلما وظلاما، ولتقول لنا هناك من سيمر باتجاه المستقبل، فأفسحوا له الطريق إن لم تأخذوا بيديه.
وهو ما راح إليه الكاتب خالد جمعة فقال: 'مع بعض التحفظات الصغيرة هنا وهناك، إلا أن هذه الفكرة هي واجهة عرض ضرورية في كل العصور، وعلى بساطتها فإن معن قد اقتنص لحظة نادرة، وجعل من نفسه جسرا بين متلق مجهول وشاعر يريد إيصال صوته، والجميل في معن أنه يطرح المسألة دون تدخل نقدي منه، فهو يقول لنا هذا هو الكاتب وهذا هو إنتاجه وأنتم أحرار، وبالتالي أظن أن ما حققته هذه البسطة وما ستحققه هو أكثر بكثير مما كان يتوقع حتى صاحبها نفسه'.
ولا تزال بسطة كتابة، تلك العلامة الفارقة في المشهد الثقافي الفلسطيني، تطل على جمهور القراء كل أسبوع، تحمل في طياتها نصوصا جديدة، وتطرق بابنا لتعلمنا بقدوم مبدع شاب جديد، نقرأ له، نصفق أحيانا وننقد أحيانا أخرى'.
ـ