من يذكر النكبة?!

مرت ذكرى النكبة في محافظة طولكرم خجولة، ضعيفة لا حول لها ولا قوة، كانت تنتظر الكثير من أبناء شعبها، هي ذكرى أليمة بأمس الحاجة إلى من ينعشها في ذاكرة الأجيال القادمة، لتبقى حاضرة رغم ماضيها.

62 عاماً، سنوات طوال، أجيال مرت وأجيال تمر وأخرى ستكون المستقبل، من عاشها عمره الآن فاق السبعين عاماً، إذن لم يتبقى الكثير، فالأعمار فانية، مهما كبرت، فهذه هي الحياة.

لماذا جئتي إلى هنا؟ الجواب علشان النكبة؟ وإيش يعني النكبة؟ ما بعرف هيك حكولي؟ مين حكالك؟ ماما؟

أسئلة وأجوبة لطفلة في السابعة من العمر، وإجاباتها كانت سؤال آخر، التقيت بها في مهرجان النكبة الذي أقيم يوم الثلاثاء الماضي في جامعة خضوري.

إسمها آية، كانت تتجول بين الحضور غير مبالية بالكلمات التي يلقيها المسؤولين، في إشارة منها على شعورها بالممل ورغبتها في الخروج من القاعة للعب في الخارج.

حال آية لم يكن بالأفضل بالنسبة لطلبة الجامعة الذين تتراوح أعمارهم ما بين (19-21) عاماً، قضوا المهرجان في الأحاديث الجانبية تارة، والتصفيق والهتافات في غير محلها تارة أخرى، ما لفت أنظار الحضور إليهم، وتوجيه إشارات التنبيه لهم بالهدوء والاستماع من قبل منظمي الحفل، ولكن دون جدوى.

أحد المتحدثين في الاحتفال أشار إلى الطلبة الذين اعتلوا الصفوف العليا، مرات عدة بالهدوء والاستماع، وقال 'معلش انا بدي أطلب هدوء، لو سمحتو يعني مش جايين نحكي علشان ما نسمع بعض، الكبار تقريباً حافظين اللي بدي أقوله وإحنا بهمنا الأجيال الجديدة'.

الحضور الجماهيري لم يكن بالمستوى الذي يليق بحجم الذكرى، هذا هو الحال، المواطنون يفضلون البقاء في أعمالهم أو في منازلهم ويعتبرون المشاركة تضييع للوقت بقولهم 'ما خلص كلو على الفاضي'، والأطفال لا علم لهم بالتفاصيل، والجيل الشاب همه في أي حفل، التصفيق والهتافات.

هل يمكن القول أن 15-5-2010، هو بداية نحو النسيان، نسيان نكبة فلسطين، مجازر بشعة نفذتها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في كفر قاسم، ودير ياسين، والطنطورة وعكا ويافا وحيفا، تدمير القرى والبلدات الفلسطينية وإقامة مستعمرات محلها، أم خالد- نتانيا، تل الربيع- تل أبيب، أم الرشاش- إيلات غيرها وغيرها الكثير، تهجير أهلها فسكنوا المخيمات، مخيم طولكرم، والأمعري، والبقعة، واليرموك...

أطفالنا لا علم لهم بذلك، مناهج الدراسة لا ذكر للنكبة ولا للمدن الفلسطينية بالدخل المحتل إلا القليل اليسير الذي لا يروي عطش المعرفة، إحياء الذكرى في المدارس يكاد يكون معدوماً، تخصيص الحصة الأولى للحديث عن النكبة، لا وجود له، ندوات شعرية وأدبية لكن الحضور يعد على الاصابع..

فإذا الحياة في رام الله لم تتوقف 60 ثانية للنكبة، فمكبرات الآذان الموحد بطولكرم وهي تناشد الجماهير للوقوف دقيقة صمت، لم تستمر أكثر من خمس دقائق وقبل الساعة 12 بنصف ساعة، وصافرات الإنذار لم تدم لأكثر من 6 ثواني.

فالخوف القادم أن ينسى الصغار وتضيع القضية..

7 مليون لاجئ فلسطيني في الشتات، ينظرون بعين الأمل للعودة إلى أرضهم، صحيح الكبار يموتون، ولكن الأمل ما زال موجوداً في أطفال فلسطين.

ألا آن الأوان أن تقوم فصائل العمل الوطني والمؤسسات الوطنية ووزارتي الإعلام والثقافة بدورها الفعال بتحريك الشارع الفلسطيني، وإخراجه من حالة الإحباط التي ألمت به جراء الأحداث السياسية على الأرض.

ألا أن الأوان لحركتي فتح وحماس بإنهاء الانقسام وتجسيد الوحدة، والالتفات لمصالح الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لنكبات متواصلة من التهجير وإقامة المزيد من المستوطنات، دون رادع لهم.

ألا آن الأوان للجماهير الفلسطينية والشعوب العربية والمجتمع الدولي، أن يولوا القدس ومقدساتها الأهمية التي تستحقها، قبل أن تقترب من الاندثار..

ألا آن الأوان.....