يحتفل اليمن قيادة وحكومة وشعبا، يوم غد السبت، بالعيد الوطني الـ20 للجمهورية اليمنية, تخليدا ليوم الـ22 من مايو 1990 الذي أرتفع فيه علم اليمن الموحد معلنا انتهاء عهد التشطير إلى غير رجعة.
وتكتسب احتفالات هذا العام دلالة خاصة, كونها تأتي متوجة لعقدين من الإنجازات والتحولات المتسارعة التي شهدتها مختلف مناطق اليمن في عهد الوحدة ولامست متطلبات بناء الدولة الحديثة.
إن الوحدة اليمنية لم تكن استحقاقاً تاريخياً للشعب اليمني، فحسب، ولكنها مثلت إطاراً رائعاً لعملية واسعة النطاق من الإصلاحات السياسية والاقتصادية المجسدة للمبادئ التي قامت عليها الدولة اليمنية العصرية بفضل هذا الإنجاز الوحدوي الذي اقترن ميلاده بانتهاج نظام سياسي يقوم على الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وصيانة الحقوق والحريات العامة والمدنية التي كفلها الدستور والقانون.
وتجذرت الممارسة الديمقراطية خلال العقدين الماضيين بإجراء عدة دورات انتخابية نيابية ورئاسية ومحلية أتسمت بالنزاهة والتنافس غير المسبوق في تاريخ اليمن السياسي وحظيت بإشادات عالمية.
وفي ظل هذا المناخ الديمقراطي أصبحت الساحة اليمنية اليوم تحتضن 21 حزبا وتنظيما سياسيا, و6870 مؤسسة ومنظمة غير حكومية، و400 إصدار صحفي من الصحف والمجلات الرسمية والحزبية والأهلية، فضلا عن مئات المواقع الإخبارية الإليكترونية وخمس محطات تلفزيونية فضائية وعشرات من المحطات الإذاعية الدولية والمحلية.
وعلى الرغم من أن إعادة توحيد اليمن جاء ترجمة لإرادة الشعب اليمني وتحقيقا لأحد أهم أهداف الثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر) إلا أنه وكأي منجز عظيم واجه جملة من التحديات والمعوقات التي كادت تعصف به, لكن حكمة القيادة السياسية بزعامة الرئيس علي عبد الله صالح تمكنت من مواجهتها مدعومة بإرادة شعبية قوية حامية للوحدة ومستلهمة لآفاق المستقبل المزدهر لليمن في ظل هذا المنجز العظيم ومخاطر الانزلاق مجددا إلى براثن التشطير وكهوفه المظلمة.
وكانت عوامل هذه التحديات داخلية وخارجية جراء ما ورثته الدولة اليمنية الجديدة من تركة ثقيلة من المشاكل الاقتصادية من مخلفات أعباء التشطير ودمج نظامين متناقضين، بجانب الانعكاسات السلبية المترتبة على حرب الخليج الثانية في ضوء احتلال العراق للكويت, وكذا آثار فتنة محاولة إعادة تشطير اليمن عام 94م وما نجم عنها من خسائر مادية جسيمة تراوحت بين 11-13 مليار دولار .
وبثبات وإصرار وعزيمة شقت الجمهورية اليمنية طريقها في سبيل التغلب على تلك التحديات, من خلال تبني منظومة متكاملة للإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية منذ العام 1995م, وهو ما مكن البلاد من تجاوز جملة المشكلات الذاتية والموضوعية التي رافقت قيام الكيان اليمني الموحد، ومواجهة متطلبات تثبيت دعائم الدولة اليمنية الجديدة وترسيخ بنيانها الشامخ وتجاوز التدهور في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وتوفير مناخ جاذب للاستثمارات, وتنويع قاعدة الاقتصاد القومي وزيادة الدخل الفردي وتحسين مستوى المعيشة .
وبفضل تلك الجهود والسياسات تمكنت اليمن في سنوات تعد قياسية من تسريع وتائر التنمية الشاملة وزيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى 5ر5 بالمائة في 2006 م مقارنة بنمو سالب 4ر1 في مطلع التسعينات، وكذا تخفيض معدلات البطالة من 33 بالمائة إلى 18 بالمائة, وخفض معدل النمو السكاني من أكثر من 7ر3 إلى أدنى من 3ر3 .
وتظهر البيانات والمؤشرات محصلة المنجزات الاقتصادية الكبيرة المحققة خلال عقدي الوحدة، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من (80.4) مليار ريال يمني عام 90م ليصل إلى 5.7 تريليون ريال عام 2009م, وانخفض معدل التضخم خلال نفس الفترة من 100% إلى 9%.
وسجل متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي ارتفاعا كبيرا، فبعد أن كان لا يتعدى دولارا واحدا مطلع التسعينيات وصل إلى حوالي 1261 دولار عام 2009م، وقفز حجم الموازنة العامة للدولة من (46.3) مليار ريال عام 90م إلى أكثر من 2 تريليون ريال عام 2010م، واحتل قطاع التنمية البشرية والقطاعات الإنتاجية نصيب الأسد فيها.
كما انخفضت مديونية اليمن الخارجية من 11 مليار دولار (164% من الناتج المحلي الإجمالي) أواخر عام 1995م إلى 9ر5 مليار دولار في 2009م ، وتم السيطرة على العجز عند الحدود الآمنة بمتوسط (3%) من الناتج المحلي، وانخفضت التزامات خدمة الدين العام الخارجي خلال هذه الفترة من 42% إلى 3%، فيما وصلت احتياطيات اليمن الخارجية بنهاية عام 2009م إلى نحو 7 مليارات دولار.
وفضلا عن ذلك أثمر تنفيذ برنامج الإصلاحات تحرير الاقتصاد وإزالة كافة المعوقات التي تحد من النشاط التجاري والاستثماري، واستعادة التوازن في ميزاني التجارة والمدفوعات ولتحديث وتجديد وتشييد البنية الأساسية للاقتصاد الوطني وتنمية المهارات والقدرات البشرية، زادت النفقات العامة بشقيها الجاري والرأسمالي الموجهة لذلك، من حوالي 35 مليار ريال عام 90م إلى حوالي 2ر2 تريليون ريال عام 2009م، وبالمقابل ارتفعت الإيرادات العامة خلال هذه الفترة من 35 مليار و306 ملايين ريال إلى تريليون و520 مليار و412 مليون ريال.
وحققت القطاعات الاقتصادية غير النفطية خلال الفترة 2006-2008م معدل نمو سنوي متوسط بلغ 8.1%، وبدخول اليمن نادي الدول المصدرة للغاز الطبيعي من خلال بدء مرحلة الإنتاج نهاية العام 2009 من أضخم مشروع استثماري تم إنشائه في البلاد (مشروع الغاز الطبيعي المسال) بتكلفة وصلت إلى 4,7 مليار دولار ، أدى إلى تحول معدل نمو قطاع استخراج النفط والغاز من سالب خلال الثلاث السنوات الماضية إلى موجب 2.7%, في حين تشير التوقعات الاقتصادية لأداء الاقتصاد خلال 2010 إلى نمو مرتفع يصل إلى 7% .
ونجحت سياسات الحكومة اليمنية في توظيف إمكانات وموارد متزايدة في القطاع الصناعي، وإتباع سياسات تشجيعية محفزة لزيادة استثمارات القطاع الخاص في هذا النشاط ، خلال الفترة الماضية في نمو ناتج الصناعة التحويلية (بدون تكرير النفط) بمعدل 8ر5 بالمائة خلال الأعوام 2000-2008م، نظرا لدعم وتطوير البنية الأساسية للقطاع الصناعي من خلال إصدار الأنظمة والتشريعات المنظمة، والاستفادة من الميزة النسبية للموارد الطبيعية والأيدي العاملة الرخيصة، وذلك من خلال إنشاء المناطق و المجمعات الصناعية والمناطق الاقتصادية الحدودية.
وكان لتبني الحكومة سياسة الانفتاح الاقتصادي دورا أساسيا في إفساح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دوره الريادي في التنمية الاقتصادية والاستثمار في القطاعات المختلفة باعتباره المساهم الأول في الاستثمارات الإنمائية المخططة للحفاظ على مستوى عالي من الاستثمار والتشغيل وتوفير فرص العمل, خصوصا وأن اليمن يكتنز مقومات و فرص استثماري واعدة وجاذبة في العديد من المجالات ، كما توفر القوانين النافذة تسهيلات ومزايا كبيرة للمستثمرين المحليين والعرب و الأجانب.
وقد أثمرت الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة لتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في اجتذاب (6,972) مشروعاً استثماريا محليا وعربيا وأجنبيا خلال الفترة (1992م- 2009م) برأسمال استثماري بلغ 2 تريليون و593 مليار و425 مليون و472 ألف ريال يمني، وفرت (194,705) فرصة عمل.
وباعتبار السياحة من القطاعات الواعدة نظرا لما تتمتع به اليمن من مقومات سياحية متميزة، بحكم الموقع وتنوع المناخ والتضاريس والحضارة الموغلة في القدم وتعدد الأشكال الطبوغرافية للإطار الجغرافي للبلاد, من سهول ووديان وصحار وجبال وشواطئ وجزر متعددة، بذلت الدولة جهودا كبيرة لتنمية وتطوير القطاع السياحي، ما ساعد على تحسن مؤشرات أدائه خلال الفترة الماضية حيث سجلت السياحة الدولية معدل نمو بين العام 1991م و2009م بنسبة 2191%، وزاد معدل العائدات السياحية خلال هذه الفترة بما نسبته 258%، حيث بلغ عدد السياح (1.037.000) عام 2009م، والعائدات السياحية 903 مليون دولار.
وفي القطاع السمكي تشير تقديرات الدراسات العلمية إلى أن حجم المخزون السمكي في اليمن يبلغ حوالي (850) ألف طن يسمح بإنتاج ما يقارب (400) ألف طن من الأسماك والأحياء البحرية، التي تتراوح بين (350) إلى (400) نوع، غير أن ما يتم استغلاله من هذه الثروة لم يتعد 228 ألف طن أي ما يعادل 57% من إجمالي القدرة الإنتاجية المحتملة، و60 نوع فقط من إجمالي الأنواع التي تزخر بها البيئة البحرية اليمنية .
وأثمرت جهود الحكومة لاستغلال هذه الثروة في زيادة كمية الإنتاج السمكي في اليمن من 77 ألف طن عام 1990م إلى حوالي 180 ألف طن عام 2009م، صدر منها (99.5) ألف طن بقيمة إجمالية بلغت (223) مليون دولار، تتجه إلى ما يزيد عن 50 دولة عربية وأجنبية.
وتعول اليمن على تنامي الاستثمار في هذا القطاع للدفع بعجلة التنمية وتنويع هيكل الاقتصاد، خاصة أنها تمتلك شريط ساحلي يزيد عن 2500 كم، وبيئة بحرية غنية بالأنواع المختلفة من الأسماك والأحياء البحرية, فضلا عن وجود أكثر من 160 جزيرة منتشرة على امتداد المياه الإقليمية اليمنية ومسطحات مائية تزيد عن 600 ألف كيلو متر مربع.
وساعد تنفيذ الإصلاحات على تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني من خلال تحرير التجارة وإصلاح القطاع المالي والمصرفي وتهيئة الظروف المناسبة لاندماج الاقتصاد في المحيط الإقليمي والدولي.
ويتوقع استكمال مفاوضات انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية بنهاية العام الجاري وحصولها على العضوية الكاملة، بعد تلبيتها لكافة متطلبات الانضمام، في مؤشر واضح على تطابق تشريعاتها وسياساتها الاقتصادية مع أكثر من 152 دولة عضو في المنظمة، وهو ما سيسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الإستراتيجية الخارجية للبلاد .
وتتواصل الجهود حاليا لتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في اقتصاديات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية, في إطار خطوات انضمام اليمن التدريجية إلى عضوية المجلس وصولا إلى نيل العضوية الكاملة في 2015 م, إلى جانب أن الحكومة اليمنية وضعت من ضمن أولوياتها الإسراع في تأسيس وإطلاق سوق للأوراق المالية، بما يكفل إيجاد قطاع مالي معاصر يعزز عوامل العدالة والشفافية والحماية لجميع المستثمرين ويسهم في خدمة وتحسين بيئة الاستثمار في اليمن.
وانطلاقا من إدراك الدولة اليمنية من أن بناء المجتمع بناء سليماً لا يمكن النفاذ إليه إلا من نافذة التعليم، وأن بناء البلد وفق معايير العصر والحداثة لا يمكن أن يتحقق إلا بتسلح أبنائه بالعلم والمعرفة, وضعت الحكومات المتعاقبة في عهد الوحدة المباركة, التعليم والتنمية البشرية في مقدمة أولوياتها, من خلال تخصيص ثلاث وزارات تعنى بالتعليم ( العام والمهني والعالي ) ورفع مخصصات التعليم من 4ر4% من الناتج المحلي الإجمالي في مطلع التسعينات، إلى 9ر5 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2008م, وكذا تبني استراتيجيات وطنية طموحة للتوسع في إنشاء المنشآت التعليمية وتطوير العملية التعليمية وتحسين ومضاعفة مخرجاتها.
وأثمرت تلك الجهود ارتفاع مدارس التعليم الأساسي والثانوي من 11 ألف و950 مدرسة عام 1990م إلى 17 ألف مدرسة عام 2009م, تستوعب ما يقارب من ستة ملايين طالبا وطالبة, وتضاعف عدد المعلمين خلال نفس الفترة من (101,759) معلماً ومعلمة إلى 203 آلاف, منهم حوالي 37 ألف معلمة.
في حين أن هناك 610 روضة ومدرسة حكومية وأهلية تشرف عليها وزارة التربية والتعليم تضم أكثر من 90 ألف طفلا وطفلة ويعمل فيها 8266 مدرساً ومدرسة, منها 252 روضة حكومية و300 مدرسة أهلية، وذلك في إطار تشجيع الدولة للقطاع الخاص للاستثمار في مجال التعليم وفقاً للأنظمة والقوانين المنظمة للعملية التربوية والتعليمية.
ولما كانت الأمية من أكبر المعوقات التي تواجهها التنمية الشاملة في أي مجتمع من المجتمعات, فقد أولت الدولة خلال العقدين المنصرمين اهتماما ملحوظا بهذا الجانب من خلال التوسع في إنشاء مراكز محو الأمية وتعليم الكبار بحيث أصبح في معظم المناطق أكثر من عشرة آلاف مركزاً تضم حاليا أكثر من 128 ألف و573 دارسا ودارسة.. كما تراجع عدد الأميين في اليمن إلى نحو 5 ملايين و545 ألف شخص، منهم 3ر33 بالمائة من الذكور و7ر66 بالمائة من الإناث من إجمالي عدد السكان الذي يربو عن 21 مليون نسمة.
وفي ذات الإطار شهد التعليم الفني والتدريب المهني تطورا مضطردا في مختلف جوانبه التعليمية والتدريبية, وتوسعاً في إنشاء وتجهيز المؤسسات الفنية والمهنية في مختلف المحافظات, إذ أرتفع عدد المعاهد المهنية والتقنية من ستة معاهد في العام 1990م, إلى 79 مؤسسة تدريبية فنية وتقنية ومهنية و6 كليات مجتمع بنهاية العام 2009م تتبع وزارة التعليم الفني والتدريب المهني , فيما ارتفع عدد الطلاب الملتحقين بهذه المؤسسات خلال نفس الفترة من 768 طالبا وطالبة إلى أكثر من 25 ألف طالبا وطالبة.
كما دشنت الحكومة منذ العام 2005 تنفيذ إستراتيجية وطنية للتعليم الفني تشمل إنشاء وتجهيز 246مؤسسة تدريبية في مختلف محافظات الجمهورية خلال الفترة ( 2005م- 2014م) تضم 139 معهداً مهنياً، و84 معهداً تقنياً, و23 كلية مجتمع بتكلفة تزيد عن 100 مليار ريال, أنجز منها حتى العام الجاري 11 معهداً مهنياً و 9 معاهد تقنية، و 4 كليات مجتمع.
وشهد قطاع التعليم العالي هو الآخر توسعاً و تطورا نوعيا حيث بلغ عدد الجامعات الحكومية في العام 2010م 16 جامعة منها سبع جامعات تحت التأسيس هي جامعات (لحج - حجة - الضالع- أبين- شبوه– وادي حضرموت-صعدة). وتضم الجامعات التسع الحالية (113) كلية منها (51) كلية في مجال التخصصات العلمية والتطبيقية و (62 ) كلية في مجال العلوم الإنسانية، مقارنة بجامعتين فقط في العام 1990م (عدن ، صنعاء) لم تكن تتجاوز عدد كلياتها 19 كلية.
ولم يقتصر الاعتماد في التعليم العالي على المؤسسات الحكومية, حيث عمدت الحكومة إلى تشجيع القطاع الخاص للدخول في هذا النوع من الاستثمار, وبدأت الجامعات والكليات الأهلية بالظهور منذ العام 92م ليصل عددها حاليا إلى 32 جامعة تضم 67 كلية, منها 41 كلية في التخصصات الإنسانية و 26 كلية في التخصصات العلمية والتطبيقية.
وفي حين لم يكن يتجاوز عدد الطلاب الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي عشية إعلان الوحدة اليمنية 39.990 طالباً وطالبة، أرتفع العدد في الجامعات الحكومية والأهلية خلال العام 2009/2008م إلى 253.816 طالباً وطالبة، والخريجين من 2.397 طالباً وطالبة، إلى 28 ألف طالباً وطالبة، بينما ارتفع عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات خلال نفس الفترة من 1073 عضواً، إلى قرابة 7000 عضو.
ونما الإنفاق على التعليم العالي نمواً كبيراً ليصل في العام 2008م إلى55 مليار ريال مقارنة مع 557 مليون ريال عام 1990م ، ما يعكس الأهمية المتزايدة التي أولتها دولة الوحدة والحكومات المتعاقبة لقطاع التعليم عموماً والتعليم العالي خصوصا.. ومثل الإنفاق على التعليم خلال العشر السنوات الماضية في المتوسط ما يقارب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي وما نسبته 19% من إجمالي النفقات العامة للدولة وهذه النسبة تماثل نسبة ما تنفقه الدول المتقدمة على قطاع التعليم.
وفي المجال الصحي ارتفعت التغطية بالخدمات الصحية من 42% عام 1993م إلى 64% عام 2009م، وانخفض معدل وفيات الأطفال الرضع من 173 وفاة لكل 1000 ولادة حية إلى 68,5 وفاة لكل 1000 ولادة حية، ومعدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 305 وفاة لكل 1000 حالة ولادة إلى 78,2 وفاة لكل 10000 حالة ولادة حية، ومعدل وفيات الأمهات من 1000 وفاة إلى 365 وفاة لكل 1000,000.
كما شهد هذا القطاع منذ العام 1990م نهضة قياسية كماً ونوعاً, لترتفع المرافق الصحية العامة إلى (2925) مرفقا عام 2009م، وبنسبة نمو بلغت 211% عن العام 90م وبتكلفة تجاوزت (78 ) مليار ريال تقريبا, شملت بناء وتشييد (155) مستشفى و421 مركزا صحيا و1906 وحدة صحية و49 مركز امومه وطفولة و28 مجمع و ( 21) معهد صحي.
وشهد قطاع الطرق هو الآخر نموا متسارعا خلال العقدين الماضيين ليصل إجمالي أطوال الطرق الإسفلتية المنجزة بنهاية عام 2009م إلى 15 ألف و328 كيلو متر, مقارنة بـ4545 كيلو متر قبل الوحدة, فضلا عن تنفيذ أعمال سفلتة للطرق الحضرية داخل المدن اليمنية بمساحة إجمالية تتجاوز (45,326,006) م .
وعلى صعيد السياسة الخارجية للجمهورية اليمنية، يمكن القول أن هناك رصيدا ضخماً، ناصع البياض، سجلته الدبلوماسية اليمنية خلال السنوات الماضية على المستويين الإقليمي والدولي، ما أكسبها احترام وتقدير مختلف بلدان العالم .
فمنذ اليوم الأول لقيام الجمهورية اليمنية في الـ22 من مايو 1990، أعلن فخامة الرئيس على عبد الله صالح بأنها لن تكون إلا عاملا من عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما تجسد عملياً على صعيد حل قضايا حدود اليمن مع جيرانه في سلطنة عمان والسعودية عن طريق الحوار الثنائي وفق قاعدة ( لا ضرر و لا ضرار) مروراً بإريتريا عن طريق التحكيم الدولي, فضلا عن تنامي الدور اليمني بفاعلية على الساحتين الإقليمية والدولية، والقيام بدور محوري في سبيل تفعيل العمل العربي المشترك وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية ومنطقة القرن الأفريقي.
عقدان من عهد الوحدة اليمنية, هي سنوات قليلة بمقياس الزمن، لكنها كبيرة بحجم ما تم تحقيقه من مكتسبات وطنية امتدت لتغطي أرجاء اليمن كافة وترسم لوحة مشرقة لليمن الواحد الموحد، ما جعل من ' 22 مايو ' يوما وطنيا لكل اليمانيين يستعدون لاستقباله كل عام باعتباره اليوم الذي أعاد اللحمة إلى يمن الإيمان والحكمة بعد قرون من الفرقة والتمزق بكل مآسيه وأحزانه وليفخرون بما صنعوه من منجز وطني وقومي مشرف للعرب جميعا كونه يمثل نواه للوحدة العربية المنشودة.