د. العتيلي لـ'وفا': هناك حاجة لإعادة هيكلة قطاع المياه

شدد رئيس سلطة المياه، د.شداد العتيلي، اليوم، على الحاجة الملحة لإعادة هيكلة قطاع المياه، انطلاقا من ضرورة وجود مرجعية قانونية واحدة، وحمَل على وزارة الحكم المحلي التي عطلت بعض مشاريع المياه بسبب تداخل الصلاحيات.

وقال العتيلي لـ'وفا' إن هذا القطاع بحاجة إلى تمويل بقيمة 5 مليارات دولار لينمو، وأن جهد سلطة المياه في محاربة هدر وسرقة المياه ساهم في تحسين إدارة أزمة المياه التي ستظل قائمة طالما الاحتلال قائم.

وأضاف 'من أجل تحسين إدارة المياه، قدمنا للحكومة خطة إصلاح شاملة، تقوم على إعادة هيكلة هذا القطاع، وتهدف لتغير طريقة إدارة المياه في الضفة العربية وقطاع غزة ومركزتها عند جهة الاختصاص'.

* خطة لإصلاح القطاع:

وتابع العتيلي 'طالبنا في خطة الإصلاح بإعادة النظر في قانون المياه الساري، وإعطاء سلطة المياه صلاحيات أكبر، وتنظيم العلاقة بين مزودي الخدمة والمنظم للقطاع'.

وحول الأسباب التي تستدعي إعادة الهيكلة، يقول سلطة المياه تدير مؤقتا دائرة مياه الضفة الغربية، التي يتم من خلالها توزيع المياه من الآبار التي نديرها، والمياه التي نشتريها من الشركة الإسرائيلية 'ميكروت' التي بلغت كميتها 2009 حوالي 45 مليون متر مكعب، ويتم توزيعها بالجملة على البلديات والهيئات الهيئات المحلية، وعلى مصلحة مياه رام الله والقدس، وسـلطة مياه مجاري بيت لحم.

وتساءل كيف يمكن لسلطة المياه إدارة هذه الكميات، وتحقيق العدالة في التوزيع، خاصة وأنها لا تسيطر على كل موارد المياه في الأرض الفلسطينية.

وبين أن صلاحية سلطة المياه على الآبار الزراعية، تنتهي عند العداد وبعدها تصبح مسؤولية وزارة الزراعة، لكنها جميعا مسؤولية سلطة المياه فيما يتعلق بالترخيص، ويملكها بالعادة مزارعون أو أصحاب آبار خاصة.

وتابع 'هناك بعض الآبار الزراعية تنتج مياه صالحة للشرب، وهناك اتفاقيات تعقد ما بين أصحاب الآبار الخاصة، وهيئات محلية، لتزويد تجمعات بالمياه، ونحن نطالب بإعادة النظر في آلية توقيعها، وأن تتم بمعرفة سلطة المياه كي لا يتم التحكم بسعر المياه المعطى للهيئات المحلية'.

وأضاف 'أما آبار الشرب فجزء منها يدار من قبل دائرة مياه الضفة الغربية، وهناك آبار تملكها وتديرها البلديات، وهذه أيضا نريد حلها، لأن البلديات لا تملك الكفاءة ولا الخبرات لإدارتها'.

وأكد العتيلي أن سلطة المياه تتدخل لعلاج الخلل في المضخات والصيانة، ولا يتكفل بها من يديرها، وتدخلها يتم بالعادة من خلال الدول المانحة، أو وزارة المالية.

* تضارب في القوانين وفي الصلاحيات:

واستعرض العتيلي رؤية سلطة المياه في إدارة هذا القطاع قائلا: 'نريد مصالح إقليمية للمياه، والصرف الصحي، في مناطق الوسط والجنوب والشمال ومنطقة الساحل، مرتبطة بمصلحة مياه عامة، لكن هذه الرؤية، تتعارض مع قانون المياه والحكم المحلي، والقانون يعطينا حق مصالح إقامة مصالح للمياه بالاتفاق مع الهيئات المحلية، وشكلنا بالاتفاق مع الحكم المحلي دوائر مياه في مجالس الخدمات المشتركة، ويمكن تحويلها في المستقبل لمصالح مياه ومجاري إقليمية، وذلك حتى نتمكن من تنفيذ وإدارة بعض المشاريع'.

وعبر العتيلي عن استيائه واستغرابه من موقف الحكم المحلي، مشيرا إلى أن رسائل وصلت رسائل قبل أسبوع إلى بعض الهيئات المحلية تحثها على عدم التعاون مع مصلحة المياه.

ويبين أن هذا الموقف يهدد بوقف بعض المشاريع، ويمكن أن توقفها، مثل مشروع شمال غرب القدس' المعروف بقيمة 6 مليون دولار، ومشروع عقربا بقيمة 8 مليون دولار، ومشروع طوباس طمون تايسير15 مليون يورو.

وأعرب عن أمله بحل هذه الإشكالية التي تؤثر اليوم على مشاريع تنفذها سلطة المياه بدعم من الدول المانحة، ووقعت من قبل وزارة التخطيط لتقوم سلطة المياه بتنفيذها.

وأوضح أن هذا الخلل يبدو بصورة واضحة في مشروع طوباس طمون تياسير، حيث تتعامل وزارة الحكم المحلي مع حدود المحافظات كأنها حدود إسمنتية، ومن يتعامل مع قضايا المياه لا يعرف حدودا للمحافظات، رغم وعود وزير الحكم المحلي لحل هذه الإشكالية إلا أنها ما تزال قائمة.

وأضاف أن 'فكرة إنشاء مصالح مياه جاءت لتنفيذ إستراتجية المياه والصرف الصحي، والتي أقرتها الحكومة، وهي من صلاحية سلطة المياه والصرف الصحي'.

وتابع : ' لا نعرف مصير مجلس المياه الوطني المغيب منذ 14عاما، وسلطاته أعلى من سلطة المياه وهو المعني بإقرار السياسات، ولكن كان هناك خلل دائم في وضعه، ولم يعقد هذا المجلس على مدار 14 عاما.

وأعرب العتيلي عن غضبه جراء الواقع القائم، وقال' لا يعقل أن تظل إدارة المياه بالطريقة القائمة عليها الآن، يجب أن يعمل كل قطاع المياه بناء على القانون الفلسطيني ، فلا يجوز أن تظل مصلحة مياه رام الله والقدس تعمل على أساس القانون الأردني لعام 1966، ومن العار أن تظل سلطة مياه ومجاري بيت لحم تعمل على أمر عسكري إسرائيلي، وتظل مصلحة مياه الساحل تعمل على أساس القانون رقم واحد للحكم المحلي'.

وأضاف 'الغريب في الأمر أن من يتحمل مسؤولية الإخفاق هو سلطة المياه، المشغل، وعندما يتوقف بئر في جنين يوجه الانتقاد لسلطة المياه، ولا يوجه للبلدية'.

وأكد العتيلي حاجة هذا القطاع لاستكمال البنية التحتية للقوانين التي تخصه، مشيرا إلى حاجته للأنظمة والقوانين، لأن القانون الساري يتحدث عن تطوير دائرة مياه الضفة الغربية، ولا يعطينا الصلاحية لإنشاء مصلحة المياه الوطنية، لذلك وضعنا تعديلات على القانون، وناقشناه مع كل الشركاء، من أجل إنشاء قطاع مياه قوي.

وأضاف 'بعد موافقة الحكومة على خطة الإصلاح الشاملة لقطاع المياه، والمياه العادمة، بدأنا بإعداد دراسة لإعادة هيكلة القطاع، هذه الدراسة ستناقش هيكلية قطاع المياه، هل سيكون كما تراه سلطة المياه من مصلحة مياه وطنية، ومصالح مياه إقليمية، أو سيتم تحويله إلى وزارة، وعلى ضوء هذه الدراسة سيتم التوافق على شكل لإدارة القطاع وستجرى التعديلات القانونية اللازمة، وتقدم للحكومة للمصادقة عليها'.

* إعادة تأهيل الشبكات:

وقال العتيلي إن سلطة المياه 'ضغطت على الجانب الإسرائيلي للحصول على التراخيص اللازمة لإعادة تأهيل الشبكات، لأن البلديات والهيئات المحلية غير قادرة على تأهيل الشبكات، بسبب عدم توفر الموازنات، وكون العنوان الوحيد للدول المانحة في قطاع المياه، هو سلطة المياه'.

وبيّن أن سلطة المياه تساعد الهيئات المحلية في عملية تأهيل الشبكات لتقليص الفاقد الذي يصل معدله إلى 40% وهو يتراوح بين 20% في بعض المناطق و60% في مناطق أخرى.

وشملت الخطة أيضا تقليل عدد التجمعات غير المزودة بخدمة المياه ومد الشبكات لها، وخفضنا عدد هذه التجمعات المهمشة من 220 تجمعا إلى اقل من 120 خلال سنتين، وبنهاية هذا العام سنصل إلى أقل من 90 تجمعا، وإلى اقل من 60 تجمعا مع نهاية عام 2011.

* سرقة مياه الشرب'

وأكد العتيلي استمرار جهود سلطة المياه لمحاربة سرقة المياه، مشيرا إلى أن حوالي 6 مليون متر مكعب من المياه تسرق خاصة في محافظات الجنوب، وتم تنفيذ حملة أمنية لحماية هذه المياه، وقطعنا أكثر من 600 وصلة غير قانونية، لأفراد وهيئات محلية، واليوم هناك إجراءات تتخذ بحق كل من يقوم بسرقة المياه، أو الاعتداء على شبكات المياه والخطوط الناقلة.

وأضاف 'أدت إجراءاتنا القانونية والتي وصلت حد العقاب بالسجن إضافة إلى الغرامة المالية لحالة من الرضا عند العديد من التجمعات السكانية، مثل مجلس ريف دورا، الذي يضم 43 تجمعا في محافظة الخليل.

ولا ينفي العتيلي استمرار محاولات السرقة وتجرأ البعض على سرقة الخطوط في منطقة الخليل، وما زالت الحملات الأمنية عليهم مستمرة.

وقال: 'لا تزال تواجهنا مشكلة في العمل بالمناطق المصنفة 'c'، وطلبنا من الجانب الإسرائيلي تحريك دوريات مسلحة لقوى الأمن فيها، لتأمين حمايتهم لأنهم يتعرضون أحيانا للاعتداء عليهم، لكن الجانب الإسرائيلي لم يوافق على ذلك، واقترحوا علينا دوريات مشتركة، ورفضنا'.

ولفت إلى أن سلطة المياه اتخذت قرارا بتحريك فرق مراقبة وتحري عن جميع الوصلات، وكشف السارقين، وأنه ستتخذ بحقهم إجراءات عقابية.

* سلطة المياه تدير مشاريع بقيمة 600 مليون دولار:

وأكد العتيلي أن سلطة المياه تدير خلال العام الجاري مشاريع تصل قيمتها إلى 600 مليون دولار، مشيرا لنجاحها في الضغط على إسرائيل من خلال تقارير للبنك الدولي ومنظمة العفو الدولية 'أمنستي'، وتقرير منظمة الأمم المتحدة للبيئة، ما عجل في قضية الحصول على التراخيص، ومكن الدول المانحة من ضخ الأموال، لتنفيذ مشاريع إضافة لدعم مشاريع مياه من موازنة السلطة.

* الصرف الصحي يؤرق سلطة المياه:

وقال العتيلي إن قضية الصرف الصحي باتت تقلق سلطة المياه، مشيرا إلى أن السلطات الإسرائيلية قامت باقتطاع نحو 200 مليون شيقل من أموال المقاصة، بسبب عدم معالجة السلطة لمشكلة المجاري.

وبيّن أن سلطات الاحتلال لا تمنحهم التراخيص اللازمة لبناء محطات للمياه العادمة، لافتا لحصولهم على ترخيص لمشروع وادي الزومر بعد 11 عاما من المحاولات.

وأعرب العتيلي عن أسفه لخسارة السلطة الوطنية قسما من مياه الينابيع، نتيجة تلوث مياهها بمياه المجاري، وبسبب عدم وجود شبكات صرف صحي، ومحطات معالجة للمياه العادمة.

وأشار إلى حاجة هذا القطاع لنحو 5 مليار دولار لحل مشاكله، منوها لحاجة سلطة المياه لمشاريع إستراتيجية مثل مشروع تحلية مياه قطاع غزة، بكلفة 400 مليون دولار، ومشروع الفشخة، بقيمة 300-400 دولار،على البحر الميت.

ولفت العتيلي، لتوقيع المرحلة الثانية من مشروع بيت لاهيا بقيمة 40 مليون دولار، وقال: 'نتابع مع الجانب الألماني مشروع الشيخ عجلين، ومشروع دير البلح، ومشروع خان يونس، ورفح ، سواء في مشاريع الصرف الصحي والتحلية'.

* أثمان المياه:

وقال العتيلي إن الهيئات المحلية مدانة للخزينة العامة بحوالي 650 مليون شيقل، أثمانا للمياه، موضحا أن دائرة مياه الضفة الغربية تزود هذه الهيئات بالمياه بسعر الكلفة، بما يقارب 2-3 شيقل للمتر المكعب الواحد، والبلديات تزودها للمواطن بكلفة تصل إلى 6-7 شيقل، ولا نسترد أي جزء منها بعد بيعها، عدا عن أن تسعيرة المتر المكعب من المياه في الأرض الفلسطينية غير موحدة، وهذا يعود لغياب مجلس المياه، والذي لم يصادق على الأنظمة ومنها نظام التعرفة.

ولذلك نقول بالحاجة لمصالح مياه وصرف صحي إقليمية، تقوم بإدارة المياه بشكل سليم، وتوزيع الفواتير واستردادها وتقوم بتأهيل الشبكات، لا نريد أن نظل على أعتاب الدول المانحة لتجديدها، واليوم ونحن نبني دولة المؤسسات يجب أن نكون قادرين على مد الشبكات وحفر الآبار بدون الدول المانحة.