واشنطن تعرض على بيروت طائرات ذات سلاح خفيف بحلول العام 2013

أن الولايات المتحدة أبلغت لبنان استعدادها لتسليمه طائرات ذات سلاح خفيف وجناح ثابت بحلول العام 2013 لتعزيز قدراته في مهمات الاستطلاع الجوية ومكافحة التمرد، في وقت يتابع نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع الياس المر ثالث زيارة يقوم بها لواشنطن خلال عشرة اشهر، بالتزامن مع انعقاد اللجنة العسكرية المشتركة بين البلدين.
وعرض البنتاغون على الجانب اللبناني طائرات مصمّمة لهجوم خفيف او لدور في دعم جوي عن كثب، بعدما عبر الجيش اللبناني عن اهتمامه بهذه الطائرات من طراز Hawker-Beechcraft AT-6 او Embraer Super Tocano. طائرات «هاوكر بيتشكرافت» تستخدم لغايات تدريبية او هجمات خفيفة وفيها شبكة معطيات متكاملة وأجهزة استشعار بصرية وهي نموذج جديد في اسواق الاسلحة صممت لمساعدة القوات الجوية العراقية على مواجهة المقاتلين المناوئين لها، وفيها مزيج من القنابل والصواريخ والمدافع الرشاشة. وأبدت قيادة سلاح الجو اللبناني منذ آب 2009 على الاقل اهتماماً بهذه الطائرات وطرحت تساؤلات حول حملها لصواريخ موجّهة وقنابل ذكية، وحول موعد التسليم المحتمل في حال تم طلبها مباشرة من الطرف اللبناني من دون المرور ببرنامج المساعدات العسكرية الأميركية.
اما طائرات «توكانو»، فهي بمقعد لطيار واحد مع سرعة قصوى 593 كيلومتراً بالساعة، ومعدة ايضاً للهجمات الخفيفة ومكافحة التمرد وتدمج بين الالكترونيات الجوية الحديثة ونظم الاسلحة، وهي تستخدم من قبل القوات الجوية البرازيلية لعمليات الرصد داخل حوض الامازون، ويحتاج تسليمها إلى تدريب الطيارين اللبنانيين عليها وتبلغ قيمة الواحدة منها حوالى 234 مليون دولار. وقد طلب الجيش اللبناني 6 طائرات بسلاح خفيف، «بيتشكرافت» أو «توكانو»، ويتوقع أن يحصل في السنوات المقبلة على ما بين 6 إلى 10 طائرات من الولايات المتحدة، ستصل اثنتان منها عام 2013 تليهما اثنتان على الارجح بين عامي 2014 و 2015.
وكشف الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية آرام نيرغيزيان لـ«السفير» ان كلاً من تصميم الطائرتين «خفيف ورشيق ومتطور ويلبي حاجات الجيش اللبناني» وان السلاح الجوي الاميركي طلب طائرات استطلاع مرفقة بسلاح خفيف لجهود مكافحة التمرد وسيختار البنتاغون واحدة من هاتين الطائرتين له على أن يجعلها لاحقاً متاحة للجيش اللبناني. وتابع نيرغيزيان أن الجانب السلبي في هذه الصفقة «أنها ستكون جزءاً من مسار طويل، وعلى الجيش اللبناني أن ينتظر حتى يختار السلاح الجوي الأميركي إحدى طائرتي الاستطلاع المرفقة بسلاح خفيف قبل ان يستفيد من خط الإنتاج وما يتبعه من تخفيض تكاليف الشراء» من برنامج «تمويل الجيش الاجنبي»، واضاف : «نظراً الى ان AT-6 لا تزال في مرحلة النموذج ونظراً الى الوقت الذي يحتاجه البنتاغون في هذا المسار، فان لبنان لن يرى طائرة بسلاح خفيف داخل البلاد قبل عام 2013».
واذا اراد الجانب اللبناني الحصول على هذه الطائرات من دون اي تكلفة ضمن برنامج «تمويل الجيش الاجنبي»، اي مساعدات وزارة الخارجية الاميركية السنوية، فان الخيار الوحيد المتاح أمامه هو انتظار جدول الاعمال الاميركي في التسليم اي ان تقدم الادارة الاميركية طلب شراء الطائرات نيابة عن الحكومة اللبنانية ويعود التأخير في هذا المسار الى ان برنامج «تمويل الجيش الاجنبي» يشترط ان يكون 51 بالمئة من المعدات العسكرية مصنوعاً اميركياً بينما «توكانو» برازيلية الصنع على سبيل المثال. الخيار الآخر هو توفير تمويل لشراء هذه الطائرات عبر موارد لبنانية او مصادر تمويل اخرى، كما حصل مع دبابات (أم 60) التي نقلت من الاردن بتمويل من الامارات العربية المتحدة، وهنا تتغير دينامية الصفقة اي يحصل لبنان على الطائرات بشكل أسرع ولكن ليس قبل عام على الاقل، ويتطلب الامر الذهاب مباشرة الى البرازيل لشراء طائرة «توكانو» والتفاوض على السعر والمعدات وانتظار دور بيروت في ظل التزام برازيلي لتوفير هذه الطائرات الى لائحة كبيرة من البلدان قبل لبنان. وكان الطرف اللبناني رفض العام الماضي عرضاً أميركياً بتسليم 10 طائرات «برونكو»، التي صنعت في الستينيات ولا تشمل قدرات اطلاق صواريخ، وابدى اهتماما منذ تشرين الاول الماضي على الأقل بطائرات «توكانو».
ووصف نيرغيزيان برنامج «تمويل الجيش الاجنبي» بانه «بطاقة ائتمان» بسقف مالي محدود على الجانب اللبناني ان يحرص على إنفاقه بطريقة تغطي كل احتياجاته العسكرية، واعتبر ان «حقائق تطوير القوة الجوية في لبنان ستقلص أثر هذا التأخير. لدينا عدد قليل من الطيارين برتبة عقيد او اقل قادرين على قيادة طائرات بجناح ثابت، ولا عقيدة ولا معايير مهمة ولا استراتيجية لمعايير مشتركة مع القوات البرية، و لا بنية تحتية تقنية او بشرية لدعم هجوم جوي خفيف». وتابع: «على الجيش اللبناني ان يستغل الفترة الزمنية الفاصلة لبناء هيكلة سلاح الجو وتدريب الطيارين على مناورات في الولايات المتحدة وتمهيد الطريق لمعايير مهمة محددة بلبنان لإدماج هذه الطائرات عندما تصل».
لقاءات المر واللجنة العسكرية
في هذه الاثناء أثرت العاصفة الثلجية على تحركات المر والمسؤولين الاميركين الذين يرغبون باللقاء معه في ظل اغلاق الطرقات وتوقف وسائل النقل العامة، لكنه تمكن يوم الثلاثاء الماضي من الاجتماع مع المبعوث الاميركي لعملية السلام في الشرق الاوسط جورج ميتشل ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان ومستشار نائب الرئيس جو بايدن للامن القومي انتوني بلينكن، وادت حال الطقس الى الغاء لقاءين مع كل من وكيل وزيرة الخارجية وليم بيرنز ومساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية اندرو شابيرو. كما التقى يوم الأربعاء الماضي مستشار الرئيس باراك اوباما لشؤون مكافحة الارهاب جون برينان، وأجرى بالأمس مباحثات مع كل من وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، على أن يغادر مع كبار ضباط الجيش اللبناني الى بيروت غداً.
وبالتزامن مع زيارة المر في طابعها السياسي، عقدت بالامس وتتابع اليوم جولة الاجتماعات بين قيادات الاركان في الجيش اللبناني والقيادة المركزية في الجيش الاميركي، وهي محادثات روتينية بين الطرفين منذ تشكيل اللجنة العسكرية المشتركة في 6 تشرين الاول الماضي. وقد ركزت اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة على قدرات سلاح الجو بطلب من الجانب اللبناني، وتطرق جدول الأعمال إلى دعم «الوحدات الخاصة» في الجيش، والبحرية اللبنانية التي يتولى متابعة ملف مساعداتها مكتب برامج البحرية الدولية في الجيش الاميركي، اضافة الى بحث الدورات التدريبية لعناصر الجيش اللبناني.
وفي مجال سلاح الجو، حصل لبنان حتى الآن من الولايات المتحدة على 12 طائرة صغيرة من دون طيار (رايفن) التي ترتفع الى مستوى 10 كيلومترات ويتم السيطرة عليها بالتحكم الالكتروني عن بعد وتستخدم لمهمات الاستخبارات الجوية والمراقبة والاستطلاع، وعلى طائرات هيليكوبتر مع قدرات قتالية خفيفة، وطائرة «سيسنا كارافان المقاتلة 208» المسلحة بصواريخ من طراز «هيلفاير» التي تعطي سلاح الجو دقة في القدرات الهجومية جو ـ ارض، والتي حصل العراق على 20 منها في بداية عام 2009، وستصل طائرة سيسنا الثانية عام 2011 وطائرة سيسنا الثالثة عام 2013، وقد زار قائد سلاح الجو اللبناني الجنرال سمير معلولي واشنطن في نيسان الماضي ضمن سياق تسليم هذه الطائرات. وتعليقاً على قول المر قبل اسابيع ان 2010 هو عام سلاح الجو، قال نيرغيزيان إن عام 2010 «قد يكون عام التزام لبنان بالحصول على القوة الجوية، لكن من ناحية استلام سلاح جوي من الولايات المتحدة فعلياً، هذا لن يحصل أبداً هذا العام».