رام الله تنحني احتراما لـ 'مقاومي' نابلس التاريخ : 27/5/2010 الوقت : 14:21

رام الله تنحني احتراما لـ 'مقاومي' نابلس التاريخ : 27/5/2010 الوقت : 14:21
--------------------------------------------------------------------------------

رام الله 27-5-2010 وفا- علي عبيدات

انحنت مدينة رام الله احتراما للمقاومين الفلسطينيين في البلدة القديمة بمدينة نابلس، وصفق جمهورها مطولا لشبابٍ أطلوا عليهم من خلال فيلم 'قابع خلف ظله'، ضمن فعاليات مهرجان 'سيني شباب' للأفلام في المركز الثقافي الفرنسي.

يتناول الفيلم الذي أعده مخرجون شباب من جامعة النجاح الوطنية في العام 2007، حياة المقاومين الفلسطينيين الشباب في البلدة القديمة بمدينة نابلس، ويسلط الضوء على تفاصيل حياتهم، ودوافع انخراطهم في العمل للدفاع عن مدينتهم ووطنهم.

وأعاد الحضور إلى ذاكرة الانتفاضة الثانية، حيث كانت القوات الإسرائيلية تنتهك حرمات المدن، وتقلب ليلها نهارا، فتقتل شبابها، وتعتقل نسائها، وتُبكي أطفالها، فينتفض الجميع في وجهها، بحجر وبندقية.

وتنطلق أحداث الفيلم الذي يحمل صبغة وثائقية، من البلدة القديمة في نابلس، حيث كانت قلعة من قلاع المقاومة الفلسطينية في انتفاضة الأقصى، وكانت أزقتها حافلة بالأحداث، وعنوانا بارزا في مسيرة الانتفاضة.

ومن إحدى هذه الزقاق، تُظهر المخرجة الشابة لولو هندي وزملاؤها، الجانب الإنساني، والصورة الحقيقية لحياة الشباب 'المطلوبين' والمطاردين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتستعرض مفاصل مهمة في حياتهم.

ويروي المقاوم عبد الرحمن الشناوي الظروف الصعبة التي عاشها وأبناء مدينته، نتيجة للاحتلال الإسرائيلي، ورحيل والده بعد سنوات طويلة في الأسر، ما دفعه للحقد على الظلم، والانضمام لصفوف المقاومة للدفاع عن وطنه ومدينته.

ويتحدث عن حياته في ظل المطاردة المستمرة له ولرفاقه المطلوبين، والظروف الصعبة التي يعيشون فيها، ويشير إلى إمكانية استشهاده في أية لحظة، وتأثير ذلك على أسرته وحياته الشخصية، مسلطا الضوء على المعاناة التي يعيشونها.

ويتطرق الشناوي إلى قضية زواجه، والصعوبات الكبيرة التي مر بها، نتيجة لمعارضة الأهل لزواج بناتهم من مطاردين معرضين للموت في كل لحظة، ومثمنين في الوقت ذاته ما يبذله هؤلاء من أجل حمايتهم والدفاع عنهم.

ويعرج الفيلم إلى صديقه ورفيقه المدعو بالشيخ، والذي كان يرافق الشناوي كظله، حاله حال آخرين كثر انضموا إلى صفوف المقاومة في مدينة نابلس، وشكلوا سدا منيعا أمام محاولات الاحتلال لمهاجمتها واقتحامها.

وتأخذ أحداث الفيلم الجمهور إلى زقاق البلدة القديمة، حيث تطغى رائحة 'الكنافة النابلسية' على رائحة الغاز، ويظهر جمال قباب منازلها القديمة رغم الدمار، فيتجول الشناوي ورفيقه فيها، يقابلون الناس، ويحاولون أن يقتحموا مخاطر النهار، بعد أن قضوا الليل سهارى.

وفي الليل يذهب الحضور بعيدا في أزقة البلدة القديمة المجهولة، حيث يرابط هؤلاء على ضوء الشموع، يتبادلون الحكايات، ويغازلون الحرية، ويطلقون النكات، حتى على الموت، 'فيرفضون البقاء في الثلاجات بعد استشهادهم'.

وفي غمرة الاحداث، وخلال تسجيل الفيلم، في شهر تشرين الثاني من العام 2007، يقتحم الاحتلال نابلس، ويغتال الشهيد باسم أبو سرية، ويصيب عبد الرحمن الشناوي بجروح خطيرة، رحل بعدها بعشرة أيام شهيدا، ليقابل الموت الذي طالما عرف أنه سيطرق بابه.

رحل عبد الرحمن، وترك دور البطولة، لرفيقه الشيخ الذي فقد ظله، فسار في جنازة رفيقه، رافعا رأسه عنان السماء، رغم أن الدموع داهمته بكثافة، وسط موسيقى حزينة أضافها المنتجون، فأبكت الحاضرين.

ملفوفا بالعلم الفلسطيني، تزفه آلاف الحناجر، رحل عبد الرحمن من نابلس، وغادر الفيلم، ليسلط من بعده الضوء على صديقه الشيخ الذي وصف لحظات استشهاده، ووصيته بالحفاظ على ابنه الحسن، بعد رحيله.

وتدخل زوجته الأحداث، فتتحدث عن الإنسان الشهيد، والزوج المقاوم، الذي كان لحوحا من أجل إنجاب طفل، تحققت أمنيته برؤيته قبل استشهاده، لتسدل الستارة على الشناوي مودعا بيديه، تاركا الشيخ وباقي الرفاق يكملون المسيرة، وسط تصفيق كبير من الحضور الذين غصت عيونهم بالدموع.

وأكدت مخرجة الفيلم لولو هندي، في حديث لـ'وفا' بعد نهاية العرض، أنها حاولت من خلال هذا الفيلم، تسليط الضوء على حياة شباب تركوا حياتهم الشخصية جانبا، وانطلقوا في رحة أخرى، من اجل الذود عن مدينتهم وأهلها.

وأشارت إلى أنها ورفاقها لارا كنعان وعلاء حمادة، حاولوا طرق باب هؤلاء المقاومين، وإظهار الظروف الصعبة التي يعيشون فيها، من توتر وضغط وأحداث متعاقبة، نتيجة للاحتلال الذي اعتقل وقتل منهم الكثيرين.

وأضافت الهندي إلى أنها بدأت العمل على الفيلم قبل استشهاد عبد الرحمن الشناوي بشهر واحد، ونال الشهادة كما تمناها وجاهر بها في بدايته، ليشكل استشهاده نقطة تحول كبيرة ومهمة، انعكست على ما تبقى من أحداثه.

وقالت: 'رسالتي أن هؤلاء الشباب دخلوا هذاالمعترك من أجل فلسطين، وهم ليسوا كما يصفهم المحتل ارهابيين، بل منتفضين ضد الظلم الذي يجسده، في تفاصيل حياتهم إنسانية كبيرة، ومشاعر كثيرة، على العالم أن يلتفت لها'.

رحل عبد الرحمن من الدنيا في العام 2007، وخفت حدة الانتفاضة، لتترك الكثير من حكايات البطولة، والكثير من القصص الإنسانية، التي يحاول الفلسطينيون إحيائها وتخليدها، عن طريق الفن والموسيقى والسينما.

ــ

ع.