اريحا: ندوة حوارية حول المقاومة والنكبة التاريخ : 30/5/2010 الوقت : 17:42

اريحا: ندوة حوارية حول المقاومة والنكبة التاريخ : 30/5/2010 الوقت : 17:42
--------------------------------------------------------------------------------

أريحا-305-2010وفا- تناولت ندوة حوارية حول المقاومة والنكبة نظمت في اريحا، التاريخ الفلسطيني المعاصر في سياق الإنجازات الثقافية والفنية التي شكلت تبلوراً متصاعداً لحضور الشعب الفلسطيني، والإعادة الدائمة لإنتاج هويته في كل المراحل.

وأقيمت الندوة التي نظمها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في محافظة أريحا والأغوار، ومركز القطّان للبحث والتطوير التربوي - مؤسسة عبد المحسن القطّان، في قاعة اتحاد نقابات عمال فلسطين في أريحا. بحضور الدكتور فؤاد المغربي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تينيسي الأميركية، وحسن صالح رئيس بلدية أريحا، ونادرة المغربي رئيسة فرع الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية في محافظة أريحا، والدكتور سامي مسلم رئيس هيئة تنشيط السياحة بالمحافظة، والعميد ماجد الفتياني نائب محافظ محافظة اريحا، ويسرى السويطي القائم بأعمال مدير عام الشؤون الإدارية بالمحافظة، والدكتور نايف جراد القائم بأعمال مدير الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية.

وتحدث د.المغربي حول التاريخ الفلسطيني المعاصر في سياق الإنجازات الثقافية والفنية التي شكلت تبلوراً متصاعداً لحضور الشعب الفلسطيني، والإعادة الدائمة لإنتاج هويته في كل المراحل؛ مراحل تصاعد المشروع السياسي، ومراحل إخفاقه وتراجعه، مبيناً أن هناك دوماً 'عملاً ثقافياً وفنياً ومؤسساتياً يتطور ويعكس تطور الوعي الفلسطيني وإحساسه بذاته وبعدالة قضيته؛ ففلسطين في الحقل السياسي يقابلها مترادفات السلام، والتفاوض، والدبلوماسية، لكن فلسطين في الحقل الثقافي والفني تكرست علمياً عبر دلالة واحدة: العدالة'.

وقالت نادرة المغربي في تقديمها للندوة، جاءت هذه الفعالية في سياق التصدي الدائم من قبل الشعب الفلسطيني ومؤسساته للنكبة، من أجل محو النكبة وآثارها، واستعادة الأرض والحقوق الوطنية، عبر المواجهة الدائمة للمشروع الصهيوني، بوصفه مشروع نفي الفلسطيني وتكريس غيابه'.

وأضافت: إذا كان علينا أن نلغي فعلاً تفاصيل نكبتنا الكبرى وما تبعها، فإنه يتوجّب علينا أن نتعلم من الأسباب و أن نقيّم نتائجها، وأن نقضي على التفكير الذاتي والفئوي والحزبي باسم الوطن تارة، وباسم الدين تارة أخرى، فالمطلوب اليوم أن نتبنى نهجاً سليماً يبدأ بإنهاء الانقسام، وتأكيد الوحدة، لعلنا بذلك نعيد لهويتنا الفلسطينية اعتبارها، ونكون قد خطونا خطوة متقدمة على طريق بناء الوطن. وأكدت المغربي أن هذا الوطن 'سيبقى متجذراً في وجداننا وذاكرتنا، وباء بالفشل كل من راهن على نسيان القضية الفلسطينية؛ التاريخ والذاكرة.

وتخلل الندوة عرض فيلم مفاتيح للمخرج سليم ضو، بحضور عدد كبير من الشخصيات الثقافية والتربوية في أريحا. ويتضمن الفيلم مواقع عديدة لبناء الذاكرة مثل أمكنة الذاكرة الجغرافية. كما أنه رحلة في فضاء المكان المغتصب، ويتضمن أيضاً مواقع أخرى للذاكرة؛ مثل المفاتيح كأشياء تختزن دلالات وحكايات وذكريات، بالإضافة إلى كواشين الأراضي، والخرائط المرسومة بأيدي المهجرين، وتصاميم البيوت، وأغاني المنفى'.

و أكد فؤاد المغربي أن هذا الفيلم يحوي العديد من موضوعات الذاكرة، وهو نفسه يتحول إلى موقع من مواقع إعادة إنتاجها، لقد تطرق إلى أنه من المهم أن يكتب الشعب الفلسطيني تاريخه، فضمن نظرية المعرفة، دائماً القوي هو من يكتب التاريخ، وإذا كانت قوته تعطيه شرعية ذلك، فإن من الخطيئة أن يقبل المغلوب بالتاريخ كما يكتبه الغالب، وهذا ما يجعل من التاريخ مجالاً للصراع. وأكد د.المغربي 'أن على الفلسطينيين أن يكتبوا التاريخ بنظرة تاريخية، وأن يروا المستقبل أيضاً ضمن رؤية تاريخية، فنحن جزء من تاريخ طويل؛ بمعنى أننا لسنا منقطعين، فنحن شعب تاريخي'.

وتطرق إلى الجيل الجديد 'الذي يعيد إنتاج الذاكرة والثقافة الفلسطينية بأفق حداثي؛ أفق أوصل القضية الفلسطينية إلى مواقع كانت في السابق حكراً على الخصم، الآن الفلسطينيون يتحدثون في أماكن متعددة في العالم، ويحضرون كشعب فاعل ومنتج يعبر بصوته وفنه عن حضوره وعن عدالة قضيته'.

وأشار المغربي إلى مشروع التاريخ الذي يتم العمل عليه في مركز القطان للبحث والتطوير التربوي، مؤكداً انخراطه الشخصي في هذا المشروع بوصفه مشروعاً في المساهمة في كتابة التاريخ الفلسطيني من الأسفل (تاريخ الناس في المكان عبر الزمن)، وأن جوهر المشروع يقوم على توفير الإمكانات للمعلمين ليلعبوا هم وطلابهم دور المؤرخين'.

واستشهد في هذا السياق بأن المعلمين الفلسطينيين زمن الانتداب هم من كتب تاريخ فلسطين ومناهج التاريخ المدرسية، مؤكداً أن هذا المشروع يأتي في سياق عمل مركز القطان في الحقل التعليمي لتطوير عمل المعلمين وزيادة فعاليتهم، وزج الطلبة في قراءة الحياة وتطوير أدوارهم فيها بالتكامل مع باقي مشاريع وبرامج مؤسسة عبد المحسن القطان، التي وصفها بأنها مؤسسة وطنية تعمل في حقل الثقافة، وتتميز بكونها ممولة من عائلة فلسطينية هي عائلة عبد المحسن القطان، ما يوفر لها الاستقلالية.

وأضاف أن هذه المؤسسة تعمل بشكل متكامل، فهناك برنامج الثقافة والفنون الذي يُعنى بالجانب الثقافي والفني، وتحفيز المواهب الشابة، واحتضان إنتاجها ومساعدتها في نشره وإيصاله للمواقع العالمية، وهناك مركز القطان للطفل في غزة، الذي يشكل مكاناً لأطفال غزة يتعرضون فيه إلى تجارب وخبرات نوعية ضمن المعيار العالمي. وذكر المغربي أن عبد المحسن القطان شخصياً يولي اهتماماً خاصاً بهذا المركز، ويعتقد أن أطفال غزة عبره سيختبرون أهم خبرة في حياتهم؛ بمعنى أن هذا المركز سوف يوفر لعدد كبير منهم تجربة نوعية في التعلم المتكامل والانخراط المبكر في حالة من الإبداع.

واشار رئيس بلدية أريحا المحامي صالح في مداخلته إلى أن فيلماً كهذا من المهم أن يعرض لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، لافتاً النظر إلى أهمية كتابة التاريخ المعاصر كله، وبشكل خاص تاريخ المقاومة الفلسطينية، وتاريخ الوعي المرافق لها.

كما تحدث مدير الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية، مؤكداً 'أن لكل حقيقة جماهيرها، وبالتالي لا بد من كتابة التاريخ من زوايا متعددة لكي تقارب التاريخ كرواية جمعية، وأن هذا يتطلب مقاربة التاريخ بطريقة علمية، ووضع الظواهر التاريخية في إطار خلفياتها الثقافية والاجتماعية لإنصاف صانعي التاريخ المغيبين في كتابته'.

وأكد د.مسلم أهمية الرواية في فهم التاريخ والتقاط تفاصيله، مستشهداً في رواية للكاتب زياد عبد الفتاح عنوانها 'دار الجيش' كتاريخ يرصد تفاصيل مكان ومجموعة في سياق عام.

بدورها، أكدت نادرة المغربي أهمية كتابة التاريخ وتوثيقه، وأنه من الضروري أن نعمل بشكل مستمر على توظيف أغراض وأشياء النكبة في حياتنا اليومية، وغرس هذه الأشياء في عقول الأطفال والطلبة، لتأكيد تواصلهم معها وتمسكهم بها، وأن تبقى متجذّرة في عقولهم وقلوبهم من خلال أسلوب حياتهم اليومية.

و أكد وائل نظيف رئيس اتحاد العمال على أهمية العمل في جمع وتوثيق التاريخ والأحداث وأثرها على حفظ التاريخ الفلسطيني واستمراره. وتطرق الإعلامي علي السنتريسي إلى الجهود المبذولة في جمع الرواية الشفوية، مشيراً إلى دور فريق برنامج 'راجعين' في تلفزيون فلسطين في هذا المجال، مؤكداً أن هذا الموضوع مهمة وطنية.