في ورشة عمل بغزة: الاحتلال وصعوبات سياسية ومالية أهم معوقات البحث العلمي التاريخ : 31/5/2010 الوقت : 11:40
--------------------------------------------------------------------------------
غزة 31-5-2010 وفا- ناقش مختصون في قطاع غزة، اليوم، التحديات التي تواجه الجامعات الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وركزا، خلال ورشة عمل نظمها مركز شؤون المرأة، على 'انعدام الرؤية الإستراتيجية في البحث العلمي، وغياب التنمية معوقات أساسية تواجه البحث العلمي في فلسطين'.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمها مركز شؤون المرأة بالتعاون مع كلية الإعلام في جامعة الأقصى بغزة، بعنوان 'معوقات البحث العلمي'.
حضر الورشة الذي عقدت في جامعة الأقصى في مدينة غزة، عدد من الأكاديميون، والباحثون/ات في المؤسسات الأهلية، وطلبة/ات كلية الإعلام.
وفي كلمة الافتتاح أكد د. زهير عابد نائب عميد كلية الإعلام في جامعة الأقصى على أهمية البحث العلمي في كافة المجالات، وانه هو أساس تطور الحياة في الوقت الحالي، لكي نفهم ما يدور حولنا.
وقال د.عابد 'قد يعترض الباحث للعديد من المشاكل لأنه ليس على اطلاع بالتطورات الدائرة من حوله، وأيضاً هناك معوقات مادية، ولكن الباحث يستطيع ان يتغلب على هذا المعوقات، لذلك عليه أن يكون حيادي ولا يرضخ لأي ابتزاز من حوله، لان البحث العلمي يعتمد على الأصالة، والحقيقة، والمصداقية'.
وأضاف 'هناك تجاوزات من قبل الباحثين خاصة وأنهم يعتمدون على مكاتب خارجية، أو ينسخون بحثاً جاهزاً مع تغيير بعض الأرقام فيه، لذلك على الباحث أن يعتمد على نفسه في بحثه، لان أي مشروع الآن يعتمد على الدراسات والأبحاث'.
وخلال تعريفها بمركز شؤون المرأة، أوضحت هداية شمعون، منسقة برنامج الأبحاث والمعلومات في المركز، بأن هذه الورشة تأتي في إطار التشبيك مع الجامعات الفلسطينية، كأحد المؤسسات التي ينطلق منها البحث العلمي، وان البحث العلمي هو ركيزة أساسية لأي عمل في أي مؤسسة، مشيرة إلى أن برنامج الأبحاث والمعلومات يهدف بدوره إلى المساهمة في تحسين عملية اتخاذ القرارات المبنية على المعرفة الخاصة بالمرأة الفلسطينية، وذلك من خلال تحقيق تطوير قاعدة للبحث العلمي، و تحقيق فهم و معرفة أكبر حول قضايا تتعلق بحقوق المرأة الفلسطينية و مفاهيم العدالة والمساواة.
وقالت شمعون 'إن المركز يهتم بإعداد أبحاث ودراسات تشخص الواقع الفعلي للنساء الفلسطينيات ويكشف مشاكلهن الحقيقية وواقعهن المجتمعي والثقافي والاقتصادي وبالتالي خرج بالعشرات من الأبحاث والدراسات التي تم نشرها وتعميمها'.
من جانبه، أكد د.نبيل الطهرواي أستاذ الإعلام المساعد في جامعة الأقصى على أن التحديات الكبيرة التي تواجهها الجامعات في ظل الاحتلال الإسرائيلي, وانعدام الرؤية الإستراتيجية في البحث العلمي، كان من أهم مبررات ضعف البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية، إضافة إلى أن العبء التدريسي في الجامعات كبير.
وقال د.الطهرواي 'نجد أن الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض خصصت في موازنتها العامة 2010 ما نسبته 22% لوزارة الداخلية بما يوازي 756مليون دولار ، و19% لوزارة التربية والتعليم ، فيما خصصت حكومة غزة مبلغ 127 مليون دولار كنفقات رأسمالية وتطويرية وزعتها على ثماني قطاعات كان نصيب الأمن والنظام العام والإدارة المالية 96% لوحدها، وهذا وحده يكفي لان يكون احد المعوقات الرئيسية للبحث العلمي'.
وأضاف' أن الجانب النظري يطغى على النظام التعليمي في كثير من كلياتنا، ومعظم هذه الجامعات تعاني من أزمات مالية وما يتم رصده لا يكاد يتجاوز ما يسمى بميزانيات التشغـيل ولا مكان للبحث العلمي، كما انه يتضح من نتائج الدراسات حول واقع العملية التعليمية في الجامعات الفلسطينية بمحافظة غزة، أنها توجه جل اهتمامها نحو تخريج أكبر عدد ممكن من الطلاب، مشيراً إلى أن الأكاديميون يرون الشهادة العلمية هي قمة الإنتاج العلمي ولا داعي لمزيد من البحث'.
وبرغم هذه الصعوبات إلا أن تقييم الجامعات الفلسطينية في المنظومة العربية يعتبر جيد حيث حصلت (
جامعات فلسطينية على مراتب متقدمة ضمن أول 100 جامعة في العالم العربي (من أصل أكثر من 500 جامعة عربية دخلت التقييم) وفى قراءة متأنية لترتيب الجامعات الفلسطينية حسب تصنيف 'ويب ماتركس' Webometrics. فإن الأبحاث العلمية تشكل احد أهم الركائز الأساسية في هذا التقييم، فمعايير الحجم والرؤية والملفات الغنية مرتبطة بشكل أو بأخر بوجود الأبحاث، وتساهم بشكل مباشر في رفع ترتيب الجامعة، وهذا ما جعل جامعة النجاح تتقدم في احدث إحصائية لعام 2010 للمرتبة العاشرة.
وفي الجانب الإعلامي، أوضح د.الطهرواي بأن المهتمين بهذا الميدان في العالم العربي ينظرون إلى الإعلام كممارسة مهنية، متجاهلين عنة صفة العلمية، و لم يتم تطوير نظريات بحثية عربية مستقلة (ألا فيما ندر) ويكتفي الباحثين بالنظريات الأجنبية، حتى مع اختلاف الظروف والمؤثرات.
وبالنسبة لأسباب مسئولية ضعف أبحاث التخرج من وجهة نظر الطلبة، أكد على أن عدم اهتمام الطلبة بزيارة المكتبات، وعدم وجود دوريات ومجلات المتخصصة، والتساهل مع الطلبة في تسجيل مساقات متعددة عند التخرج، وعدم اهتمام مدرسي مناهج البحث بتطوير أنفسهم وتنويع أساليبهم التدريسية، هي من أهم أسباب الضعف.
وحول المقترحات لتطوير واقع البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية، قال د.الطهرواي 'أن يكون البحث العلمي من أولوياتنا السياسية والوطنية، وأن يستشعر الجميع أهميته، وتوفير الدعم المالي لمهمة البحث العلمي المناسب .تخصيص جزء من ميزانية الجامعات للبحث العلمي، وتسهيل أمور التواصل بين الباحثين والعلماء في هذه الجامعات العمل على جعل الجامعات الفلسطينية منتجة من خلال تطوير دور الجامعة، وإنشاء مراكز استشارات فنية تابعة للجامعة والتنسيق مع المؤسسات الأهلية لتفعيل دور الجامعة'.
من جهته، قسم رامي مراد الباحث في مركز دراسات التنمية-جامعة بيرزيت، بيئة العمل البحثي في المؤسسات الأهلية على ثلاث مستويات أساسية هي: مستوى يبدأ مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ويستمر حتى اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000 ، حيث أن المستوى الأول اتسم بنشاط كبير في العمل البحثي لكنه استند إلى مؤسسات السلطة الرسمية، أما المستوى الثاني كان من عام 2000 وحتى الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006، هذه الفترة شهدت الكثير من الدراسات والأبحاث ذات الطابع الإنساني حيث عالجت نسب الفقر وانعكاساتها على مجمل الوضع الفلسطيني، والمستوى الثالث من عام 2006 وحتى 2010، في هذه الفترة شهد العمل البحثي تراجعا ملحوظا تزامن بتراجع الدعم الدولي لأراضي السلطة الفلسطينية مما اثر سلبا على مجمل العمل البحثي والأهلي.
وعلى صعيد الصعوبات التي تتمثل في العمل البحثي في مؤسسات قطاع غزة الأهلية أكد مراد على أن غياب التنمية، والظروف الأمنية الصعبة والاجتياحات والاغتيالات مما كان يعرض حياة الباحثين إلى الخطر، لاسيما في مناطق التماس، واستشراء حالة الفلتان الأمني وغياب سيادة القانون، دمر إمكانيات العمل في المؤسسات الأهلية وأدى إلى تراجع العمل البحثي بشكل كامل، كانت من أهم الصعوبات.
وقال مراد'إن من أهم الإجراءات التي من شأنها أن تساهم بتجاوز حالة الترهل التي يعانيها العمل البحثي في مؤسسات قطاع غزة الأهلية هي:تطوير قدرات الطلاب بالجامعات على إجراء البحوث المختلفة بأنواعها وأشكالها، وإنشاء مكتبة عامة، بحيث تدعمها عدد من المؤسسات ويفرد لها طاقم ويتم إثرائها من خلال نسخ مجانية عن أبحاث وتقارير المؤسسات الأهلية وتقوم المكتبة بتنظيم حلقات لاستعراض ونقاش هذه الدراسات، والتشبيك مع الجامعات والمراكز البحثية المهنية وعقد اتفاقات شراكة'.