وصلت القافلة
اللجنة الاعلامية للقدس في الجزائر
من سنن التدافع, ومن القوانين التي لا يراها البشر, تلك التي في لحظةٍ تُبدّلُ مشهدَ الأفق وكيمياءَ الأمل وترسمُ الدرب وتفتحُ الطريقَ وتُنعش الأمل وتُحيي الروح, كأنّما هي دليلٌ دنيوي على قدرته سبحانه على إحياء الروح وهي رميم, فكأنّما هي من السنن المكتشفة والفتوحات الروحية والتجليات العلوية التي لا يدركها أغلب البشر, رغم أنها مبثوثة في سرّ الكون ويراها من يراها بعينه التي ترى ما لا يراه الناس, بما أودع الله فيها من شفافية وإيمان وما علّمها من حكمة, وحدهم يعرفون أثر تضحياتهم وعرقهم ويراهنون على الجانب الآخر الخفي الذي يتوارى خلف ضباب الظلم الذي يغطي سطح الأرض ويغشى على الإنسان, وحدهم المناضلون الثوار المؤمنون بقضاياهم يعرفون ذلك ويمضون به إلى نهاياته ونهاياتهم,
هكذا هم مناضلو أسطول الحرية الذين تحدّوا غطرسة العالم وعملوا بلا كلل وبكلّ إيمان وتحملوا كلّ المشاق وكلّ وعثاء الأسفار وكلّ احتمالات الأخطار, وغيروا وجه الأرض وعدّلوا ميزان الرؤية, فأحيوا بإذن ربهم السؤال من جديد, وبثّوا فيه روحاً مسّت أربعَ جهات الوعي, ووصلت القافلة بالضبط إلى وجهتها, إلى الضمير الإنساني ومراكز القرار وحركت الساكن في البحيرة البشرية وأزاحت ركام الطين من آذان الضمير,
وصلت القافلة, وفتحت وراءها الطريق وأضاءت السبيل لقوافل أخرى ستجيء, فكم هو هشٌّ هذا العدوّ الجيش الذي ينهزم أمام أعلامٍ وموادَّ غذائية, وكم هو عارٍ الآن, وقد رآه العالم ينكسرُ أمام شيخٍ وامرأةٍ ومطران, ويقذف نفسه ومستقبله في الماء,
وصلت القافلة, وانكسر الحصار, نعم انكسر في وجدان البشرية, ولم يبق إلا إنجازه, إنجازه الذي يتطلب فقط مواصلة الدرب, فهو الجدار يريد أن ينقضَّ, فقط هم أولئك الأحرار من رؤانا القاصرة يرونه ينهار ويرون انهيار الحصار ويرون أشياء أخرى, وحدهم مَن قضى نحبهم في أسطول الحرية ومَن ما زال ينتظر, يرى الانتصار.
اللجنة الاعلامية للقدس في الجزائر