ملف الحركات والجماعات الإسلامية في طرابلس شمال لبنان : أين كانت وأين أصبحت؟

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الباحث الإسلامي عامر أرناؤوط

في حوار مع الباحث في شؤون الحركات الإسلامية عامر أرناؤوط
< معظم الحركات الإسلامية غير واضحة الاتجاه وإن كانت تتطلّع إلى هدف واحد
لن يكون موضوع هذه الحلقة إحدى الحركات والجماعات الإسلامية في طرابلس وإن كان يدور في متنه الأساسي حول خطابها الذي بدأت معظم هذه الحركات مراجعته لتقف على آفاق مسيرتها ومكامن الخلل في علاقاتها مع جماهير المسلمين، إذ لا يمكن، مع الغزو الثقافي العالمي وتطور سبل الحصول على المعرفة من مصادر شتى وبلمح البصر، ان يبقى هذا الخطاب رهن مفردات ومصطلحات وأساليب لم تعد تخدم هذه الدعوة، ان لم نقل أنها قد تسيئ إليها ولا تؤدي - على الأقل - مرتجاها·
وأن تجديد الخطاب الإسلامي بات يحظى بتفهم وقبول لدى معظم هذه الحركات وإن كنا لا نلمح بوضوح مناحي هذا التجديد، مما يدفعنا الى الشك بقناعة هذه الحركات بضرورة تجديد هذا الخطاب·

وقد عُني الباحثون في شؤون الحركات الإسلامية بهذه القضية التي رأوا فيها السبب الرئيس لعدم تواصل هذه الحركات مع الأجيال الناشئة مما ينذر بانفصامها وغربتها ولربما عزلتها ان لم تبادر بكل قناعة الى قراءة خطابها مجدداً وبذهن منفتح·

وفي الحلقة التاسعة عشرة من هذا الملف نلتقي الباحث الاسلامي عامر ارناؤوط الذي خبر العديد من هذه الحركات وعكف على استخلاص مواطن ثغراتها في كتابه الصادر حديثاً <الخطاب الإسلامي المعاصر - رؤية تجديدية> حيث تركز حوارنا معه على اسباب الدعوة الى هذا التجديد وآفاقه وجدواه، مع الافساح المجال لحرية الرأي واستمرار النقاش حوله:

ظاهرة تعدد الحركات الإسلامية كيف تقرأ ظاهرة تعدد الحركات الإسلامية على الرغم من إجماعها على ان الغاية واحدة؟ - نشأت طوال القرن الماضي حركات إسلامية اختلفت خطاباتها السياسية لكنها التقت - فقط - على نعتها بالاسلامية، حتى قيل انه يوجد من انواع الاسلام - بكل اسف - بمقدار ما يوجد ليس فقط من هذه الحركات، بل من <الاسلاميين>، وما اكثرهم·

ان معظم هذه الحركات غير واضحة الاتجاه وان كانت تتطلع الى العودة الى ينابيع الاسلام الصافية الاولى، وترفع شعار <لا يصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح به اولها>، ورغم ذلك يبقى الغموض يسود توجهاتها، حيث لا تتوفر اكثريتها على برامج اقتصادية اجتماعية قادرة على ايجاد الحلول للمشاكل التي تعاني منها شعوب العالم الاسلامي، والتي يمكن اختصارها في كلمة جامعة هي مشكلة التخلّف بجميع انواعه: الفكري، والاخلاقي، والاقتصادي، والاجتماعي والسياسي او اختصاراً التخلف الحضاري·

اختلاف اساليب الدعوة هل ان كل الحركات الاسلامية لها الاسلوب نفسه في الدعوة والخطاب؟

- ابداً، لقد اشرنا الى اختلاف اساليب عملها، فبعضها لجأ الى الثورة والعنف، وبعضها اعتمد اقصاء غيره، اي انه مارس العنف الفكري، حركة التكفير - كما تقول بعض الحركات عن نفسها انها مجرد حركة دعوية دينية وان النظم القائمة تضطهدها، لكن بعضاً منها لا يلبث ان تصطبغ رده فعله بالعنف حين لا يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن، وحين يجهر بفتاوى تكفير غيره او تفسيقه مع ان السلف الصالح اجمع على ان <لا يكفر احد من اهل القبلة بذنب>·

ملاحظات على الخطاب الاسلامي وماذا عن الخطاب الاسلامي الذي تعتمده بعض هذه الحركات؟ كيف تصفه؟

- يتميز خطاب بعض الحركات الاسلامية بالتشدد والتعسير والتطرف بدلاً من التيسير والاعتدال والابتعاد عن التنفير·· وعادة ما يُقابل هذا النوع من الخطاب بالتحفّظ وحتى الاستنكار من لدن سواء المجتمعات الاسلامية، ويبقى في معظم الاحوال غير باعث على الاطمئنان اليه، لأنه لا يعكس ما عرف عن الاسلام الحق من سماحة وتسامح وبُعد عن الافراط والتفريط، وتعايش مع الغير، ولو كان مخالفاً في الرأي والعقيدة·

تنوّع مناهج الحركات هل ترى ان الحركات الاسلامية التي لا تتخذ العنف والتكفير اسلوبها المباشر ينبغي ان يتم تضييق الخناق عليها لمجرد انها دعوية اسلامية؟

- انا اتفق معك بأن اغلبية هذه الحركات مسالمة ترفض العنف وتنأى بنفسها عن الارهاب، وانه لا يجوز ان تعامَل بالاقصاء والتضييق اذا تأكيد انها تعمل بالوسائل السلمية وتحترم القوانين، وانها لا ترغب في ممارسة العنف على المجتمع، ولا تطمح الى المشاركة في الحكم بوسائل غير شرعية وغير مشروعة·

لكن هذه الفصائل الاسلامية المتميزة بهذا النمط السلوكي الحضاري او بالاحرى الاسلامي الحق، مدعوة من جانبها الى الافصاح عن نفسها بالتزام خطابها السياسي بالعمل في اطار النظام القائم واحترام مؤسساته والاذعان لمقتضيات قوانينه، ومن حقها على النظم السياسية الحاكمة ان تعترف لها بحق الوجود وممارسة العمل السياسي·

دواعي ظهور الحركات الإسلامية ما هو في رأيك تنامي ظهور الحركات الاسلامية بشكل متسارع ولافت في النصف الثاني من القرن الماضي؟

- ان ظاهرة نمو وانتشار الاحزاب والحركات الاسلامية التي تشهدها امتنا في هذه المرحلة جاءت نتيجة سقوط الشعارات الاخرى، وهزيمتها، وايضاً لازدياد الهجمة الشرسة على بلادنا، واستمرار الصلف الصهيوني في فلسطين المحتلة، وهو ما نوجزه بعوامل سبعة: - هزيمة مشروع <النهضة الناصري>·

- افتقاد النظام العربي الوريث للمشروعية·

- انتشار فلسفة العلمانية ومظاهرها·

- حرب المجاهدين في افغانستان·

- ظاهرة الثورة الاسلامية الايرانية·

- هجمات الحادي عشر من ايلول·

- احتلال افغانستان ثم احتلال العراق·

وفي كل هذه العوامل السبعة تفاصيل ومكوّنات دعمت وعزّزت اتجاهات العنف لدى التيار الاسلامي السياسي·

العمل الاسلامي في لبنان فلنتحدث بصورة أدق عن العمل الاسلامي في لبنان، اهدافه وغاياته واساليبه؟

- ان العمل الاسلامي في لبنان تشكّل بفعل نضوج جيل كامل عانى ويلات واقع التجزئة العربية وواجه تداعيات الحروب اللبنانية وحالة التخبط السياسي التي يعاني منها الكيان اللبناني منذ نشأته، فنشأت حركات كأحزاب سياسية اعلامية تنموية اجتماعية ثقافية تعمل على ايجاد تيار يعيد الاعتبار للاجتهاد لينفتح العقل على النص وليعيد لهذا الاخير حضوره في عالم التفكّر والتدبر· ولاحظنا بروز تشكيلات اسلامية شابة تريد انساناً حراً يعيش في مجتمع يحترم القيم ويؤمن بالاخلاق العامة وتسوده روحية الحوار وقبول الآخر، ويتجدد باستمرار بمرونة مطلقة· من هنا جعلت هذه التشكيلات الاسلامية الانسان والمجتمع محور خطابها السياسي الاسلامي، وابتعدت عن مفردات السلطة والحاكمية كمنطلقات اساسية في صوغ معالم خطابها المنشود·

الموقف من قضية فلسطين ما هي بديهيات الخطاب الإسلامي في مشكلة الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين؟

- تُرسي العقيدة السياسية للخطاب الاسلامي عدة نقاط اهمها:

1- التأكيد على اسلامية وعروبة فلسطين، والعداء للصهيونية والامبريالية والظلم العالمي المتمثل بالغطرسة الاميركية·

2- ان لنا الحق في مقاومة المحتل وتحرير البلاد العربية والاسلامية من الجيوش المحتلة وسيطرتها على مقدرات امتنا، على ألا يتعدى ذلك ليتحوّل الى ظاهرة عنف وتخريب اعمى، اي التفريق بين المقاومة والارهاب·

3- ان مشروع التسوية في الشرق الاوسط هو جريمة في حق الشعب والامة والتاريخ وتنكّر للحقوق الشرعية ودماء الشهداء·

4- ان العقيدة الاسلامية او الخطاب السياسي الاسلامي يحمل في طياته منهج الرحمة والمحبة للعالمين، عبر الدفاع عن المظلومين منهم، والوقوف في وجه الظالم·

5- ان التقادم الزمني لا يجعل المحتل صاحب شرعية، وان عدم المقدرة على المقاومة لإخراجه لا يعطى الحق بالتنازل عن حقوق الاجيال القادمة·

وقضايا الأمة وحول شؤون وشجون الأمة العربية والاسلامية؟ ما هي مضامين هذا الخطاب الاسلامي المنشود؟

- التركيز على غاية اساسية ايضاً: وحدة العرب، وصياغة اهداف جزئية في درب الوصول الى تلك الغاية، ومنها:

1- صوغ برامج لزيادة عامل التعاون الاقتصادي بين الكيانات العربية والاسلامية·

2- زيادة عوامل الاندفاع الثقافي والديني الرسمي·

3- مضاعفة برامج التعاون التربوي فيما بينها·

4- زيادة عوامل الانفتاح الحدودي·

5- اقامة جسور التعاون الكبير في مجال الاعلام·

6- تعزيز دور الجامعة العربية·

7- تأكيد اهمية ودور المؤسسة في مواجهة الشخصنة·

دراسة ميدانية قمت بدراسة احصائية استبيانية حول الخطاب الاسلامي المعاصر، كيف يمكن ان توجز لنا نتائجها؟

- قام بمساعدتي في هذه الدراسة الدكتور ناجي حدارة والاستاذ هشام علوان، والاخوة في <مركز طرابلس للدراسات والاحصاء والتنمية البشرية> عكست مجموعة من الملاحظات نوجزها بالتالي:

- ان معظم الحالات المدروسة تنظر الى الحركة الاسلامية وخطابها على انه خطاب للفرد واصلاحه الشخصي، وانه يصلح للاستقرار الروحي والنفسي ليس إلا·

- تسجيل ارتفاع قرّاء التراث والدين عموماً، وتدنّي القراءات النوعية التي تساعد على تكوين الهوية الثقافية لمعالم الخطاب الاسلامي المتفاعل مع الواقع الاجتماعي·

- تراجع تفاعل الناس مع اساليب الخطاب الاسلامي العادية وتدني نسبة المشاركين في الاحتفالات والمناسبات الاسلامية·

مقترحات على ضوء النتائج ما هي اذاً مقترحاتك على ضوء نتائج هذه الدراسة حول الخطاب الاسلامي المعاصر؟

- هي كثيرة، نذكر ابرزها واهمها ومنها:

- ان تعتمد الحركة الاسلامية مبدأ التربية الجماعية للأمة·

- انتهاج التربية النخبوية للدعاة الى الله·

- الابتعاد عن التربية الحزبية·

- استخراج الكثير من القواسم المشتركة بين افراد الامة·

- التعامل مع مجموع الامة على انها التيار الاسلامي، وعلى ان الحركة الاسلامية هي الناظم لحركة هذا التيار·

- تحديد الحركة الاسلامية الخط السياسي المتبع والتحالفات والعداء والمهادنات·· الخ·

- العمل على استبدال القيادة الاسلامية الحالية لعدم مقدرتها على التعاطي المرن مع المرحلة·

- تقديم انفسنا كحركة اسلامية جهادية تربوية ثقافية غير حزبية·

- تقديم الحركة للشارع الاسلامي بصورة حضارية اخلاقية·

- الحرص الشديد على التوازن بين التراث والانفتاح·

» لقاء بين حركتي التوحيد والجهاد الإسلامي في طرابلس شمال لبنان
» مسيرة شموع لـ <حزب الطليعة> في طرابلس شمال لبنان بذكرى إحتلال العراق
» ثلاث قنابل ليلية في طرابلس شمال لبنان وتبادل لإطلاق النار في التبانة
» تظاهرة في طرابلس شمال لبنان دعماً للشعب السوري وحرق العلمين الإسرائيلي والإيراني
» 'هآرتس': السفير الإسرائيلي في القاهرة يسعى لفتح قنوات مع ممثلي الحركات الإسلامية المصرية