اعلاميو لبنان يعترضون على غرامات القضاء المرتفعة

تعاني الصحافة ووسائل الاعلام اللبنانية في هذه الفترة من قرارات قضائية قاسية واستنسابية تتخذها محكمة المطبوعات التي تفرض غرامات مالية مرتفعة على كل صحيفة أو وسيلة اعلامية تصل الى 50 مليون ليرة لبنانية أو ما يعادل 35 الف دولار ما يضطر الصحافي في حال ارتكابه مخالفة الى دفع ما لا يقدر على تحمله.
وتبعاً لهذه القرارات القضائية الجائرة تنادى اعلاميون الى الاجتماع في مقر نادي الصحافة للاعتراض على هذه الخطوة التي طالت تلفزيون 'الجديد' المعارض على خلفية دعوى أقامها ضد مديرة الاخبار مريم البسام وزير العدل السابق شارل رزق وانتهت الى وضع اشارات على حجز احتياطي لبعض أثاث المحطة وسياراتها بعدما امتنعت المحطة عن دفع الغرامة للوزير رزق.
وطالت الغرامات جريدة 'الديار' وجريدة 'اللواء' على خلفية دعوى أقامها حزب الله لايرادها خبراً غير صحيح عن وجود نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على متن الطائرة الاثيوبية التي وقعت في البحر قبل اشهر.
لكن القضية الابرز التي شغلت الوسط الاعلامي منذ ايام هي قضية محطة 'أو تي في' التابعة لرئيس 'التيار الوطني الحر' ميشال عون التي كانت ستخضع لغرامة تقضي عليها وتُقدّر بـ 270 مليار ليرة لبنانية أو ما يوازي 180 مليون دولار على خلفية نزاع مع رئيس مجلس ادارة أحد المصارف في لبنان 'سوسيته جنرال' أنطون الصحناوي الذي شنّت عليه المحطة حملة شعواء على خلفية اطلاق مرافقيه النار في احد المرابع الليلية على مواطن كان يعمل لديه حيث اصابوه بقدميه وروّعوا الساهرين.
وجاء في الدعوى التي اقامها الصحناوي وهو خصم سياسي لعون وحليف لقوى 14 آذار أنه 'منذ وقوع الحادث المؤسف في مطعم White house ليل 25-26 شباط (فبراير) 2010، قامت بعض وسائل الاعلام بحملة على رئيس مجلس ادارة المصرف، وان الافتراءات تطورت لتتناول المصرف نفسه وان الاعلام نفسه يشن حملات على هذا المصرف، وانه ورد في النشرة الدعائية للفقرة موضوع النزاع مشهد لمسؤول الموارد البشرية في Societe anti-generale يتعرض لاحدى الموظفات التي ترتدي جوارب برتقالية (وهو لون التيار الوطني الحر)، وفجأة يدخل رئيس مجلس ادارة المصرف ومعه مسلح يطلق النار على الموظفة، وقد تم بث هذه النشرة بوتيرة عالية 5/3/2010 وقد تم ذكر البنك صراحة فيه، وان البنك تقدم من هذه المحكمة بطلب اصدار أمر على عريضة بتاريخ 5/3/2010 لمنع بث هذه الفقرة والنشرة الاعلانية الترويجية، وان الامر على العريضة صدر بتاريخ 5/3/2010 وقضى بمنع عرض النشرة الدعائية والترويجية والفقرة من برنامج Ovrira تحت طائلة غرامة اكراهية قيمتها 50 مليون ل.ل. عن كل مخالفة، وقد ازدادت الاضرار بعد عرض الاعلان الترويجي على موقع youtube الذي زاره أكثر من 7600 شخص'، وقد طالب المصرف بمبلغ 50 مليون ليرة عن كل شخص دخل الى الموقع الالكتروني.
واستباقاً للقرار القضائي عقد العماد عون اجتماعاً لتكتله داخل المحطة ورفض تدخل السياسة في القضاء وسأل 'من يحمي انطون الصحناوي؟'.
ونفّذ أنصار 'التيار الوطني الحر' اعتصاماً طول ليل الاربعاء الخميس تضامنا مع المحطة ورفضاً للرضوخ لقرار قاضية الامور المستعجلة في بيروت زلفا الحسن ومطالبة بتحويل الدعوى الى محكمة المطبوعات صاحبة الاختصاص في الدعوى. كذلك تنادت وسائل الاعلام الى الاجتماع في مقر نقابة الصحافة تضامناً مع 'أو تي في' ورفضاً لدفع أي غرامة مالية مرتفعة.
وبدا أن الحملة التضامنية أثمرت فأصدرت قاضية الامور المستعجلة 'قراراً معجل التنفيذ' ردّت فيه دعوى شركة 'سوسيتيه جنرال' ضد تلفزيون 'او.تي.في' في موضوع تصفية غرامات، لعدم الاختصاصين المكاني والنوعي وطلبت تضمين المدعي مصاريف الدعوى ورسومها.
ولو صدر القرار القضائي كما كان متوقعاً لما كانت المحطة البرتقالية قادرة على دفع المبلغ المالي الكبير ما يعني اقفالها، ولكان تمّ الاعلان عن بداية عهد جديد من التعاطي مع الوسائل الإعلامية، عهد يتحكّم به القضاء بوسائل الاعلام ويدجّنها.
ولذلك إرتفعت لافتات خلال الاعتصام الحاشد الذي أحاط بمحطة 'أو تي في' كتب عليها 'نعم لحرية القضاء...لا للقضاء على الحريات'.