قبل صدورة :"القرار الظني" يثير انقسام اللبنانيين

ذكرت مصادر ديبلوماسية عربية ان حزب الله اللبناني مصمم على التحرك قبل صدور القرار الظني المرتقب من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمتوقع ان يتهم عناصر من الحزب بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء الاسبق، رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير/شباط عام 2005، وذلك في الوقت الذي اندلعت فيه حرب كلامية بين قيادات الحزب وتيار المستقبل.

اضافت المصادر، أن الحزب يعمل للاختيار بين خيارين: إما اللجوء الى السلاح للسيطرة على البلاد مع ما يعني ذلك من محاذير أولها الحرب الاهلية, وإما اللجوء الى الاعتصامات المدنية التي تتضمن المرابضة المدنية في المؤسسات الرسمية ما يعني إمكان التوصل الى تسوية مع الحكومة التي لن تكون في وضع يسمح لها بفرض الشروط أو تحديد قواعد اللعبة.

ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية عن المصادر قولها، إضافة إلى ما سبق, يتضمن مخطط حزب الله محاولة إطاحة الحكومة والإتيان بحكومة جديدة برئاسة شخصية سنية من قوى 8 آذار مهمتها وقف تمويل المحكمة واستقالة القضاة اللبنانيين منها, وتغيير التوازنات السياسية الحالية لصالح توازنات جديدة يكون فيها الحزب هو الإدارة الفعلية للدولة.

واشارت المصادر الى أن حزب الله يراهن في هذا السيناريو على موقف مؤيد من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزرائه, لأن استقالة وزراء "8 آذار" وحدهم قد لا يكفي للإطاحة بالحكومة, خصوصاً أن الحليف الأساسي لحزب الله، رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يبدو موافقاً على هذه الخطوة, كما أن وزراء رئيس الجمهورية لا يبدو أنهم يؤيدون هكذا خطوة, خصوصاً بالنسبة لوزير الدفاع الياس المر الذي يشكل عقبة أساسية أمام الحزب لتنفيذ خطته الأمنية-العسكرية لاحقاً في حال فشل في إسقاط الحكومة.

واوضحت، أنه بات واضحاً أن الرسائل الأمنية التي يوجهها حزب الله عن خطوته التالية تنحصر في احتلال المؤسسات الرسمية وإدارات الدولة جميعها تعبيراً عن نصف انقلاب عسكري يقف عند حدود القصر الجمهوري ومجلس النواب ورئاسة الحكومة, من أجل فرض واقع على هذه الرئاسات للتعاطي مع هذا الانقلاب كحقيقة واقعة وتدفع رئيس الحكومة للاستقالة من منصبه, وبالتالي الإطاحة بالحكومة وإجراء مشاورات نيابية جديدة تحت تهديد السلاح.

ولا يستبعد هذا السيناريو إمكانية اللجوء إلى حل مجلس النواب تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية في ظروف مختلفة يعتقد الحزب أنها ستؤدي إلى نتائج مختلفة عن نتائج انتخابات العام 2009 التي حققت فيها قوى "14 آذار" انتصاراً واضحاً قبل أن يخرج منها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط.

وتشير مصادر موثوقة في حزب الله إلى أن ساعة الصفر لتنفيذ هذه الخطة تبدأ فور صدور القرار الظني عن المدعي العام في المحكمة الدولية ومعرفة ردة فعل رئيس الحكومة سعد الحريري تجاهه.

يأتي هذا في الوقت الذي أكد مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ، جيفري فيلتمان، على "ضرورة تخفيف التوتر في لبنان حيث تدور أزمة سياسية حول المحكمة الدولية"، لافتاً إلى أن "واشنطن ذكرت وأكدت دعمها لهذه المحكمة وللبنان، ونحن لا نعلم حول ماذا تحقّق المحكمة، كما لا نعلم متى سيصدر عنها أي إعلان، لأن ذلك هو شأن وعمل المحكمة الدولية".

وإذ أوضح فيلتمان أنه "من مصلحة العديد من أصدقاء لبنان في المنطقة وعلى الصعيد الدولي المساعدة على تخفيف التوتر في لبنان، والمساعدة على خلق مناخ من شأنه أن يتيح للبنانيين اتخاذ قرارات باسم بلدهم"، شدد على أن "الولايات المتحدة وعلى غرار العديد من الدول تدعم المحكمة التي لا يمكن أن تكون مسيّسة".

تهديدات حزب الله

في هذه الأثناء، واصل حزب الله وبعض فريق 8 آذار حملته على المحكمة الدولية، متكئاً على قرار ظني لم يصدر بعد، حيث أطل مسؤول منطقة الجنوب في الحزب، الشيخ نبيل قاووق، ليقول إن ""حزب الله الذي انتصر عامي 2000 و2006 لا يمكن أن يسمح لقرار ظنّي أو لاتهام دولي أو لقرارات وأحكام دولية أن تنال من عزمه وتصميمه وإرادته في طريق المقاومة، ولن يسمح لأحد أن يمسّ ذرة من كرامة مقاوم في حزب الله في لبنان".

وحسبما ذكرت صحيفة "المستقبل" اللبنانية، رأى قاووق أن "معسكر عدوان تموز هو اليوم معسكر القرار الظني بحق حزب الله"، مشيراً إلى أنهم "إذا كانوا يظنون أنهم بذلك القرار يقيدون يد حزب الله، فإن النتائج ستكون عكسية عليهم"، مبديًا "الحرص والتصميم على حماية لبنان من هذه الفتنة"،

لكنه قال "لن تشغلنا محكمة دولية وانقسامات داخلية عن مواجهة العدو الإسرائيلي وستبقى الأولوية لدينا في وقتنا وإمكاناتنا وتحضيراتنا لمواجهة هذا العدو وأن نحمي ظهرنا من أي طعن في الداخل".

ولم يكن عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب نبيل نقولا أقل صراحة من حليفه في الحزب، إذ اعتبر أن "المحكمة كانت خطأً منذ إنشائها والقرار الظني سيؤدي إلى فتنة في حال صدوره"، مضيفًا "نحن نطلب بأن ننتظر لنرَ ماذا سيتكشف عن مسألة الشهود الزور وعن النظر في القرائن التي قدّمها السيد حسن نصرالله، وإذا لم نصل إلى نتيجة حينها نتّجه لمسارات أخرى في القضاء".

في سياق متصل، أعرب وزير العمل بطرس حرب، عن أسفه لـ"وضع اللبنانيين بين خيارين، إمَّا إلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وإما الحرب الأهلية"، مشيراً إلى أن "إلغاء المحكمة أو تأجيل ما قد يصدر عنها، إنما يعني القضاء على وجود النظام الديمقراطي والعدالة وحرية الرأي وحق الناس باستيفاء حقوقهم عبر العدالة، وبالتالي نكون بذلك قد أسقطنا الجمهورية والناس، وقد تكون الحرب أقلّ سوءاً من مسح حقوق الناس وكراماتهم".

في سياق متصل، راى النائب السابق فارس سعيد أن "ما يطرحه حزب الله يقضي برضوخ اللبنانيين للتخوين والتهويل"، واضعًا تصريحات النائب نواف الموسوي الأخيرة في هذا الإطار، وأضاف "كأنهم يريدون ان يقولوا للشعب اللبناني نحن قوة ضاربة نستطيع أن نخيفكم ونقتلكم ونسيطر على البلد وعليكم ان تخافوا".

» "بيروت منزوعة السلاح" يثير انقسام اللبنانيين
» مراسلات سرية للمحكمة تؤكّد: القرار الظني في نهاية العام
» وزير العمل اللبناني: القرار الظني سيصدر الإثنين المقبل
» محكمة الحريري بدأت رسميا إجراءات إعلان القرار الظني
» وثائق حزب الله قد تؤخر موعد القرار الظني باغتيال الحريري