إسرائيل تفضل بقاء الأسد في السلطة.. على البديل المجهول

تل أبيب - جانين زكريا* : دأبت إسرائيل على الشكوى من تحالف الرئيس السوري بشار الأسد مع إيران، ودعمه لميليشيا حزب الله الشيعية وإيوائه خالد مشعل في دمشق، غير أن مواجهة الأسد أخطر تهديد جدي لحكمه منذ توليه السلطة قبل 11 عاما أجبر الإسرائيليين على إعادة التفكير في أنهم قد يكونون في أمن معه أكثر من دونه. فقد حافظ الأسد كوالده على هدوء الحدود السورية الإسرائيلية كأهدأ جبهة إسرائيلية لعقود، الأمر الذي مكّن سكان شمال سورية من العيش في رخاء في جو من السلام النسبي على الرغم من كون الدولتين من الناحية التقنية في حالة حرب.

وقد عززت إمكانية صعود حركة الإخوان المسلمين الأصولية أو الجماعات الراديكالية إلى سدة الحكم بدلا من النظام العلماني المستقر، المخاوف بين الإسرائيليين، فقد تسبب ترسيخ الإخوان المسلمين لأقدامهم في النظام السياسي المصري بعد إسقاط نظام حسني مبارك في إثارة مخاوفهم بشأن إمكانية تغيير النظام في دمشق.

وقد أوضح أحد أعضاء حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلا: «نحن نعرف الأسد، وعرفنا والده، ونحن بطبيعة الحال نود أن تكون جارتنا سورية دولة ديمقراطية، لكن هل أعتقد أن هذا أمر ممكن الحدوث؟ أعتقد أن الإجابة هي لا».

حتى الآن لا يملك الإسرائيليون سوى مراقبة المظاهرات السورية التي دفعت بالآلاف إلى الشوارع خلال الأيام العشرة الماضية، وأدى إلى مصادمات مع قوات الأمن، خلفت ما لا يقل عن 60 شخصا. وفي محاولة لدعم الأسد، تقدمت الحكومة السورية باستقالتها يوم الثلاثاء. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي بارز: «نحن نعلم أن هناك ديكتاتورا، لكن رغم ذلك فإن الأوضاع كانت هادئة. على الجانب الآخر، من الواضح لنا أن السوريين يلعبون دورا سلبيا في المنطقة».

حافظت سورية التي تحكمها الأقلية العلوية الشيعية على دعمها لإيران وحليفها الشيعي في جنوب لبنان. وعلى الرغم من اعتقاد إسرائيل بأن إيران هي الحليف الرئيسي لحزب الله فإن المسؤولين الإسرائيليين يرون أن الدعم السوري لا يقل أهمية عما تقوم به إيران، حيث يعتقد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن غالبية الأسلحة التي يخفيها حزب الله في جنوب لبنان منذ حرب عام 2006 مع إسرائيل إما صنعت في سورية أو كانت هي المزود الرئيسي لها، وشملت صواريخ سكود قصيرة المدى إضافة إلى صواريخ عيار 302 ملم التي عندما أطلقت من جنوب لبنان كانت قادرة على الوصول إلى تل أبيب.

من جانبهم أنكر المسؤولون السوريون تزويد حزب الله بأسلحة، لكن حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني عن سؤاله في أبريل (نيسان) من العام الماضي عن صواريخ سكود رفض التعليق على الخبر. وتقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأخبار عن مناشدة بنيامين نتنياهو روسيا خلال زيارته الأخيرة لها عدم بيع الصواريخ المضادة للسفن خشية أن يتم نقلها إلى حزب الله، لكن روسيا رفضت الطلب.

وقال المسؤولون العسكريون الإسرائيليون في مقابلات معهم إن غالبية أسلحة حزب الله اللبناني تنقل سرا عبر شاحنات من مناطق بالقرب من دمشق إلى مخازن تابعة لحزب الله في جنوب لبنان. كما أكدت الاستخبارات الإسرائيلية أن حزب الله قام ببناء المئات من المخابئ التي ملأها بالأسلحة السورية، والتي حصل عليها بعد عام 2006 عندما هاجمت إسرائيل الميليشيا الشيعية.

وقد حصلت صحيفة «واشنطن بوست» هذا الأسبوع على خريطة تزعم وجود مخابئ تابعة لحزب الله تظهر أكثر من 550 مخبأ تحت الأرض، و300 مركز مراقبة، و100 منشأة أخرى.

بدا الجيش الإسرائيلي وكأنه يحاول من وراء نشر الخريطة استباق أي انتقاد دولي لأي عملية مستقبلية ضد المواقع المزعومة، والتي يقع الكثير في المناطق السكنية بالقرب من المستشفيات والمدارس وحتى منازل المدنيين. ويقول قادة الجيش إنهم يرغبون في تفادي الانتقادات الدولية التي كانت من نصيب إسرائيل بعد إطلاقها عملية في أواخر عام 2008 لمحاولة وقف المقاتلين الفلسطينيين من إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على المدن الإسرائيلية، والتي قتل خلالها نحو 1300 فلسطيني.

وقال مسؤول بارز في الجيش الإسرائيلي: «نحن نرغب في أن نظهر للعالم أن حزب الله منظمة حولت القرى إلى مناطق قتال». وبالعودة إلى الأسد أكد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن رحيل الأسد يمكن أن يؤدي إلى انفراط عقد التحالف السوري الإيراني الداعم لحزب الله. فيرى إيهود يارعاري المعلق في القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي أن النظام الجديد لن يكون حليفا لحزب الله والإيرانيين. ويقول يارعاري: «السوريون سيسعدون برحيل الأسد ونظامه، لكن هذا لا يعني أنهم ليسوا قلقين عما قد يحدث في ما بعد».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»