«معاريف»: إسرائيل تقطع علاقات يفترض أنها مقطوعة مع قطر!

كتب محرر الشؤون الإسرائيلية:
كشفت صحيفة «معاريف» النقاب أمس عن قرار سري إسرائيلي بقطع العلاقات مع قطر بسبب نشاطها المناهض لإسرائيل في أرجاء العالم.
وقالت الصحيفة إن هذا القرار جزء من سلسلة خطوات ستتخذها إسرائيل ضد قطر في المستقبل القريب، وفق تقرير سريّ أُعدّ في وزارة الخارجية الإسرائيلية. ولكن من شبه المؤكد أن العلاقة الإسرائيلية ـ القطرية ليست مجرد علاقة ثنائية وأن الراعي الأساس لإنشاء هذه العلاقة قد يتدخل في آخر لحظة لتعديل الوجهة.
وأكد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ييغال بالمور أن إسرائيل مستاءة من قطر لأنها تدعم حماس. وقال «إننا غاضبون من قطر، لأنها تدعم حماس، لقد باتت دولة تدعم حماس أكثر فأكثر». وأضاف إن التقرير «يقول إننا نريد قطع علاقتنا معهم ولكن لا توجد أي علاقات أصلاً: هم قطعوها معنا».
وأضافت «معاريف» إن الوثيقة المعدة في الخارجية الإسرائيلية تظهر منع الدولة العبرية في الأشهر الأخيرة أي مبادرة قطرية إقليمية، كما أحبطت مشاريع عدة بتمويل قطري في الضفة الغربية وداخل مناطق 48. وأشارت أن الحكومة الإسرائيلية سبقت هذه الخطوات بقرار إغلاق الممثلية الإسرائيلية في الدوحة، وهي الخطوة التي تضمنت إنهاء لعقد الإيجار وإقالة عاملين محليين، وهو ما تعتبره إسرائيل سحباً لورقة ضغط من أيدي القطريين ضد إسرائيل. خطوة أخرى هي منع دخول ممثلين قطريين إلى إسرائيل أو إلى مناطق الضفة الغربية.
وجاء في التقرير أن قطر تقيم علاقات عميقة مع حماس، تتضمن، ضمن أمور أخرى، زيارات منتظمة للدوحة يقوم بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل. وقال موظف رفيع المستوى في القدس المحتلة «نزعنا القفازات في ضوء النشاط المناهض لإسرائيل على نطاق واسع من جانب قطر. فقطر هي اليوم من رواد النشاط المضاد لإسرائيل في الساحة الدولية».
وبحسب «معاريف» فإن حكومة إسرائيل نزعت القفازات وهي تخرج في صراع للتضييق على مساعي قطر في الضفة وغزة وإسرائيل والعالم. تقرير سري أعد في وزارة الخارجية يفصل سلسلة من الإجراءات الحادة التي بلورتها إسرائيل، مارستها وتعتزم ممارستها في الزمن القريب ضد الإمارة التي تتخذ صورة الدولة المعادية لإسرائيل.
وتشير «معاريف» إلى أن السبب الأساس للخطوات المضادة للدوحة هو النشاط القطري المتنوع في العالم ضد إسرائيل، مع التشديد على المساعدة القانونية والسياسية الكبيرة التي تقدمها قطر، بصفتها رئيساً للجنة المتابعة في الجامعة العربية، للفلسطينيين في الاستعدادات القانونية للخطوة الأحادية الجانب من طرفهم في أيلول المقبل للتوجه إلى الأمم المتحدة لتلقي الاعتراف بدولة فلسطينية.
وأوضحت أن قطر استخدمت بشكل دائم العلاقات مع إسرائيل كورقة ضغط. إذ في كانون الأول العام 2008، فور حملة «الرصاص المسكوب» في غزة قررت الدوحة، استمراراً لضغط عربي وإسلامي شديد قطع علاقاتها مع إسرائيل. في كانون الثاني 2009 أمرت قطر رئيس الممثلية الإسرائيلية في الدوحة الدبلوماسي روعي روزنبليت بمغادرة الدولة. ومع ذلك، سمحت قطر لإسرائيل بمواصلة الاحتفاظ بمكاتب الممثلية وبالعاملتين المحليتين، كي لا تنهي تماماً العلاقات بين الدولتين. وبتقدير محافل في وزارة الخارجية، وفرت الخطوة للدوحة وسيلة ضغط على تل أبيب كي تواصل العمل في المناطق المحتلة وفي غزة.
منذ انقطاع العلاقات مع إسرائيل، رفع القطريون طلبات عدة لاستئناف العلاقات مقابل تنفيذ عدد من المشاريع في غزة وإدخال مواد بناء، وكذا إعلان يوضح مكانتها في الشرق الأوسط. وقد رد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان هذا الطلب. قبل أشهر عدة، التقى نتنياهو سرا برئيس وزراء قطر في قصر الاليزيه في باريس بمشاركة الرئيس نيكولا ساركوزي. ولكن يبدو أن هذا اللقاء لم يعطِ نتائج ايجابية.
قائمة الخطوات المضادة لقطر تبلورت بعد أدلة جمعتها محافل مختلفة في إسرائيل قدرت بان قطر تنفذ أعمالا تمس بإسرائيل. وحسب التقرير السري، فان النشاط القطري يتضمن دورا مركزيا في الاستعدادات القانونية للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة ويدفع السلطة الفلسطينية إلى الخطوة الأحادية الجانب للاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول. كما كتب في التقرير أن قطر تقيم علاقات عميقة مع حركة حماس، تتضمن ضمن أمور أخرى زيارات متواترة يقوم بها مشعل إلى الدوحة.
وحسب المعلومات، فان قطر مسؤولة عن تمويل مشاريع في غزة كمشروع الفاخورة، الذي هو موقع المساعدات للطلاب ومنزل للدعوات لكسر الحصار على غزة. كما أنه من خلال جمعيتها الخيرية تبعث قطر بالمساعدات المالية لحماس، وقد حولت إلى الحركة نحو مليون يورو في السنة.
نشاط قطري آخر يتعلق بتعزيز الدعاوى القضائية ضد إسرائيل في موضوع الأسطول التركي. وفي هذا الإطار عقدت اجتماعاً لرجال قانون ووعدت بتمويل النفقات القانونية المنطوية عليها الدعاوى ضد إسرائيل. كما تعمل قطر على تشديد الانتقاد الدولي ضد إسرائيل والتشهير بها في التغطية الأحادية الجانب من خلال قنوات قناة «الجزيرة»، التي تعمل من داخل الإمارة. وبزعم وزارة الخارجية فان «الجزيرة» تشكل منصة لتصريحات مناهضة لإسرائيل بشدة، بما في ذلك التطلع إلى شطب إسرائيل عن الخريطة. كما يتبين من التقرير أيضاً أن قطر تعقد مؤتمرات دينية في الدوحة برعاية الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تصبح منصة لمناكفة إسرائيل.
مقاطعة أمنية وسياسية
في أعقاب الشكاوى من التحيز الفظ لقناة «الجزيرة» ذات الشعبية، قررت الحكومة منع مراسليها من العمل في إسرائيل. اليوم، مراسلو الشبكة يمكنهم أن يصلوا فقط بجوازات سفر دول تقيم علاقات مع الدولة العبرية. وأغلب الظن فإن مراسلي «الجزيرة» لن يتلقوا الإذن بعد اليوم للوصول إلى إسرائيل.
ولم تنته الإجراءات في مجال الإعلام، بل تتضمن أيضاً الجانب الأمني. فمن الآن فصاعداً سيحظر كل تعاون بين قطر والصناعات الأمنية في إسرائيل. فقد جرت بين قطر والصناعات الأمنية اتصالات، وحسب التقدير اشترت الإمارة في الماضي منتجات عسكرية متطورة من إسرائيل. ومن الآن فصاعداً لن يسمح بمزيد من بيع السلاح الإسرائيلي لقطر.
وزارتا الخارجية والدفاع، في قرار مشترك، قررتا مؤخراً الإبقاء على الجمعية الخيرية القطرية، في قائمة المنظمات المحظور عليها العمل في المناطق المحتلة. والجمعية الخيرية هي صندوق رفاه وتعليم ضخم أقامه الأمير القطري، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ورغم توجه مصدر قطري، قررت إسرائيل مواصلة منع الصندوق من العمل في المناطق.
حتى وقت أخير مضى درجت إسرائيل على السماح لممثلين قطريين بالمشاركة في وفود عربية وغيرها وصلت إلى الدولة العبرية والمناطق تحت رعاية المساعدات الإنسانية. وزارت وفود كهذه برعاية منظمات كالجمعية الخيرية الأردنية، الهلال الأحمر والصليب الأحمر. ويتضح من التقرير أنه لن يسمح بعد اليوم لممثلين قطريين المشاركة في مثل هذه الوفود. ومؤخراً، مثلاً، منعت إسرائيل دخول رئيس الشركة الخلوية القطرية إلى المناطق. الخطوة الأخيرة التي تقرّرت هي العمل ضد شرعية قطر في الساحة الدولية. هذا تحدٍّ غير بسيط: إذ نالت الإمارة هذه السنة اعترافاً عالمياً عندما أعلن عنها كمضيف لبطولة العالم في كرة القدم في العام 2022.