بين الانفراج والانفجار / د . عصام مرتجى

بين الانفراج والانفجار / د . عصام مرتجى

هكذا هي دوما القضية الفلسطينية، مركزية ، متشعبة بأبعادها الدينية والأيديولوجية والسياسية، وتلقي بظلالها على المنطقة وتهز باضطراباتها العالم.!!!

لم يكن الاهتمام العالمي بهذه القضية العصية على الحل يأتي من باب الشفقة ولا الرحمة بشعب تشرد وسرقت ثرواته وأراضيه، ولكن كان خوفا من تبعات هذه القضية على الأمن والاستقرار العالمي قبل الإقليمي!

تتراوح أنباء المفاوضات بين بصيص أمل مفقود بالانفراج وتوقعات بالانفجار. فهل سينعم المحتل، أو حتى العالم الظالم، بالأمن إذا بقيت القضية الفلسطينية بلا حل وبقي ملايين من الفلسطينيين مشردين في المنافي ؟ وهل سيبقى العالم الظالم مستقرا حين يفتح عواصمه لسفرات الدولة المحتلة ويعترف بها دولة ذات سيادة ويجاملها ويحابيها فيما يتنكر لأهل الأرض وأصحاب الحق ؟؟؟

قد يجهل هذه الحقيقة بعض القادمين من خارج التاريخ والجغرافيا كأمثال النغل مان المسمى "ليبرمان" والذي لا زال يحمل في عقله العفن أحلام الترانسفير وسياسة الأرض المحروقة، لدرجة أن سولت له نفسه القذرة باقتراح اقتلاع البقية الباقية من جذور الشجرة الفلسطينية العربية بأراضي ال48.

لكن التاريخ والواقع يقولان: إن كانت القضية الفلسطينية عصية على الحل فإن الفلسطيني أيضاً عصيٌ على أن ينحني أو يستكين عن طلب حقه ومواصلة كفاحه حتى الاستقلال ونيل حقوقه الوطنية .

من البديهيات أن الإدارة الأمريكية لا تبحث عن حل لقضيتنا حبا في معالجة ألامنا أو رفع المعاناة عن شعبنا، ولكنها تفعل ذلك من باب قناعتها بأن أمنها القومي مرتبط باستقرار الوضع في الشرق الأوسط . وهي تؤمن بأن رفع مستوى الأمل لدى شعوب المنطقة بإمكانية الحل السلمي للقضية الفلسطينية سيؤدي إلى تعزيز مكانة الولايات المتحدة الأمريكية وتوسيع نفوذها وتقليل مستوى العداء لها لدى الشعوب العربية والإسلامية.

في السابق، وبعد مفاوضات كامب ديفيد، تم تحميل وزر الانفجار في المنطقة للزعيم الشهيد أبو عمار، حين رفض عروضهم التي تنتقص من الحد الأدنى لحقوقنا الوطنية ! وتناسى الأمريكان قرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ، وتناسوا المرجعيات التي على أساسها بدأ الشهيد عرفات المفاوضات معهم ومع الإسرائيليين !!

والتاريخ اليوم يعيد نفسه، وعند ذات النقطة تقف القيادة الفلسطينية عصية على التطويع وتمارس عليها نفس الضغوط ، ونفس صاعق الانفجار يوشك على الاشتعال !!

لقد كان انهيار مفاوضات كامب ديفيد و انفجار العام 2000 له وقعه الخاص على المنطقة وطال الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

إن الانفراج في أزمة المفاوضات والصراع مع المحتل يحتاج إلى قناعة دولية بحقنا الفلسطيني ودعم المرجعيات التي تنطلق على أساسها العملية التفاوضية مع المحتل. تلك المرجعيات التي توافق عليها الفلسطينيين كأساس لحل الصراع وضمان حقنا الوطني.

وإذا كان العالم على قناعة بحقنا فعليه أن يمارس ضغوطه على الغاصب المحتل، لا أن يزيد الذبح في الضحية!! لأن ذلك حتما سيزيد من مستوى الاحتقان والعداء تجاه حلفاء دولة المحتل.

فهل يعي الأمريكان الدرس ويضعوا حدا لغرور وأحلام حلفائهم المحتلين الصهاينة القادمين من خارج التاريخ والجغرافية، أم سيتركون الصهاينة لجر المنطقة والعالم للانفجار ثم يلومون الضحية وتحميلها وزر الإنفجار ؟؟!!