الجدل يتجدد حول سلاح المخيمات في لبنان

ماثيو كاسيل

أحيا الفلسطينون قبل عدة أيام الذكرى الثامنة والعشرين لمجزرة صابرا وشاتيلا التي لم تتم معاقبة مرتكبيها حتى الآن، والتي ما زال ضحاياها ينتظرون العدالة ففي سبتمبر من سنة 1982 أحاط الجيش الإسرائيلي بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مخيم صبرا وشاتيلا في بيروت ولمدة ثلاثة أيام تقريبا سمحت القوات الإسرائيلية لحلفائها من ميليشيا الكتائب المسيحية اللبنانية اليمينية بدخول المخيمات وذبح أكثر من 1000 لأجئ فلسطيني ومواطن لبناني.

لقد كان جميع الضحايا هم عبارة عن رجال ونساء وأطفال من المدنيين غير المسلحين. وقال أحمد مور في مقال له في صحيفة "الجارديان" البريطانية قبل هذه الذكرى الحزينة أن أسلحة الفلسطينيين هي القضية الرئيسية التي تمنع اللاجيئن الفلسطينيين من الحصول على حقوق مدنية أساسية في لبنان والتي حرمتهم الدولة اللبنانية منها منذ 62 سنة. ووصف أحمد مور المخيمات بأنها مسلحة بشكل مكثف وأن الفلسطينيين الذين يعيشون هناك ما زالوا يرزحون تحت وطأة "وهم الأمن للدفاع عن النفس" وكشخص عشت في لبنان لسنوات عديدة فلقد تفاجأت بهذا الطرح فأي شخص يعرف السياسة اللبنانية يعلم أن هذا الطرح هو طرح يميني حيث يميل مؤيدو هذا الطرح ليس إلى الاعتراض على أعطاء اللاجيئن الفلسطينين أية حقوق فحسب بل وأيضا الاعتراض على وجودهم على التراب اللبناني.

أن التوصيف الذي ذكره أحمد مور ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالمخيمات أو بالفلسطينيين في لبنان. إن المخيمات الفلسطنية في لبنان اليوم ليست مسلحة تسليحا كثيفا - كما يزعم - وبخاصة عندما نقارنها بالميليشات اللبنانية المتعددة والجيش اللبناني. لقد ارتأيت أن أزور مخيمي صبرا وشاتيلا للاجيئين وهما اليوم عبارة عن مخيم واحد يشبه الأحياء البائسة والفقيرة وأنا اتكلم مع اللاجيئين الفلسطينيين عن قضية استبدال أسلحتهم بالحقوق، ففي داخل مركز اتصالات صغير في المخيم يزوره الفلسطينيون الذين لا يوجد عندهم رصيد في هواتفهم النقالة والعمال الأجانب الذين يريدون الاتصال ببلدانهم، تكلمت مع شاب اسمه أسامة والذي قال "لا يوجد رابط بين قضية أسلحتنا وقضية حقوقنا المدنية فاللبنانيون يجب أن يعطونا حقوقنا كعرب وكبشر نعيش بينهم مثل ما هو عليه الحال فيما يتعلق باللاجيئن الفلسطينيين في الأردن وسوريا. إن أسلحتنا لا تجعلنا نشعر بالضرورة بأننا أكثر أمنا وخاصة مع المشاكل الداخلية الموجودة عندنا في المخيمات هنا والتي تشبه الوضع في فلسطين ولكن لو تخلينا عنها فلن يكون لدينا حماية وعلى الأقل مع أسلحتنا لو متنا، سنموت واقفين وليس كما كان الوضع في صبرا وشاتيلا عندما تم ذبحنا بدون أن يكون عندنا أي سلاح للمقاومة. لو كان الجيش اللبناني قادرا على حمايتنا من إسرائيل، لما كانت هناك حاجة لأن يمتلك الفلسطينيون الأسلحة".

أما في مقر جمعية "نجده" بالقرب من المخيم فلقد تكلمت مع المديرة التنفيذية ليلى العلي . وقد تأسست جمعية "نجده" وهي منظمة غير حكومية في السبعينيات من القرن الفائت، وهي تدير برامج اجتماعية في مخميات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وهي من المنظمات التي تزعمت حملة الحق بالعمل للاجئين الفلسطينيين. وقالت العلي وهي لاجئة فلسطينية نشأت في شاتيلا : " إن من يبحث عن ضمانات من الفلسطينيين ليس اللبنانيين بل الفلسطينيين الذين يحتاجون لضمانات من اللبنانييين، فالفلسطينيون لا يشعرون بالأمان.

إن هناك فقط مجموعات وأشخاص قليلين في المخيم لديهم أسلحة وقالت إن أولئك الذين يدعون أن هذه الأسلحة الخفيفة هي عقبه في وجه أعطاء حقوق للفلسطينيين هو عبارة عن طرح لبناني من أجل محاولة حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الإنسانية والمدنية."

لقد سألتها عن قانون إجازه البرلمان اللبناني مؤخرا والذي أجرى تغيرات بسيطة على القيود المتعلقة بقدرة اللاجئين الفلسطنيين على العمل في لبنان فأجابت "إن هذا القانون لا يعطيهم شيء فالعقلية اللبنانية يجب أن تتغير فهم لا يستطيعون الاستمرار بالتعامل مع الفلسطينيين على أساس أمني فقط ." وقال أحمد وهو حلاق من شاتيلا : " نحن نحتفظ بالأسلحة للحماية وحتى بين اللبنانيين لا يوجد استقرار، فاليوم هم معا وغدا ليسوا معا، وفي الماضي كان بحوزتنا أسلحتنا فقط لنحمي انفسنا وكما حدث في حرب المخيمات 1985-1988 فلقد حمتنا أسلحتنا من حركة أمل اللبنانية الشيعية."

تكلمت أيضا مع أحد زبائن أحمد ويدعى عمر و كان يحمل مسدسا على خصره ويعمل في إحدى الجهات الأمنية الموجودة في المخيم حيث قال "إن الأسلحة ليست السبب في حرماننا من الحقوق ولكنها حجة يستخدمها اللبنانيون لاخذ أسلحتنا ولو خسرنا أسلحتنا فسوف نخسر حقنا بالعودة إلى فلسطين وأنا أحمل سلاحي لأن هذا السلاح يجب أن لا يتم طرحه جانبا فالأسلحة هي ملك للناس".

وقال سائق تاكسي يدعى محمود "إذا خسرنا أسلحتنا فسوف يتم استهدافنا من جميع الاتجاهات وأنا لن أقبل مطلقا أن نخسر أسلحتنا فاللبنانيون لن يتمكنوا أبدا من حماية قضيتنا فهي ليست قضيتهم، ونحن الوحيدون القادرون على حماية تلك القضية وليس الآخرون." لقد تكلمت مع عشرات الفلسطينيين في المخيم وجميعهم رفض التخلي عن حقه في حمل الأسلحة.

أما ميسر وهي لاجئة فلسطينية تبلغ من العمر 66 سنة والتي اضطرت إلى الهروب من منزلها خمس مرات على الأقل منذ سنة 1948 وتعيش حاليا في مخيم شاتيلا فقالت " لا يستطيع اللبنانيون أن يمنحونا حقوقا فهم لا يستطيعون أن يعطوا أنفسهم حقوقا فكل مجموعة منفصلة عن الأخرى وتمتلك أسلحة خاصة بها فحزب الله لديه أسلحة وحركة أمل لديها أسلحة وحركة المستقبل لديها أسلحة واللبنانيون هم الذين يحتاجون للمساعدة وليس الفلسطينيين. عندما أتى الإسرائيليون قالوا أعطونا أسلحتكم ونحن أمتثلنا لأمرهم وانظر ماذا حصل، وحتى الحمار الذي يسقط في مكان ما يتعلم أن لا يسقط في نفس المكان مرة أخرى ونحن لا نعتقد أن اللبنانيين سوف يمنحونا حقوقا وعليه فسوف نحتفظ بأسلحتنا حتى نعود إلى فلسطين".

» سلاح "الدولة الفلسطينية" في لبنان!
» ممثل «منظمة التحرير» في لبنان يلتقي الجميل: سلاح المخيمات لطمأنة شعبنا الفلسطيني
» لكن ماذا عن سلاح المخيمات؟
» نرفض اي سلاح للفلسطينيين داخل المخيمات وخارجها
» جبريل: انهاء سلاح المخيمات بلبنان مطلب صهيواميركي