دول الموز ودويلة موزة
د. زياد أبوالهيجاء
د. زياد أبوالهيجاء / كانت تسمى دول الموز...لأن اقتصادها لم يكن في مطلع القرن الماضي سوى مجرد اقطاعيات شاسعة يديرها حكام مرتبطون بالمستثمر المستعمر , ثم صارت التسمية تطلق تهكما علىدكتاتوريات أمريكا اللاتينية , ولكن هذه الدول نفضت عن روحها غبار الاقطاع والدكتاتورية وبنت اقتصاديات مختلطة بعضها متطور , ونجح يعضها في اقامة أنظمة سياسية حديثة وديمقراطية , والأهم أن دول أمريكا اللاتينية أظهرت شجاعة خاصة باعترافاتها المتتالية بدولة فلسطينية حرة وذات سيادة , ورأينا قبل ذلك دفئها وانسانيتها وهي تستقبل من ضاقت بهم الأرض بمارحبت من الفلسطينيين العالقين على الحدود العراقية الفلسطينية.
أما دويلة موزة والملقبة بقطر ,فقد دشنت مظهرها الحالي بانقلاب ولي العهد على أبيه الحاكم , وتحولت الدويلة الى مكبر صوت بأحدث تكنولوجيا المؤثرات الصوتية والرقمية وبامكانيات مالية كبيرة, للتأثير في الوضع الفلسطيني أولا وفي الوضع العربي ثانيا , وفقا لارادة المخططين في واشنطن وتل أبيب , وفي البداية نالت الدويلة – الموزة – مكبر الصوت , اعجابا بنمط جديد متميز من الاعلام لم يكن مألوفا للمشاهد العربي ...فصار يشار لها بالبنان ..وبالمناسبة فان معظم لغات العالم تسمي الموز بنانا....ولايخفى الأصل العربي للكلمة فقد عرف العرب قديما الموز بفاكهة البنان..
منذ انطلاقها , كانت منظمة التحرير هدفا للقناة – الدويلة , فجندت دويلة موزة بمال النفط نكرات صاروا بقدرات الاضاءة محللين سياسيين معروفين , وأنتجت لعامة الناس شيخا معمما يتصرف كخليفة للمسلمين هو يوسف القرضاوي , وكانت الحرب اليومية على ماسمي بفساد السلطة , ولم ينج ياسر عرفات الذي تتباكى الجزيرة عليه اليوم من سهامها المسمومة , وكان لهذه القناة – الدويلة – الموزة , الدور الأكبر في الترويج لحماس والتاثير في أصوات الناخبين , ومن ثم تكريس ثقافة الانقسام واشاعتها ...تذكروا حلقات مسلسها الطويل عن ' تاريخ غزة ' ...وليس عن تاريخ فلسطين ....وهو مسلسل بذلت في انتاجه المال والوقت لتثبت جذورا مختلفة لغزة ورواية أخرى بعيدة عن الجذور والرواية الفلسطينية الواحدة عبر التاريخ.
وأخيرا , جاء الهجوم الهوليودي , باخراجه الصاخب وموسيقاه المخيفة , وبحشد لم يسبق له مثيل من المشاركين , وبتغطية تمثل نسبة عالية من بث القناة وفي جميع برامجها ونشراتها الاخبارية , وباستخدام أقصى درجات الجعجعة والاثارة , جاء هذا الهجوم ليكشف أمام كل من تردد في معرفة حقيقة الجزيرة..ويعري الدويلة الموزة من قشورها...وخابت توقعات المخططين والمنتجين , فقد أثبت الشعب الفلسطيني اصطفافه خلف قيادته وخلف ممثله الشرعي الوحيد الى درجة نادرة من الوفاء والثقة ....ومنذ الأحد الماضي لم يعد هناك من يشير الى الدويلة بالبنان , بل باصبع يتوسط الأصابع ..وخير الأمور الوسط.