الفلسطينيون والمسيحيون والارهاب

ادمون ساسين -

ليست هناك قضية ترتب حساسية كبرى في المجتمع اللبناني كملف اللاجئين الفلسطينيين وواقع المخيمات المنتشرة على الأراضي اللبنانية . فمهما قدمت أسباب وقراءات للحرب اللبنانية فان الواقع الفلسطيني كان الاساس في تمزيق اوصال الدولة وادخال لبنان في دوامة العنف. حتى مع انتهاء هذه الحرب واقرار المجتمعين في الطائف اللا توطين واللا تقسيم واللاتجزئة بقي هذا الملف مدعاة قلق لدى اللبنانيين لانعدام الأفق العملية لمنع التوطين وبقاء المخيمات بؤرة امنية خارج الشرعية اللبنانية تهز السلام اللبناني تكرارا وتستقطب أو تصنع أشكالا غريبة من الارهاب والمجموعات المتطرفة .

رغم حساسية الواقع الفلسطيني في لبنان لا يناقش او يرفض أي طرف سياسي وحتى مسيحي ضرورة معالجة حال الفقر والبؤس الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان. وبالتالي فان المزايدات التي حصلت في الجلسة التشريعية الأخيرة واتهام ما يسمى اليمين بالغباء والانعزال يأتي خارج السياق التاريخي للتعابير التي استحضرت من زمن الى اخر لا يتشابهان الا بأن البعض سكت عن حقوق الفلسطينيين المدنية عشرات الاعوام واستفاق بشكل معجل مكرر لاقرار هذه الحقوق.
فالأطراف المسيحيون لم ترفض الحقوق المدنية كحقوق الضمان والعمل بل طالبت بسحب صفة الاستعجال المكرر عنها واعطاء مواضيع حساسة كهذه وقتا اطول للدرس والتعمق لترجمتها في مشروع متكامل توافقي لا يخضع لمنطق التصويت والتسرع.

فكيف يتهم نواب التيار الوطني الحر بالغباء والانعزال ؟ اذا كان الانعزال قبل الحرب اللبنانية هو رفض تأييد خيار المقاومة ضد اسرائيل فلم يتجرا أحد في حرب تموز 2006على حماية المقاومة واحتضانها سياسيا وانسانيا كما فعل العماد عون مع كل المخاطر والاثمان التي ترتبت في علاقاته المحلية والخارجية. حتى أن البعض كان فعلا في قلب الانعزال الحقيقي حين جارت مواقفه رغبات خارجية بعزل حزب الله وانهائه.
حتى اذا كان الانعزال يعني مدى القبول والتسليم بالحقوق المدنية الفلسطينية واخراجهم من حال البؤس والفقر التي يعيشونها في مخيماتهم فان الوثائق المكتوبة خير دليل على أن جميع الاطراف مسلم فيها. فوثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر وضعت قواعد لمقاربة الملف الفلسطيني على الشكل التالي:

1- إن الوضع الاجتماعي للفلسطينيين يستدعي الاهتمام الشديد لناحية تحسين الظروف المعيشية وتأمين المستوى اللائق لأسس الحياة الإنسانية الكريمة وفق ما يقتضيه التعاون الثنائي وشرعة حقوق الإنسان، إضافة إلى إعطائهم التسهيلات اللازمة للانتقال داخل وخارج الأراضي اللبنانية.
2- إن حق العودة للفلسطينيين هو أمر أساسي ثابت، ورفض التوطين هو أمر يجمع عليه اللبنانيون ولا يمكن التراجع عنه بأي شكل من الأشكال.
3- تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينية في إطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمّن حسن التنسيق والتعاون.
4- معالجة ملف إنهاء السلاح خارج المخيمات وترتيب الوضع الأمني داخلها يجب أن يتمّ في إطار الحوار الجاد والمسؤول والحثيث بين الحكومة اللبنانية والفلسطينيين بما يؤدي إلى بسط سلطة الدولة وقوانينها على كافة الأراضي اللبنانية.
وفي هذا الاطار جاء البيان الوزاري الذي توافقت عليه كل الاطراف اللبنانيين ليؤكد على الحقوق الفلسطينية الانسانية والاجتماعية ما يدحض أي مزاعم عن وجود فضيحة أو انعزال في التعاطي مع اللاجئيني الفلسطينيين.

في مقاربة الدفاع عن الحقوق المدنية الانسانية الفلسطينية برزت عملية الربط بين هذه الحقوق ومن ضمنها تملك شقة سكنية وبين وصف المخيمات بالقنبلة الوقوتة التي تصنع الارهاب.
لا شك أن الفقر والمجتمعات المحرومة تكون دوما عرضة لدعوات التطرف والارهاب خصوصا مع العقائد التي تعوض الانسان الفقير بتطلعات دينية واّخرة مرضية الاان الفقر لا يمكن ان يكون السبب الوحيد لنشوء الارهاب والا كيف تفسر نشوء هذه الظاهرة في دول غنية مثلا أو تبنيها من اشخاص يمتلكون ثروات طائلة.
وبالتالي فان ظواهر الارهاب في المخيمات الفلسطينية لا تتأتى دوما من حال الفقر والبؤس خصوصا اذا راقب البعض طبيعة هذه الحركات الأصولية والمتطرفة التي تكون مرارا مصدرة الى المخيمات حيث تجد ملاذا امنا لها بحكم وجودها خارج سيطرة الشرعية اللبنانية . فقياديو وعناصر تنظيم فتح الاسلام كانوا بمعظمهم من خارج بيئة المخيمات الفلسطينية وكثيرون منهم اتوا من المملكة العربية السعودية ودول أخرى.

وبالتالي فان الربط بين تملك شقة وظاهرة الارهاب لا يستند الى معطيات علمية دقيقة ولا حتى الاكتفاء بالربط بين الحقوق المدنية الفلسطينية ومعالجة ظاهرة الارهاب هو امر مجدي على صعيد معالجة جذرية لحقيقة هذه القنبلة الموقوتة. فالحل الاساس هو في معالجة السلاح خارج وداخل هذه المخيمات وجعلها تحت سلطة الدولة والاجهزة الامنية في سلة متكاملة مع الحقوق المدنية ومن دون ان يعني ذلك نوع من المساومة بين طرفي الحل اللبناني الفلسطيني.
وخارج اطار الموضوع الفسطيني فان طرح هذه الاقتراحات في مجلس النواب اظهر للمسيحيين انهم قادرون عندما يتفقوا ان يبقوا شركاء في صناعة القرار اللبناني مهما بلغت أهميته.

» مقتل اربعةعراقيين بتفجير عشية عاشوراء والمسيحيون يهجرون الموصل خشية هجمات
» الفلسطينيون في مصر
» الفلسطينيون في اسبانيا
» الفلسطينيون في ليبيا
» الفلسطينيون في امريكا