المخيمات الفلسطينية في لبنان ومسار الحقوق المهدورة‏

تملّك شقة سكنية لا يلغي حق العودة" كما جاء على لسان النائب في الحزب القومي مروان فارس.. هي جملة تختصر معاني كبيرة لملف اللاجئين وارتباط معالجة هذا الملف بتعقيدات شتى..
وبين قضية حق العودة الى فلسطين وقضية الحقوق الاجتماعية والمدنية في بلدان الهجرة والشتات تدور دوامة حياة اللاجئ الفلسطيني، وهو المتعلق بحق العودة والطالب في الوقت نفسه الحد الادنى من الحياة الكريمة في بلد التهجير.. تعقيدات تحيط بوضع اللاجئ الفلسطيني واقرار حقوقه تكاد تكون الاصعب في لبنان من بين دول اللجوء نظرا لتركيبته الطائفية والسياسية..
لم تصل قضية حق العودة الى اية حلول في مفاوضات التسوية بل احيطت بالتعنت الصهيوني والدعم الاميركي الخفي والعلني حرصا على يهودية الدولة، وابقت عملية مدريد ـ أوسلو في بداية التسعينات قضية اللاجئين معلقة برغم القرار 194 الاممي الذي ينص على حق العودة كما بقي الامر على حاله خلال محادثات المفاوضات النهائية في تموز/يوليو ـ كانون الأول/ ديسمبر 2000.
مخيمات البؤس
بحسب إحصاء 30 حزيران/ يونيو 2005 لوكالة غوث اللاجئين (الأونروا) يبلغ عدد اللاجئين المسجلين في قيودها نحو 405 آلاف نسمة، ويتوزع الفلسطينيون على المخيمات في لبنان بما نسبته 10 % من مجموع اللاجئين الفلسطينيين العام، وما نسبته 10,5% من مجموع سكان لبنان. ويوجد في الأراضي اللبنانية حالياً 12 مخيما فلسطينيا هي: المية مية، البص، برج الشمالي، الرشيدية، شاتيلا، مار إلياس، برج البراجنة، عين الحلوة، نهر البارد، البداوي، ويفل (الجليل) وضبية.
ويوجد إلى جانب المخيمات الرسمية المتبقية تجمعات سكنية غير معترف بها من قبل الاونروا والحكومة اللبنانية ومنتشرة في عدد من المدن اللبنانية كالبقاع وبيروت وجبل لبنان وصيدا وصور، حيث يقدر ان 20% من اللاجئين يقيمون في 17 تجمعًا غير رسمي، ولا تقدم لهم الأونروا الخدمات بشكل مباشر وأهمها المعشوق، جل البحر، الشبريحا، البرغلية، الواسطة، القاسمية، العيتانية، ابو الاسود، البيسارية، الغازية، عدلون، صبرا، الناعمة، وادي الزينة، تعلبايا، بر الياس وسعد نايل.
تُبين الإحصاءات أن نسبة 60% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت مستوى خط الفقر بخطين إذا لم يكن ثلاثة خطوط، وقد صنفت (الأنروا في العام 1997) 997 عائلة فلسطينية ضمن حالات العسر الشديد وفي العام 1999 ارتفعت إلى 1750 عائلة.
يعمل فلسطينيو المخيمات في المهن الحرفية والتجارة البسيطة المحدودة المداخل، وتعاني المخيمات من اكتظاظ السكان ومن تلاصق سطوح المنازل في المخيمات ما يؤدي لعدم السماح لأشعة الشمس بالوصول وزيادة نسبة الرطوبة، وما يؤدي الى انتشار الاوبئة والامراض المعدية.
تجاهل الحكومات
ومنذ عام 1948 يعيش الفلسطيني معاناة حياة المخيمات. وفي لبنان تتميز المعاناة اكثر، بل ووصلت الى حد الوقوع ضحية سفك الدماء كما في مجازر صبرا وشاتيلا، بينما الحكومات المتعاقبة منذ عام 48 اتخذت العديد من الإجراءات والقوانين التي حدت من حقوق اللاجئين مثل حق التنقل والإقامة والعمل وصولا الى منع الفلسطيني من تملّك المنزل. واستمرت في اتخاذ الإجراءات والقوانين التي حتى وصل بها الأمر حد منع إدخال مواد البناء إلى المخيمات. ومن الجدير بالذكر أن التشريعات اللبنانية اعتبرت الفلسطيني أجنبياً وتعاملت معه على هذا الأساس.
العام 1962 صدر مرسوم عن وزارة الداخلية اللبنانية يصنف اللاجئين الفلسطينيين على أنهم من فئة الأجانب ويجب عليهم الحصول على إذن عمل قبل مزاولة أي مهنة، وإثر معارك دامية في العام 1969 وقّعت الحكومة اللبنانية اتفاق القاهرة الذي أقر جزءا من حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وأهمها حق حمل السلاح والدفاع عن النفس أمام الهجمات الصهيونية، وعام 1982 وفي عهد امين الجميل صدر قانون يمنع الفلسطيني من العمل في 57 مهنة ووظيفة، ثم في عهد حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الاولى صدر قرار من وزير العمل والشؤون الاجتماعية رفع عدد الوظائف والمهن إلى 75 مهنة .
صدر بعد سنوات في العام 1991 المرسوم الذي أمر بتشكيل لجنة وزارية لبنانية للبحث مع منظمة التحرير الفلسطينية في أوضاع الفلسطينيين المقيمين في لبنان، واجتمعت هذه اللجنة مرتين وتوقفت. وعام 1994 اصدر نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية القرار رقم 478، بحجة تنظيم تنقل اللاجئين الفلسطينيين من والى لبنان واعتبره الفلسطيني زيادة في وضع العقبات أمام حرية اللاجئين في التنقل والمغادرة. ويتألف القرار من ست مواد تمنع اللاجئين الفلسطينيين من دخول أو مغادرة الحدود اللبنانية بدون اذن خاص (ما يسمى بالفيزا) برغم حمل اللاجئين الفلسطينيين لوثائق سفر صادرة عن الامن العام اللبناني.
في 19 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1995 قامت حكومة الحريري الثانية بتجديد القرار رقم 621/1 الخاص بالعمل، وكانت الفقرة الثانية من هذا القرار تنص على "إمكانية استثناء بعض الأجانب من القرار وخاصة أولئك الذين ينطبق عليهم واحد من الشروط الواردة في الفقرة الثامنة من المرسوم رقم 17561 من 18 / 9 / 1964 الهادف إلى العمالة الأجنبية وخاصة الأجانب الذين:
1- يعيشون في لبنان منذ ميلاده.
2-من جذور لبنانية أو ولد لام لبنانية.
3- متزوج من لبنانية لأكثر من سنة.
القرار المذكور أعلاه لم يحسن من وضع اللاجئين الفلسطينيين في موضوع العمل لان عملية الحصول على إذن عمل ما زالت معقدة.
وقد انعقدت لقاءات رسمية خلال النصف الأول من العام 1999 بين وزراء في الحكومة وخاصة عصام نعمان واسعد عبد الرحمن مسؤول ملف اللاجئين الفلسطينيين في م.ت.ف. وتشكيل لجنة لبنانية ـ فلسطينية لمناقشة وتحديد الحاجات الإنسانية قبل أن تتعثر وتتراجع إلى نقطة الصفر.
في مبادرة إنسانية اتخد وزير العمل اللبناني السابق طراد حمادة قراراً هاماً بالسماح للاجئين الفلسطينيين المولودين في لبنان بالعمل في بعض المهن التي لم يكن مسموحاً للفلسطينيين العمل فيها ضمن فئات، لا توجب انضمامهم إلى النقابات إلزاميا وشمل القرار فلسطينيي 48 الذين يملكون اقامات في لبنان والمسجلين منذ أكثر من عشر سنوات .
وبقي ملف اللاجئين والمطالبات بحرية التنقل والعمل والخدمات الاساسية والبناء والضمان الاجتماعي ابرز المطالب للاجئين.. وقد اثير مجددا هذا الملف عبر اقتراحات القوانين التي ادرجت في جلسة مجلس النواب وتقدم بها اللقاء الديمقراطي والهادفة الى تحسين اوضاع اللاجئين فجوبهت برفض من قبل العديد من النواب وتحجج بعضهم بأنها تحمل خطر تكريس التوطين كما علل بعضهم الاخر ان المسألة بحاجة لدرس طويل او انه لا يمكن اقرار حقوق للفلسطيني لم يحصل اللبناني عليها بعد، فكان ان تم تأجيل بت المشاريع.
وقد تقدم ايضا الحزب السوري القومي الاجتماعي بمشروع اقتراح قانون يرمي الى منح «حق العمل والحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان». وقال هملقارت عطايا عميد فلسطين في الحزب في لقاء عقدته المعتمدية في نقابة الصحافة إنه تم الحرص خلال إعداد اقتراح القانون على التقدم "بتعريف واضح وضمن نص قانوني للتوطين، بحيث ينسجم مع مقدمة الدستور وربط تعريف اللاجئين القانوني بجريمة الاحتلال لقطع الطريق على أي محاولة تهدف الى تشويه الحقيقة".
وجاءت انتقادات واسعة من قبل شخصيات واحزاب لبنانية وفلسطينية لرفض اقرار هذه المشاريع، ورأت فيها جهات فلسسطينية انها تحطم الآمال التي كان يعقدها الفلسطينيون على إمكان تحسين أوضاعهم المأسوية.

» المخيمات الفلسطينية في لبنان نقطة سوداء في العلاقة الفلسطينية اللبنانية
» ملف الحقوق الفلسطينية في لبنان تحصيناً لمواجهة التوطين في إنتظار العودة
» المخيمات الفلسطينية في لبنان..كيف حال "رمضانها"؟!
» مقترحات عَمَلية لحل معضلة المخيمات الفلسطينية في لبنان
» وفد من "الهلال" يتفقد المخيمات الفلسطينية في لبنان