فوضى سياسية وانتكاسات امنية حصاد سبع سنوات على سقوط بغداد

يصادف اليوم التاسع من أبريل/نيسان الذكرى السابعة لسقوط بغداد ونظام الرئيس الراحل صدام حسين ، وتختلف ذكرى العام الحالي عن سابقيه من الأعوام ، في ظل الفوضى السياسية والانتكاسات الامنية التي خلفتها الأنتخابات التشريعية التي أجريت في السابع من شهر مارس/آذار الماضي ، حيث تتصارع القوى السياسية العراقية لتشكيل الحكومة الثالثة منذ عام الغزو الامريكي 2003 .

تظاهرات في النجف

وبهذة المناسبة، تظاهر الالاف من انصار التيار الصدري في مدينة النجف مطالبين بخروج القوات الأمريكية من العراق ، وانطلقت التظاهرة من امام مسجد الكوفة ، وسط شعارات "اخرج اخرج يا محتل" و "كلا كلا احتلال".

وقام بعض الاشخاص في مقدمة المسيرة بجر اعلام امريكية وبريطانية واسرائيلية على الارض، وشارك عدد من رجال الدين السنة فضلا عن شيوخ عشائر ونساء واطفال في التظاهرة السنوية التي ينظمها التيار الصدري تنديدا بـ"الاحتلال".

وقال القيادي في "التيار الصدري" رئيس اللجنة المنظمة للتظاهرة حازم الأعرجي "اننا مقبلين على مرحلة جديدة لا مكان فيها للمحتلين والارهابيين والبعثيين ولا للمخربين اوالذين ابعدوا عنا الجيران والمجاورين".

سيناريو سقوط بغداد

فبعد ثلاثة اسابيع من بداية الغزو الأمريكي للعراق مارس 2003 ، بدأت القوات الأمريكة تحركها نحو بغداد، ففي 5 أبريل 2003 قامت مجموعة من المدرعات الأمريكية وعددها 29 دبابة و 14 مدرعة بشن هجوم على مطار بغداد الدولي وقوبلت هذه القوة بمقاومة شديدة من قبل وحدات الجيش العراقي.

وفي 7 أبريل 2003 قامت قوة مدرعة أخرى بشن هجوم على القصر الجمهوري واستطاعت من تثبيت موطا قدم لها في القصر وبعد ساعات من هذا حدث انهيار كامل لمقاومة الجيش العراقي ولا تزال تفاصيل معركة المطار وانهيار مقاومة الجيش غير معروفة. إذ ان هناك مزاعم ان قيادات الجيش الأمريكي تمكنت من ابرام صفقات مع بعض قيادات الجيش العراقي الذي اضمحل فجأة بعد أن كان الجميع يتوقعون معارك عنيفة في شوارع بغداد.

وفي 9 أبريل 2003 اعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم المناطق ونقلت وكالات الأنباء مشاهد لحشد صغير يحاولون الأطاحة بتمثال للرئيس العراقي صدام حسين في وسط ساحة أمام فندق الشيراتون، والتي قاموا بها بمساعدة من ناقلة دبابات أمريكية وقام المارينز بوضع العلم الأمريكي على وجه التمثال ليستبدلوه بعلم عراقي فيما بعد ،بعد أن ادركوا ان للامر رموزا ومعاني قد تثير المشاكل.

ومن الجدير بالذكر ان أحد المحطات الفضائية العربية كانت قد بثت لاحقا لقطات للرئيس السابق صدام حسين وهو يتجول في أحد مناطق بغداد في نفس يوم سقوط التمثال التي أصبحت من أحد المشاهد العالقة في ذاكرة الكثيرين.

وتولى القائد العسكري الأمريكي تومي فرانكس قيادة العراق في تلك الفترة باعتباره القائد العام للقوات الأمريكية، وفي مايو 2003 استقال فرانكس وصرح في أحد المقابلات مع صحيفة "الدفاع الأسبوعي" الأمريكية انه تم بالفعل دفع مبالغ لقيادات الجيش العراقي أثناء الحملة الأمريكية وحصار بغداد للتخلي عن مراكزهم القيادية في الجيش.

وبعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003، دخلت القوات الأمريكية مدينة كركوك في 10 أبريل وتكريت في 15 أبريل 2003.

العراق ما بعد 9 أبريل 2003

بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق في بغداد وبعض المدن الأخرى وقد نقلت هذه العمليات للعالم كله عبر شاشات التلفاز حيث قام الجيش الأمريكي بحماية مباني وزارتي النفط والداخلية فقط ومن ضمنها المخابرات العراقية وبقيت المؤسسات الأخرى كالبنوك ومشاجب الأسلحة والمنشآت النووية والمستشفيات بدون أي حماية وعزى قيادات الجيش الأمريكي ذلك إلى عدم توفر العدد الكافي لجنودها لحماية المواقع الأخرى.

ومن الأماكن التي تعرضت إلى النهب والسلب وتركت جروح عميقة في ذاكرة العراقيين وجميع العالم هو سرقه المتحف الوطني العراقي حيث سرق من المتحف 170،000 قطعة اثرية .

ومن السرقات التي حصلت وكان لها دورا بارزا في الأوضاع السياسية في العراق بعد 9 أبريل 2003 كانت سرقة آلاف الأطنان من الذخيرة الحربية من معسكرات الجيش العراقي وسرقة مركز للأبحاث النووية في التويثة والتي كانت تحتوي على 100 طن من اليورانيوم حيث قامت شاحنات بنقل محتويات هذا المركز إلى جهات مجهولة.

آراء مختلفة

وتباينت آراء الشارع العراقي في هذا الحدث، فالبعض يرى ان الغزو الأمريكي للبلاد فتح الباب امام دخول البلاد الى عصر جديد ملئ بالحرية والديمقراطية، في المقابل رأي البعض ان الغزو تسبب في تدمير العراق فضلا عن تخليفه لملايين الضحايا والمهجرين والأرامل والأيتام.

ويعتقد محللون سياسيون أن القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بعد غزو العراق، خاصة حل المؤسستين العسكرية والأمنية، وبعض مؤسسات الدولة الأخرى، وحظر حزب البعث، لم تكن "أخطاء" ارتكبتها تلك الإدارة، بل هي جزء من "خطة"، تم الاتفاق عليها مع أطراف في المعارضة العراقية آنذاك، تهدف إلى إضعاف العراق، كي لا يهدد بعض الكيانات في المنطقة، كما تعتقد.

ولم يكون الشعب العراقي هو المتضرر الوحيد من الاحتلال الأمريكي للبلاد ومن إسقاط نظام صدام حسين ، حيث دفعت الولايات المتحدة ثمنا باهظا من جنودها، اقتربت من 4390 قتيلا، وحوالي 30 ألف مصاب ومعوق وخسارة أكثر من تريليون دولار حتى الآن، حسب المصادر الأمريكية.

التحولات الأمنية والسياسية

ومع الذكرى السابعة للغزو، يشهد العراق العديد من التحولات الأمنية والسياسية ، فينتظر العراقيون ولادة الحكومة الجديدة بعد ثالث انتخابات تشريعية تشهدها البلاد ، مع توقعات بزيادة أعمال العنف .

فمعروف أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 مارس لم تحسم السباق على رئاسة الحكومة العراقية الجديدة ، حيث فازت قائمة "العراقية" التي يقودها علاوي والمتحالفة مع قوى سنية كبيرة بـ91 مقعداً وذلك بفارق ضئيل للغاية عن كتلة "دولة القانون" التي يقودها المالكي والتي كسبت 89 مقعداً .

وفي ضوء ما سبق ، هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 163 مقعداً من بين 325 عضواً لتشكيل الحكومة الجديدة ، ولكونهما أحرزا أكثر الأصوات ، فإن علاوي والمالكي تسابقا في العمل على تشكيل حكومة ائتلاف من خلال التفاهم مع كيانات أخرى مثل جماعة الصدر والتحالف الكردستاني ، بل ولوح كل منهما بالعنف في حال عدم تمكنهما من تشكيل الحكومة الجديدة ، ولذا فإن الأسوأ مازال بانتظار العراقيين في حال لم يتم تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الطائفية والحزبية والشخصية ويتم تشكيل الحكومة الجديدة على أساس وطني وتوافقي.

وما يضاعف من مأساوية المشهد العراقي أيضا هو استمرار الغموض حول مرتكبي التفجيرات التي تحدث في العراق يوميا ، فهناك من يتهم الاحتلال لإطالة أمد وجوده العسكري حتى وإن كان يصرح بعكس ذلك ، أو على الأقل تحويل الاحتلال المباشر إلى احتلال غير مباشر عبر إقامة قواعد عسكرية دائمة في بلاد الرافدين .

وبجانب الاحتلال ، فإن هناك من يتهم الأحزاب السياسية المتصارعة والتي يعتقد أنها فشلت في حل خلافاتها وديا فاستخدمت العنف لايصال رسائل سياسية دموية قبل وبعد الانتخابات البرلمانية .

وأخيرا ، هناك من يتهم البعثيين والصداميين والقاعدة وهذه الاتهامات تكون جاهزة دوما مع كل تفجير ، وهذا ما ظهر بوضوح في تفجيرات الأربعاء والأحد الداميين العام الماضي التي خلفت سقوط امثر من 400 قتيل ، وفي تفجيرات السفارات في 4 إبريل ، حيث قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري : "يبدو أنها من أعمال القاعدة ، رغم أني أعتقد أنه من المبكر القول حتى تستكمل التحقيقات".

وأضاف " إنها تحمل نفس علامات هجمات سابقة من ناحية التوقيت وطبيعة الاهداف ونوعية الاستهداف المتزامن ليكون لها أقوى وقع ممكن".

وفي الجانب الاقتصادي، أفرزت سنوات الغزو الماضية تفشي ظواهر تتمثل بسوء الإدارة، وضعف الأداء والفساد الإداري والمالي، والتي ما زالت ترافق عمل الإدارات الحكومية، وتدني تنفيذ المشاريع، وانحسار الخدمات العامة لا سيما الكهرباء والماء الصالح للشرب والصرف الصحي، كلها قادت الى وضع اقتصادي واجتماعي حرج .