«حي الصاعقة» بات «حي الطليان».. ومنعوا رفع العلم البرازيلي فيه مبـاراة البرازيـل ـ تشيلـي كمـا عاشهـا أهـل مخيـم بـرج البراجنـة

«إلعب يا سمك. ح نرقصكن سامبا. تعالوا وشوفوا اللعب. عليهِن يا فابيانو، رقّصهم يا كاكا... سدّلهن يا سيزار». تصدح هذه العبارات باللكنة الفلسطينية في فضاء مخيم برج البراجنة ليل أمس الأول، ومع كل مباراة للمنتخب البرازيلي. فمناصرو هذا الفريق كثيرون في المخيم، وهناك طريقة خاصة ليشجعوه.
عقارب الساعة تشير إلى التاسعة والنصف من مساء أمس الأول. يتجمّع عدد كبير من الشبان أمام استراحة صغيرة تعود لشاب يُدعى عبد. فالأخير أمّن شاشة كبيرة، ونصبها أمام محله، ليلتقي الشباب ويشاهدوا المباريات. هي الشاشة العملاقة الوحيدة الموجودة في المخيّم. يغصّ المكان الضيّق بالمشجعين البرازيليين. وهنا، لا يحجز الناس أماكنهم في وقت سابق، ولا يدفعون المال مقابل المشاهدة، بل يحاسبون فقط على ما تناولوه من عصائر ومشروبات غازية.
وقد حضر الجمهور الألماني إلى الاستراحة لمشاهدة المباراة بعدّته الألمانية ولسان حالهم: «نحن تشيلي التي تلعب ضد البرازيل».
تبدأ المباراة، ومع كل تسجيل برازيلي، تعلو الصيحات وتملأ المفرقعات سماء المكان. يستمرّ مشهد الابتهاج البرازيلي لساعتين شبه متواصلتين، وبعد انتهاء المباراة، رقص المحتفلون بالفوز الدبكة الفلسطينية.. وغنوا للبرازيل.
«الدولة مستقصدة ألمانيا»
للمونديال حصة مع الكهرباء. ما زال اللاجئون يعانون من مشاكل المياه والكهرباء التي تتفاقم خلال فصل الصيف. ورغم ذلك، قرر سكان المخيّم ألا يعتمدوا على شركة الكهرباء لمشاهدة المباريات، فأمّن كثيرون جهاز «يو. بي. أس» يشغلون عليه التلفزيون الصغير عند انقطاع التيار الكهربائي.
إلا أن سلمى تجد ان انقطاع الكهرباء في هذه الأيام ليس «بريئاً»، كعادته.. فـ«الدولة مستقصدة ألمانيا»، ويعود السبب في ذلك إلى أنه «كلما تلعب ألمانيا، ينقطع التيار الكهربائي في المخيم»، تؤكد سلمى.
لا تغيب الحماسة لبطولة كأس العالم بين النساء في المخيم. وتشير جميلة إلى أن انقطاع التيار الكهربائي خلال مباراة يدفع بها إلى الانتقال إلى بيت جيرانها لمتابعته. تشرح أهمية الانتقال في يومياتها بالقول: «بالمسلسلات التركية ما عملتها!». أما مهى، وبسبب عدم قدرتها من ترك أطفالها في المنزل، فتطلب من المشتركين بخدمة المـولد الكهربائي، إبــلاغها بالنتيجة، فتتلقاها عبر الهاتف.. وهي جالسة على ضوء الشمعة.
ويلفت سامر إلى أنه أحيانا يخرج برفقة زملائه من المخيم، ويتمشون بالقرب من المقاهي المجاورة ليسرقوا النظر إلى المباراة تعرضها شاشة عملاقة تابعة لمقهى يقع بجوار المخيم.
«أفضّل إيطاليا على مرتي»
منذ بدء مباريات المونديال، وعند مدخل المخيم لجهة شارع العنّان في برج البراجنة، حوّل مناصرو الفريق الإيطالي اسم المنطقة من «الصاعقة» إلى «حي الطليان». أعلام إيطاليا ترفرف في كل مكان. كذلك، يمتدّ علم إيطالي هو الأضخم في المخيم، على مبنى يتألف من ثلاثة طوابق. يقول جمال ممازحًا أنّه «أفضّل إيطاليا على مرتي»، ولن يشجّع أحدا في حياته غير إيطاليا. وهناك حديث يصادفه المتجول في المخيم، يبدي العشق للعلم الإيطالي، «لأن ألوانه تتقاطع مع ألوان علم فلسطين: الأحمر، الأبيض والأخضر».
اليوم، وبعد خروج إيطاليا من المونديال، يرفض سكان «حي الطليان» إزالة الأعلام، لأنهم لا يريدون تقبّل الخسارة. وبرأي جمال: «عايشين النكبة من سنة 1948 وخسارة ايطاليا زادت الطين بلّة علينا». ويُعتبر مناصرو البرازيل في منطقة «جورة التراشحة» الأعداء اللدودين لمشجعي إيطاليا، والاهم من ذلك انه «يُمنع منعاً باتا تعليق علم واحد للبرازيل». أما هارون فمستمر في تشجيع الفريق الإيطالي، رغم خروج الأخير من التصفيات، إلا انه يؤكد أن «كرامتنا لا تسمح لنا بالبصبصة على بنات إيطاليا.. فنحدّق ببنات المكسيك».
بعد خسارة إيطاليا، قرّر عدد من المشجعين الإيطاليين داخل المخيم عدم متابعة مباراة البرازيل ليل أمس الأول، هرباً من «التزريكات»، حسبما يقول مشجّع إيطالي فضّل متابعة مباراة البرازيل في منزله.
سؤال «مش عن القضية»
يفرح الفلسطيني عند سؤاله عن المونديال والفريق الذي يشجّعه، خصوصاٍ أنه اعتاد على تلقي أسئلة حول القضية الفلسطينية وحقوقه المدنية والإنسانية. ليس هناك شخص واحد داخل المخيم لا يهتم بالمونديال. كبار وصغار، نساء ورجال، كلهم يتحدّثون عن فريقهم المفضّل ويُسمّون لاعبيهم المفضّلين وغير المفضّلين، الأبطال والمهزومين، المسجّلين والكسالى.. أما صيدلي المخيّم فهو «مع فلسطين»، وعندما يكاشفه صديق بأن فلسطين ليست حاضرة في المونديال، يعلن أنه يشجّع المنتخب الجزائري «لأنهم عرب».
على شرفات المـــنازل المتواضعة، تـــظهر أعـــلام الدول المشاركة. وفي بعض الأحيان، هناك أكثر من علم على كل شرفة. إلا أن سناء، ورغم أنهــا «متيّمة» بالفـــريق الألماني، لا تحبّذ فكرة تعليق العلم الأجنبي على شرفة المنزل. برأيها: «لا أعـلق غير العلم الفلسطيني».
فهو حصّتها من وطنها.

» 3 مبادرات شبابية لتحسين مخيّـم بـرج البراجنـة
» فرحة تحرير الأسـرى في «بـرج البراجنـة» و«شاتيـلا»: «عـم نبكـي كرمالهـن... منتمنـى نكـون معاهـن»
» أهالـي مخيـم شاتيـلا يصنعـون رمضانهـم.. بابتسامـة دائمـة
» إعمـار منـازل فـي مخيـم البـرج الشمالـي.. وأخـرى تنتظـر
» الرئيس يستقبل نظيره البرازيلي