سقوط اقنعة حماس في مشهد المصالحة ؟!

اسم الكاتب : بقلم // موفق مطر
سقوط اقنعة حماس في مشهد المصالحة ؟!

موفق مطر
تكمن خطورة اقوال محمود الزهار أمام طلبة الجامعة الآسلامية بغزة في تفسيراتها العديدة التي ليس واحدة منها في صالح حماس، فالزهار تطوع عن قصد وعن سابق تصميم واصرار وقدم للادعاء الاسرائيلي شهادة ثقيلة في كفة قضية اتهام ياسر عرفات بانه كان وراء عمليات تفجيرية ضد المدنيين في اسرائيل ، فشاهد الزور محمود الزهار قال :' :'ان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان قد أوعز لحركة حماس تنفيذ عدد من العمليات العسكرية في قلب اسرائيل وذلك بعد أن شعر بفشل تفاوضه مع حكومة الاحتلال آنذاك '. فيكون بذلك قد اغتال الرئيس الراحل حتى بعد استشهاده , وعزز مزاعم الادعاء الاسرائيلي بأن القيادة الفلسطينية ليست صادقة بتوجهاتها المعلنة نحو السلام .
سيتعكز ليبرمان على محمود الزهار لينتصب واقفا متشدقا بادعاء لطالما اتخذه اليمين المتطرف باسرائيل حجة لتوجيه ضربات شلت حركية عملية السلام وافقدتها المصداقية وكثيرا من جدواها لدى الرأي العام الاسرائيلي والفلسطيني على حد سواء ، فالشراكة غير المعلنة على الهدف بين ليبرمان ( اسرائيل بيتنا ) والزهار ( غزة امارتنا ) لم تعد بحاجة لثاقب نظر لرؤيتها بعد أن كشف الزهار بزلة لسانه أمام طلبة العلم في الجامعة الاسلامية ، حيث يفترض ان تلقى على مسامعهم ما يصوغ وعيهم الوطني ويصقله ويلمعه ، لا أن يؤكسده بغمره بأطنان الكلام العفن .
أما الجانب الثاني من الخطورة فهو اعتراف حماس لأول مرة على لسان شخصية بمستوى قيادي في الصف الأول أنها تابعة دائما وأنها ليست صاحبة قرار , فزعم الزهار ان حماس نفذت العمليات بعد ايعاز من ابو عمار فهذا يعني ان قيادات حماس السياسية قبل العسكرية كانت تعلم أنها تنفذ ( حسب زعمه ) مايريده ابو عمار ، ولعلنا نتخذ من اقوال الزهار دليلا على أنها لم تكن في يوم من الأيام صاحبة قرار مستقل ، لأنها لو كانت كذلك لكانت رأت منذ ذلك الحين مخاطر وانعكاس هذه العمليات على المشوع الوطني التحرري الفلسطيني ، لكن حماس كانت تعلم ان سبيلها للتخلص من ياسر عرفات هو بتوسيع دائرة التفجيرات ضد المدنيين باسرائيل لأن قادتها كانوا يعلمون جيدا حساسية القيادة الاسرائيلية تجاه هذه الأعمال وردود ألأفعال القوية عليها ن لذلك كانوا يؤججون نار هذه التفجيرات حتى انتهت بعملية السور الواقي وحصار المقاطعة ( مقر قيادة ابو عمار برام الله ) وانهاء حياة ياسر عرفات بعملية معقدة مازالت سرا حتى الآن .
محمود الزهار يوحه تهديدا مبطنا لأبو مازن وكأنه يقول : سنطلق مجموعات حماس من الضفة لتفجر بداخل اسرائيل ، فياتيك رد الفعل الاسرائيلي العسكري طوفانا من القتل والتدمير فينالك الموت كما نال ياسر عرفات.
لانغفل ضمن تفسيرات المخاطر الكامنة في كلام الزهار أنه يبعث برسالة الى اسرائيل مفادها أن حماس اليوم غير حماس قبل عشر سنوات ، وانها كانت قبل عقد من الآن ضحية استغلال ياسر عرفات وسياسته ، بمعنى أن القيادي في حماس محمود الزهار يطمئن اسرائيل بأن موقف حكومة نتنياهو من الاستيطان وانهاء الاحتلال والمفاوضات بشكل عام لن يدفع حماس لاستخدام العنف المسلح كما فعلت خلال سنوات انتفاضة الأقصى ’ لأن هدفها قد تحقق ، فالاستيلاء على غزة قد تم بعد أن كسبت جماهيرتها من اعمالها ' التفجيرية ' التي كانمت تاسر ألباب الجماهير الغاضبة المجروحة من ردود الفعل الاسرائيلية العنفية القاتلة المدمرة .فهدف حماس اسقاط السلطة الوطنية في الضفة الفلسطينية ، وانهيار المشروع الوطني الفلسطيني ، لتقيم مشروعها الاخواني الاسلامي في غزة وغزة فقط .
الجانب الخطير في اقوال الزهار القديمة الجديدة أنه يخون حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، في الوقت الذي تبدو فيه قيادته في دمشق أنها تتجه لتوقيع ورقة المصالحة معها , فيكذب ماادعاه رئيس مكتبه السياسي مشعل والماكثون معه بدمشق ، ويخلع بيديه اقنعة المصالحة التي لبسوها خلال الاسبوع الماضي فجأة فالزهار عضو المكتب السياسي بحماس عندما يقول :' السلطة الفلسطينية وقيادة فتح بتفاوضها مع اسرائيل تستطيع بكل سهولة التخلي عن حق العودة واللاجئين، والتنسيق الأمني القائم الآن بين الطرفين بدأ يجني ثماره باغتيال القادة وأبناء حماس بالضفة الغربية'. لايمكننا ان نصدقه لا نصدق رئيس سياسة حركته ولا أعضاء مكتبه السياسي بان قلوبهم قد لانت ، أو انهم قد تفهموا المصلحة الوطنية العليا , وانما العكس ، فان اقوال الزهار تدعونا لليقظة والحذر اكثر من اي وقت مضى , والتدقيق فيما تخفيه حماس وراء ستار هذا المشهد الجديد ، فالزهار الذي يقول أمام الجيل الجديد من شباب فلسطين :'أن حركة فتح لا تخدم المصلحة الوطنية ' فهذا يعني امرا واحدا لاثاني له وهو ان الشراكة السياسية هي بمثابة 'الاشراك 'في مفاهيم وتعاميم حماس , اقوال الزهار تقطع الشك باليقين بأن مراكز القوى وامراء الحرب ومليونيرية الأنفاق في حماس لايؤمنون بالمشاركة السياسية والمصالحة والاستقرار السياسي والوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال الاستيطاني .فنحن لن نصدقهم أبدا ولن نمد ايدينا لهم ماداموا ينتهجون تخوين حركة تحرر وطنية فلسطينية عريقة كفتح كسبيل لابراز انفسهم .فهم استبدلوا الدعاء للسماء بادعاء تهمة الخيانة على مناضلي وقيادات الحركة الوطنية الفلسطينية ، فاي مصالحة هذه يريدها ' الاخوان ' المخونون .فقد سقطت الأقنعة قبل اتمام مشهد المصالحة الارتجالي .