لماذا المصالحة مع حماس؟/محمد داود

بسم اله الرحمن الرحيم " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا" صدق الله العظيم. من الضرر الفادح الذي أصاب بنية المشروع الوطني الفلسطيني هو الانقسام السياسي الفلسطيني واستمرار حالة الاحتراب والاختلاف والذي لعبت إسرائيل دوراً بارزاً على تأجيجه وإبقاء الصراع مفتوحاً بين الأقطاب الفلسطينية، واستمرار سياسة رد الفعل بين جانبي الوطن المجزأ سياسياً.
بالتالي المصالحة الفلسطينية هي خيار إستراتيجي لحركتي فتح وحماس ولجميع القوى الوطنية الفلسطينية العاملة على الساحة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية برمتها، ويمكن احتساب أهمية المصالحة من عدة نواحي أساسية، لاسيما وأن أهميتها تقع في هذه اللحظات العصيبة والحرجة لحماية مشروعنا الوطني.
فالمصالحة تؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية يسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التسويق لها ونيل الاعتراف بها قبل ميلادها، وهو بذلك يهيئ النظام الدولي ودوله بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بأن يعترفوا بالحكومة الفلسطينية التي قد تتمخض عنها المصالحة الفلسطينية ويجب التعامل معها باعتبارها الحكومة الشرعية التي تمثل الشعب الفلسطيني وأطيافه السياسية.
والمصالحة تؤدي إلى تعزيز موقف الرئيس عباس وتحسين دور المفاوض الفلسطيني الذي يمثل الكل الوطني لأن يطالب بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لاسيما مطلب وقف الاستيطان والانسحاب من أراضي عام 1967كشرط للمضي قدماً في عملية التسوية والمحافظة على شرعية المقاومة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بدون تجزئة للحقوق باعتبارهما وطن واحد سياسياً وجغرافياً.
إن المصالحة الفلسطينية خياراً يمكن خلاله تفادي أي عدوان إسرائيلي محتمل على قطاع غزة يخطط له الاحتلال ويقوم بالتحضير له داخلياً وخارجياً. داخلياً:أنه يجري التدريبات ويهيئ الجبهة الداخلية والاستعدادات للحرب، وخارجياً فقد قام بتقديم شكوى لمجلس الأمن وتأليب المجتمع الدولي بأن المقاومة الفلسطينية والفصائل في قطاع غزة تطلق الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، وأن هذه الصواريخ تحمل قنابل فسفورية وهو ما يندرج في إطار طمس الحقيقة والتغطية على جرائمه في عدوانه الأخير على قطاع غزة والذي استخدم خلاله قنابل من الفسفور الأبيض واليورانيوم المخضب وأسلحة أخرى محرمة دولياً لم تكشف بعد، وفي ثانية اتهمت إسرائيل الفصائل الفلسطينية أنها تمتلك صواريخ مضادة للطائرات والسفن الإسرائيلية وتقوم بإجراء تجارب على صواريخ يصل مداها 60 كيلو متر وتسعى للتسلح وهي بذلك تهدد أمن إسرائيل مما يستوجب محاربتها ومواجهتها وتدمير قدراتها .
إن المصالحة الفلسطينية تؤدي إلى نهاية حتمية لإزالة الحصار والإغلاق وأشكالهما الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة بحجة أنه كيان معادي، وبذلك تنتهي مأساة شعبنا وما يجلبه عمليات التهريب وسقوط الضحايا.
والمصالحة الفلسطينية ضرورة اجتماعية لإعادة بناء النسيج الاجتماعي والوطني والعائلي والتنظيمي، فهي تعزز الروابط وتعيد ثقة المجتمع بين بعضه البعض وبين فصائله المقاومة وقواه الشعبية والسياسية و.. والمصالحة أيضاً تؤدي إلى أعمار غزة الذي طال انتظاره ودخول مواد الخام. فسارعوا نحو المصالحة لأنها إنقاذ للمشروع الوطني.
كاتب وباحث