الاقتصاد الفلسطيني بين الاحتلال والحصار تركيا تفتح مكتباً تجارياً لها في رام الله

اختتم في إسطنبول أمس، منتدى الأعمال الفلسطيني الثاني بمشاركة نحو ألف رجل اعمال فلسطيني، حضروا من عشرين دولة في العالم. ويهدف المنتدى إلى تحقيق مشاركة استراتيجية مع المؤسسات الاقتصادية التركية لدعم نمو وتطوير الاقتصاد الفلسطيني، وأعلن فيه وزير التجارة الخارجية التركي ظافر جاغلايان ان تركيا ستفتح مكتباً تجارياً لها في رام الله لتطوير العلاقات التجارية مع السلطة الفلسطينية، فيما يقبع الاقتصاد الفلسطيني بين التشتيت والارتهان للسيطرة الاسرائيلية على موارده وحركته.
يدور الحديث عن أسباب تدهور الاقتصاد الفلسطيني حول اعتبارات سياسية تسعى لتبرير منهج سياسي محدد للوصول الى تسوية، فيما يحمل البعض الآخر المقاومة مسؤولية تهاوي الوضع الإقتصادي. الا ان جوهر الخسائر الفلسطينية المادية ناجمة بالدرجة الأولى عن طبيعة ارتهان الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي.
وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي الفلسطيني عمر شعبان في مقابلة مع «السفير» من غزة إن «اسرائيل نجحت في خلق خمسة نماذج فلسطينية مختلفة وهي ما يُسمّى بعرب اسرائيل، القدس، الضفة الغربية، رام الله وقطاع غزة، لكل منها واقع مختلف وبالتالي هموم وأولويات مختلفة، ويتابع ان أحد أهم أهداف اسرائيل من فرض الحصار على قطاع غزة هو خلق واقعين مختلفين اجتماعياً وسياسياً لمنع أي وحدة للمشروع الفلسطيني، يقابل ذلك ضخ أموال ضخمة في الضفة الغربية لتأسيس مشاريع، يصفها البعض بأنها سطحية وليست انتاجية».
وقد نتج عن ذلك، بحسب شعبان مؤشرات اجتماعية متدهورة جداً في غزة فبحسب التقارير الرسمية تقدر نسبة البطالة بخمسين في المئة، لكنه يرى أن هذه النسبة هي محافظة جداً وأنها تتخطى في الواقع السبعين في المئة، أما في الضفة فلا تزيد نسبة البطالة عن الـ16 في المئة، والفقر 22 في المئة. وبحسب آخر تقرير لصندوق النقد الدولي تقدر نسبة النمو في الضفة الغربية بـ8 في المئة بينما تصل في غزة إلى 16 في المئة. ويضيف أن النمو في غزة ناتج عن انفجار في الإنفاق أي أنه ليس نمواً حقيقياً أو شرعياً، على الرغم من التسهيلات التي أدخلتها الحكومة الإسرائيلية بعد اعتداء «اسطول الحرية» وسمحت بإدخال بعض البضائع المتعلقة بالبناء مما أدى الى خلق فرص عمل لأبناء القطاع.
وفي حين تشهد الضفة الغربية نهضة اقتصادية خصوصاً بعد مؤتمري باريس وشرم الشيخ، حيث نفذت العديد من المشاريع منها ما يتعلق بالمياه والبنى التحتية والكهرباء، والتي أدّت الى ازدهار العمران ووفرت الكثير من فرص العمل، يعتمد سكان قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه حوالى نصف مليون، خمسون في المئة منهم دون الثلاثين من العمر، على مساعدات الدول المانحة سواء العينية أو من خلال برامج التشغيل. ويضيف شعبان إن «الأونروا تشغل 11 الف موظف في غزة، وهناك خمسون ألف آخرون يتقاضون مرتَباتهم من قبل سلطة رام الله، بينما توظف حركة حماس 35 الفاً. لكن وعلى الرغم من الفورة الاقتصادية في الضفة يدور الحديث «عن مدى استدامة هذه المشاريع في ظل الاحتلال الإسرائيلي والعدوان والاستباحة المتكررة لأراضي الضفة». ويشير شعبان الى ان اسرائيل تحاول خلق نموذج مختلف في القدس الشرقية، من خلال العدوان المتواصل على المدينة وسكانها ومصادرة الأراضي وطرد السكان، وعدم السماح للمقيمين في الضفة والقطاع بالدخول الى المدينة، وكذلك فرض قيود على حركة المقدسيين. «إضافة الى ذلك تفرض الحكومة الإسرائيلية على السكان ضرائب مرتفعة جداً لا يستطيعون الوفاء بها لأن فرص العمل غير متوفرة والحركة الاقتصادية منعدمة».
ومع هذا الواقع المتأزم والمفكك اقتصادياً تقوم محاولات مستقلة لتحسينه والنهوض به، منها إقامة علاقات استثمارية بين رجال أعمال فلسطينيين وعرب عن طريق تكوين مجالس مشتركة ومكاتب تجارية في الداخل والخارج ترمي الى عقد صفقات تجارية مباشرة من دون المرور عبر البوابة الإسرائيلية، وكذلك طرح وتقديم المشاريع الاستثمارية لمن يستطيع تنفيذها في الداخل. وعن هذه المشاريع يقول رئيس منتدى الأعمال الفلسطيني الذي أقام مؤتمره الثاني في تركيا تحت عنوان «نحو شراكة تركية في عالم الأعمال»، ابو عبيدة حافظ، أن الهدف من الأساس هو إعادة القضية الى الواجهة العربية والإسلامية وإن عبر الشراكة الاقتصادية التي تتكامل والشراكة السياسية، وخدمة الاقتصاد الفلسطيني وتحريره من الاقتصاد الإسرائيلي. ويضيف حافظ أن المؤتمر الثاني سيُكمل ما حققه المؤتمر الأول، حيث نجح في مشروع تشغيل الشباب عن بعد، والذي استثمر فيه أكثر من مليوني دولار، وتم تشغيل حوالى 250 موظفاً من بينهم 150 موظفاً اعتمدهم البنك الإسلامي للتنمية. وكذلك مشروع تحلية مياه البحر، والمياه العادية في غزة، والذي بلغت تكلفته حوالى 4 ملايين دولار.
وعن الشراكة التركية الفلسطينية يقول حافظ إن موقف تركيا مساند ومشرف تجاه القضية الفلسطينية، كما أن الواقع الاقتصادي والسياسي التركي مستقر. وكان وزير التجارة الخارجية التركي، جاغلايان، قال لمناسبة منتدى رجال الأعمال في انقرة «سنفتح مكتباً في رام الله لدعم تجارتنا الخارجية ومن أجل ان يتمكن رجال اعمالنا من العمل بشكل افضل». واشار الوزير بحسب ما نقلت عنه صحيفة «حرييت» الواسعة الانتشار الى ان حجم المبادلات التجارية التركية ـ الفلسطينية بلغ حوالى 30 مليون دولار في العام 2009 تشكل الصادرات التركية الحيز الاكبر منها. وقال جاغلايان إن المكتب سيفتتح في غضون اسابيع، داعياً رجال الاعمال الاتراك الى الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.
وعلى الرغم من أهمية هذه المحاولات يقول الخبير الاقتصادي عمر شعبان إن لإسرائيل بحسب اتفاقية اوسلو اليد العليا في تحديد البضائع التي تدخل الى الأراضي الفلسطينية. لكن «هذا لا يجب أن يمنعنا كفلسطينيين من المشاركة في كل المنتديات الدولية الاقتصادية والسياسية، لتوضيح وجهة نظرنا ودعم موقفنا العادل في اقامة دولة مستقلة، والضغط على اسرائيل وإحراجها لأنها المستفيد الأول من غيابنا في تلك المنتديات. ولكن في السياق نفسه لا يجب أن نرفع من سقف توقعاتنا». وعن المشاريع التي أقرها المنتدى في تركيا قال «تبقى فرص التعاون بين تركيا او اي دولة أخرى في الضفة الغربية متاحة بسبب وجود متسع من الحركة، على عكس القطاع المحاصر، حيث تمنع اسرائيل إدخال البضائع الا بإذن مسبق وإجراءات بيروقراطية مشددة، وبالتالي فإن فرص الاستثمار ضعيفة».

» الوزير ابو لبد : خسائر الاقتصاد الفلسطيني 7 مليارات دولار بسبب الاحتلال في عام 2010
» ابو لبدة وزير الاقتصاد الوطني يشارك وزير اسرائيلي في ندوة صحفية لابراز التحديات التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني
» تركيا تفتح تحققاً حول شحنة الأسلحة التي ضبطتها دبى
» سنطلق اسم كونيا على أحد شوارع رام الله الرئيس عباس من تركيا: إن شاء الله تتحرر القدس الشريف ويقدس الحج فيها
» قوات الاحتلال تفتح نيرانها صوب منازل المواطنين شرق خان يونس