«أبو مازن» يعيد تنظيم أوضاع «فتح» في الساحة اللبنانية:أبو العردات يتسلّم مهامه وأبو العينين انتهت صلاحياته

ما زالت قضية إقالة او استقالة المسؤول الفلسطيني الأول في الساحة اللبنانية سلطان ابو العينين من منصبه، تثير اهتماماً محلياً وفلسطينياً نظراً لما ما قد تشهده تلك الساحة بعد تغييب ابو العينين، وما يمثله، عن القرار الفلسطيني في لبنان، وهو الذي سعى الى هذا المركز مع أكثر من طرف محلي وإقليمي، ناهيك عما سببه هذا التعيين قبل ثلاثة أشهر داخل اللجنة المركزية لحركة «فتح» وحتى داخل «فتح» لبنان من انقسامات.
وربّ قائل إن الاشتباكات الأخيرة في مخيم عين الحلوة قد سرعت بقرار الاستقالة.. وفي التسريع بتعيين بديل عنه هو نائبه فتحي ابو العردات.
وتؤكد مصادر فلسطينية ان ملف الساحة الفلسطينية في لبنان، كان قد أصبح في الآونة الأخيرة، في عهدة الثلاثي الفلسطيني توفيق الطيراوي ومحمد دحلان وسلطان ابو العينين وهذا «التلزيم» ترك أكثر من هاجس وعلامة استفهام لدى الجهات المعنية بهذا الملف لبنانياً وإقليمياً، خاصة وأن هذا الثلاثي قد تمنى على الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعادة تكليف ابو العينين ترتيب امور فتح في لبنان وتسلميه قيادة ساحة لبنان مع مهلة ثلاثة أشهر لانجاز هذا الملف.
وتلفت المصادر الى ان هذا التعيين لم يرق للجهات المعنية اللبنانية، وهي بادرت سريعاً بالتواصل المباشر مع «ابو مازن» أو غير المباشر، الى ابلاغ من يعنيه الأمر أن أبو العينين «غير مرغوب به» لاعتبارات سياسية وأمنية. وتشير المعلومات الى ان مسؤولاً امنياً لبنانياً كبيراً التقى «ابو مازن» في عمان قبل ثلاثة اشهر بحضور الطيراوي وخصص اللقاء للبحث في أوضاع «فتح» في لبنان وتمنى المسؤول اللبناني على ابو مازن عدم اعادة ابو العينين للإمساك بوضع «فتح» و«المنظمة» في لبنان وبالإسراع في تعيين بديل لعباس زكي في مركز ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وأبلغه أن قرار تعيين أبو العينين كان مفاجئاً للدولة اللبنانية، بسبب سلسلة ملاحظات سياسية على أدائه في المرحلة المنصرمة وانه خلال الفترة التي أمضاها ابو العينين في لبنان تكررت الالتباسات والخلافات بينه وبين الاجهزة الامنية اللبنانية، فضلا عن عدم نجاحه في تحقيق خرق نوعي في العلاقات مع الدولة اللبنانية واتهامه بالتورط في التجاذبات الداخلية اللبنانية وعدم قدرته على إقامة علاقة جيدة مع الجــهات الاقليمية العربية المعنية بهذا الملف.
وتشير المعلومات الى أن تولي الطيراوي في المرحلة الأخيرة عملية تبادل الرسائل بين الرئيس الفلسطيني والقيادة اللبنانية المعنية بالملف، أظهر أنه لم يتمّ نقل دقيق للموقف ما استدعى أحياناً التواصل المباشر مع «ابو مازن»، ولذلك كان قرار الأخير، إيفاد القيادي الفلسطيني البارز جبريل الرجوب الذي يحظى بمكانة خاصة لدى أوساط لبنانية وعربية وفلسطينية، وبالفعل، فإن زيارة الرجوب الأخيرة، مهّدت لاتخاذ قرارات حاسمة على مستوى الساحة الفلسطينية، أبرزها تثبيت تسمية الدكتور عبدالله عبدالله ممثلاً لمنظمة التحرير مكان عباس زكي، حيث أصدر «ابو مازن» قراره الرسمي وأرسله إلى ممثلية منظمة التحرير التي حوّلته إلى وزارة الخارجية اللبنانية التي قررت ردّه لأسباب شكلية لكون مجلس الوزراء اللبناني لم يقرّ مبدأ اعتماد سفير لدولة فلسطين بل ممثلية لمنظمة التحرير، وبالفعل أعيد الكتاب الى رام الله وأعاد «أبو مازن» إرسال نص جديد، يفترض أن تكون وزارة الخارجية قد تسلمته تمهيداً لوصول عبدالله عبدالله خلال الأسابيع القليلة المقبلة الى بيروت.
أما النقطة الثانية، التي تمّ تثبيتها، فهي أن يحل فتحي أبو عردات محل سلطان أبو العينين، وقد التقى الرجوب بعدد من القيادات السياسية والأمنية اللبنانية بعيداً عن العدسات الإعلامية، كما اجتمع بكل من أبو العينين وأبو العردات، ونقل الى الأول ملاحظات لبنانية وفلسطينية أبرزها أنه فشل في إعادة ترتيب أوضاع البيت الفتحاوي وصولاً الى المقابلة التي أجريت معه على إحدى الشاشات وما أدلى به من كلام سرّع باتخاذ قرار إقالته أو استقالته اضافة الى انه لم يكن هناك رضى كامل من اعضاء اللجنة المركزية لإعادة تعيينه في لبنان.
في المقابل، فإن أوساطاً لبنانية تشير الى دور اقليمي في اقالة ابو العينين انطلاقاً من المسألة المتعلقة بملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والتي لا ترغب في إمساك ابو العينين بهذا الملف لما يشكّله من عصب في أية مفاوضات مستقبلية نظراً لقربه من المسؤول الفلسطيني محمد دحلان، وذلك حتى لا تكون المخيمات شوكة في خاصرة الدول الاقليمية المعنية بهذا الملف ولا بخاصرة المقاومة ولا الدولة اللبنانية.
وتشير الدلائل الى أن توقيف موكب ابو العينين عند مدخل مخيم الرشيدية من قبل الجيش اللبناني قبل أسبوعين شكّل الصفارة التي اعطت اشارة العد العكسي لرحلة تخلي ابو العينين عن منصبه.
وقد توقف المراقبون عند اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري بابو العينين بحضور النائبة بهية الحريري، وذلك قبيل وصول جبريل الرجوب الى بيروت، وتردد ان أبو العينين، اراد وساطة الرئيس الحريري في موضوعه مع القيادة الفلسطينية وبعض الأوساط اللبنانية، الا ان الاخير رد رافضاً التدخل في هذا الشأن وان هذا الامر متروك للقيادة الفلسطينية.
وبناء على ما تقدّم ووفقاً للمعلومات فان الرئاسة الفلسطينية ارسلت الرجوب الى لبنان موفداً من ابو مازن حاملاً رسالة تطمين الى القيادة اللبنانية لان ابو مازن مهتم جداً بكسب موقف لبنان وحكومة الوحدة الوطنية في الأمم المتحدة (العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن).
يُذكر ان ابو العردات باشر مهامه بعد ان تسلّم منصبه وعقد اجتماعاً مع اللجنة القيادية العليا للحركة في لبنان.
ويقول قياديون فتحاويون في عين الحلوة إن ابو العردات يحظى بعلاقة متوازنة داخل الجسم الفتحاوي، لأنه لم يقحم نفسه في سياسة المحاور داخل الحركة كما انه يتمتع بعلاقات جيدة مع كل الاطراف الفلسطينية واللبنانية وهو القادر على إنجاز قيادة سياسية تشكل مرجعية جامعة للفلسطينيين في لبنان.
يُذكر أن خالد عارف تبلغ من القيادة الفلسطينية قرار تعيينه سفيراً لدولة فلسطين في إحدى عواصم شرق آسيا (على الأرجح كوريا الجنوبية).
ويؤكد مسؤول الكفاح المسلح في لبنان العقيد منير المقدح «إن الاستراتيجية الجديدة للحركة في لبنان وبناء للتعليمات المعطاة لنا من قبل الرئيس ابو مازن بأن لا نتدخل بالوضع اللبناني مع الحفاظ على أمن المخيم وأمن الجوار والعودة الى ما أنجزه عباس زكي (ممثل «المنظمة» السابق في لبنان) من العلاقات اللبنانية الفلسطينية وعنوانها تكريس الانفتاح والتعاون مع حكومة الوفاق الوطني في لبنان والتوافق الفلسطيني الفلسطيني، وانه في حال حصول عدوان إسرائيلي على لبنان نحن إلى جانب المقاومة ولسنا شوكة في خاصرتها، مثلما نرفض التوطين ونتمسّك بحق العودة وهذه الاستراتيجية هي الأنجع لعدم تكرار تجربة البارد لا في مخيم عين الحلوة ولا في غيره من مخيمات الشتات».

» «انت فين وأبو مازن فين»
» حـزب الله يحـاول تحييج المخيمات عن الساحة اللبنانية
» أبو العردات: مستعدون لحل ملف السلاح الفلسطيني مع الدولة اللبنانية
» ابو العردات: الموقف الفلسطيني هو الحياد الايجابي من الازمة اللبنانية
» أبو العردات مسؤول ساحة لبنان، أبو العينين لملف اللاجئين والمقدح بلا «حقيبة» التشكيلات الجديدة داخل «فتح»: إرباك داخلي وألغام «خارجية»