يهودية الدولة الإسرائيلية.. ما شأننا؟؟

من يتذكر سؤال 'من هو اليهودي' الذي شكل وما يزال قضية حادة في اسرائيل منذ احتلالها لأرض فلسطين والذي ما يزال مطروحا بين النخب الفكرية والدينية المحافظة والعلمانية في اسرائيل في حوارات لم تنته بعد حتى الآن على نحو جلي، لأن ثمة خلافات في التعريف والهوية والعقيدة بين هذه النخب مازالت لا تحدد تماما منه هو اليهودي، حتى أن بعض اليهود الإصلاحيين والعلمانيين يتحدون أن يعًرف احد من الحاخاميين المتطرفين 'من هو اليهودي' والأمر يتعلق بحق 'المواطنة' في اسرائيل لمن ينبغي أن يكون بقصد غربلة 'الهجرات' المدفوعة الأجر، من لا يهوديتها، وهذا ما يطالب به الحاخامون المتطرفون بصفة خاصة وبهذه التعابير أو تلك، والواقع أنهم محقون في ذلك فهم الذين يعرفون وأكثر من غيرهم بكثير أن يهود اسرائيل اليوم، الغربيون منهم على نحو خاص، ليسوا من نسل أهالي مملكة يهودا الذين كانوا ينسبون إلى أربعة من أسباط 'بني اسرائيل' الاثني عشر، و'بيت داوود' لم يكن بيتا غربيا بل مشرقيا بامتياز، هذا إذا ما سلمنا هنا بالرواية التوراتية في كل هذا السياق.

بالطبع لسنا خبراء في الفقه اليهودي، لكن زعيم اليمين الإسرائيلي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريدنا أن نكون كذلك ونحسم له جدل طوائفه التاريخي بان نعترف بيهودية الدولة الإسرائيلية فنقرر 'حقها التاريخي' في الأرض ونساهم في حسم جدل الهوية العقائدي لأصحابها وتاليا في تفصيل حق المواطنة لساكنيها ومع قسم الولاء للدولة بهويتها العقائدية هذه الذي شرعته حكومته سيكون هناك يهود أنقياء في الدولة الإسرائيلية وغير اليهود توابع واغيار يخدمون الدولة ويدينون بالولاء لها من موقع المواطن من الدرجة الثانية بل ولربما الثانية عشرة ، الدرجة التي لا تؤمن لهم حق العيش بطمأنينة الوطن وبداهته وقد باتوا فيه اغيارا يمكن ترحيلهم في أي وقت ..!!

والحقيقة أن اسرائيل لا تعاني من معضلة من اليهودي فقط وإنما من فشلها في توليف مجتمع متجانس بهويته المدنية والاجتماعية ، فهي بعد أكثر من خمسين عاما من صناعة الدولة لم تنجح في توحيد بنيتها الاجتماعية على نحو التماهي والتماثل والانسجام على صعيد الذائقة واللغة والعادات فمازالت هناك اسرائيل الغربية وهي الحاكمة وهناك اسرائيل الشرقية المحكومة ، أليس هذا الواقع وهذا الفشل هو الذي انتح مصطلحي الاشكناز والسفارديم، ألا يعبر هذان المصطلحان عن واقع الانقسام الحاد في مجتمع الدولة الإسرائيلية، وبكلمات أخرى فأن الاسرلة في اسرائيل قد فشلت فهل يمكن 'لليهودية ' في عقدها الاجتماعي أن تحل المعضلة ...؟؟

ومرة أخرى ليست هذه هي مشكلتنا ولا من مهامنا الدخول في عوالم الفقه اليهودي ولا في الفقه الاجتماعي للدولة الإسرائيلية، والأمر بالنسبة لنا وللعالم اجمع كما ينبغي وإذا ما أراد للسلام أن يسود حقا في هذه المنطقة هو أمر الخلاص من الاحتلال واستعادة كافة حقوق شعبنا المشروعة وتحقيق كامل أهدافه العادلة، فجوهر الصراع سيظل بعد كل كلام وتقدير هو الصراع مع الاحتلال الذي يظل غير مقبول وغير معقول ، لا في الواقع ولا في التاريخ ومن اجل إنهائه تماما فالقضية تظل هنا هي قضية الحق والعدل والإنسانية لا قضية جدل الهوية العقائدية أو غيرها وهذه الأخيرة في الأساس ليست قضيتنا.