«قهوة مرّة مؤامرة مستمرة»

اعتاد اللاجئون الفلسطينيون إحياء ذكرى الثاني من تشرين الثاني من كل عام. في مثل هذا اليوم، صدر وعد بلفور، الذي كان نقطة بداية معاناتهم، إذ مُنح اليهود بموجب هذا الوعد «حق إقامة وطن قومي على أرضهم». ولأنهم يرون أنّه «وعد من لا يملك لمن لا يستحق»، كانوا يتذكرونه سنوياً. لكن، خلافاً للسنوات السابقة، غابت أمس كل مظاهر إحياء هذه الذكرى «المشؤومة» كما درجت العادة.
هكذا، لم يشهد مخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات، تحركات واسعة. ربما تعب الفلسطينيون، لكنهم لم ييأسوا. فقد نفّذت الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين اعتصاماً «متواضعاً» عند مدخل «الشارع التحتاني» للمخيم. وشارك في الاعتصام عدد من كبار السن الذين رفعوا لافتات تؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس.
يمكن القول إنّ الذكرى غابت، لتنضم إلى «الغيابات» الأخرى، عن الأحداث الوطنية، التي كان المخيم يضج بها. هكذا، ساد جوّ من التساؤل بين العديد من أبناء عين الحلوة. محمد الأسدي مثلاً، سأل عن «أسباب هذا التراجع في هذا المخيم تحديداً». برأيه، عين الحلوة هو «أم الصبي في المسائل المتعلقة بالمصير الفلسطيني»، ثم يسأل «وين الفلسطينيي؟» يلمس المشارك في الاعتصام «خنوعاً»، سببه «تراجع المشروع التحرري الفلسطيني»، كما يقول. وكم من بلفور عربي باع الأرض؟ وكم من اتفاق لتقسيم فلسطين؟ يسأل الرجل. ويلاقيه في هذه الأسئلة مشارك آخر، هو محمود حجير. بدوره، يأسف هذا الأخير لغياب «الوعي الوطني الفلسطيني»، عازياً ذلك إلى «كون المخيم قد بات مجتمعاً معزولاً غارقاً في قضاياه الصغيرة وهموم أبنائه المعيشية». وطبعاً، لم يفت اللاجئ التذكير بحجم «التآمر على فلسطين وعدم وجود قيادات محلية فلسطينية تحثّ الفلسطينيين على مواصلة درب الجلجلة ومواصلة النضال الفلسطيني والاستمرار به»، مبدياً حنقه على القيادات المحلية الفلسطينية.
المشاركون في الاعتصام غاضبون من «قيادات تتلهّى بالقشور، وتعمل لمصالحها الضيقة وتترك الشعب الفلسطيني وقضاياه للقضاء والقدر». كان المشهد لافتاً حين همّ المعتصمون بالرحيل، إذ أطلّ صوت «أبو عربي»، بائع القهوة المعروف في المخيم، قائلاً: «قهوة مرّة، مؤامرة مستمرة».

» تسبّب عفوية الأطفال غالباً مشاكل لذويهم، فكم مرّة
» من أجل فنجان قهوة
» هل ينقذ الناخبون الأميركيون السود الحزب الديموقراطي مرّة أخرى؟
» هويات فلسطينية أطول بكثير من فنجان قهوة
» «النكبة» في الأردن: حذارِ مؤامرة الوطن البديل