تحليل: السلطة تعبد الطريق أمام الحركة النسوية

لم تنقطع مبادرات السلطة الوطنية وخططها تجاه دعم حقوق المرأة السياسية والقانونية، وقطعت بمبادراتها، خطوات كبيرة ومهمة على طريق رصف بنية أساسية تتيح للنساء الوصول الى مواقع القرار في القيادة السياسية والإدارية والاقتصادية.

وتتيح هذه الخطط والقوانين الفرص أمام الحركة النسوية وعموم النساء للاستفادة منها، والسير خطوات سريعة على طريق تحررها، وتحقيق حقوقها بالمساواة الفعلية على أرض الواقع.

الحكومة هذا العام، تبدو كأنها تضارب في مبادرتها على منظمات العمل النسوي وخططها تجاه النساء، إذ تعمل على مسار القوانين التي تقودها وزارة المرأة مع منظمات العمل النسوي من جهة، فيما سارت بخطى قوية باتجاه زيادة فعالية ودور المرأة في العملية الإنتاجية، للاستفادة من طاقاتها في عملية التنمية، التي لا تستقيم بدون نصفها المعطل في غالبه.

وعليه، اطلقت الحكومة، بتوجيهات من السيد الرئيس، شعارات لتحدي الواقع القائم، تتعلق بقضية رفع مشاركة المرأة في العملية الإنتاجية، ورفع نسبتها مشاركتها التي تصل حاليا إلى 15.4%، وهي الأدنى في العالم العربي.

وهذا التحدي يكتسب مغاز جديدة في ظل ارتفاع نسب البطالة في فلسطين، والتي هي في صفوف النساء أعلى منها بين الذكور، خاصة بين الشابات في الفئة العمرية (20-24) إذ تصل الى 46%، في حين أن أكثر من 75% من العاطلات عن العمل درسن أكثر من 13 سنة.

ولتحقيق هذه الخطوة شكلت وزارة العمل 'لجنة وطنية لتشغيل النساء'، بإشراف منظمة العمل الدولية، وبالشراكة مع وزارة شؤون المرأة، بعد قرار مجلس الوزراء نقل وزارة العمل من القطاع الاجتماعي إلى القطاع الحكومي، انسجاما مع المعايير الدولية والتوجهات العالمية في إدارة قطاع العمل.

وتعمل هذه اللجنة على القضايا التي تعزز المساواة بين الجنسين، وتدعم عملية إدماج النساء في سوق العمل، وتقدم المشورة بشان القضايا الأساسية والتشريعات والسياسات وبرامج تؤثر في مشاركة النساء اقتصاديا.

وموقف الحكومة هذا ليس بالجديد. حيث انه امتداد لموقف إيجابي وأصيل لمنظمة التحرير من قضايا النوع الاجتماعي، عبرت عنه وثيقة الاستقلال، التي هي بمثابة دستور للسلطة الوطنية الفلسطينية لحين إقرار دستورها.

وموقف الحكومة هذا امتداد لموقف الرئاسة. فالسيد الرئيس في افتتاحه لمؤتمر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الصيف الماضي، دعا النساء إلى المشاركة بفعالية، وإلى أن تثبت ذاتها، ولها نصف الحكومة، وغيرها من الحقوق. وحاول التعبير عن هذا الدعم في مؤتمر فتح بتخصيص مقعد في اللجنة المركزية للحركة للنساء، وعين محافظا ونائب محافظ، وهي مواقع كانت حكرا على الذكور، ودعم دخول نساء إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى تعيين خمس وزيرات في الحكومة الحالية.

الحركة النسوية في فلسطين تتلقى دعما سياسيا واضحا من السلطة السياسية، وهي سباقة في ذلك على غيرها من الدول العربية، فالحركة النسوية في لبنان اليوم تطالب بكوتا شبيهة بالتي حصلت عليها النساء في قانون الانتخابات الفلسطيني.

والذهاب إلى زيادة مشاركة المرأة في الإنتاج هو طريق جديد فتحها مجلس الوزراء بتوفير بنية أرضية حقيقية وثابتة، تستطيع النساء الانطلاق منها بقوة بعد إثبات ذاتها في العمل، واكتساب خبرات ومهارات عمل جديدة، تمكنها من التحدي والتصدي لتحقيق مطالبها بالمساواة.

ولتحقيق هذا التوجه وتشجيع النساء لا بد للحكومة من إعادة تنظيم سوق العمل وإدارة الوقت فيه، وتقديم خدمات جديدة تساعد المرأة على الانخراط في العمل بصورة واسعة.