سكان عين السلطان مثال للالتزام في دفع أثمان المياه والكهرباء

يسجل لسكان مخيم عين السلطان بمحافظة أريحا والأغوار قصة التزامهم بتسديد أثمان فواتير خدمتي الكهرباء والمياه، وحري بتجربتهم أن تقتدي فيها مجالس الهيئات المحلية واللجان الشعبية في المخيمات.

وتمثل لجنة مياه المخيم قصة نجاح حقيقية على مستوى الوطن، وذلك بشهادة المؤسسات الدولية التي رعت وتابعت مشروع المياه فيه خلال السنوات الماضية.

ويؤكد محمد أبو داهوك 'أبو إبراهيم' رئيس اللجنة الشعبية في مخيم عين السلطان، الذي يعتمر الكوفية ولكنته بدوية، أن سكان المخيم والمقدر عددهم حوالي خمسة آلاف نسمة ملتزمون بالدفع وتكاد نسبتهم تصل إلى 100% سواء للكهرباء لشركة كهرباء القدس، أو المياه التي تجبيها طواقم اللجنة الشعبية، حيث يقوم أربعة جباة بتحصيل الفواتير من المواطنين.

وأضاف أن سر نجاحنا في اللجنة الشعبية أننا لا نؤمن بمبدأ الإعفاء أو الخصم لمن تتراكم عليه الديون وكأننا نكافئه، وكذلك الشفافية والوضوح مع الجميع، وأن أعضاء اللجنة وموظفيها ملتزمون أمام المواطنين، ونكمل عمل من سبقنا، وعندما تسلمنا اللجنة كانت نسبة الالتزام تقارب 70% وتم جدولة الديون والمبالغ المتراكمة، وهناك سر آخر للالتزام وهو المتابعة الحثيثة من قبل اللجنة عبر الاتصال المباشر مع المواطن وتذكيره أن التزامه يعني استمرار الخدمة، وقد نلجأ إلى الإخطار، وإشعار المواطن بوجود آليات قانونية تلزمه بالدفع، مع أننا وحتى الآن لم نضطر لرفع قضايا عبر المحاكم.

وأكد رئيس اللجنة الشعبية أن المشروع الأبرز للجنة هو بناء 'خزان رقم 3' بسعة 1000 متر مكعب، لتزويد المخيم بالمياه وسد الاحتياجات في الأزمات وفترة فصل الصيف، موضحا أن اللجنة وفرت كميات مهمة من المياه تسد حاجة المشتركين في المخيم، داعيا الحكومة إلى المساهمة في دعم مشروعات المياه فيه.

وتشير أرقام وإحصائيات اللجنة الشعبية إلى تسديد المواطنين أثمان المياه بانتظام للبلدية، حيث يستهلك سكان المخيم 70-80 كوبا شهريا، ولديهم مصدران للمياه، نبع 'عين السلطان' القريب من المخيم ومن خلال البلدية، وفترة أربع ساعات مملوكة للمخيم من نبع 'عين الديوك'.

ويقول المواطن خالد صافي أحد سكان المخيم: 'هذا النجاح والعمل الجماعي ضمن استمرار الخدمات وتطورها وعكس نفسه علينا كثيرا، وحتى في الأزمة الحالية بإضراب العاملين بوكالة الغوث الدولية، فإن أكوام القمامة لم تتجمع بالمخيم وقامت اللجنة الشعبية بجمعها وإزالتها، وقد تبرعت بـ'تراكتور' للمساعدة في ذلك'.

وقال المواطن جمال الرجوب: إننا ملتزمون بالدفع وتسديد ما علينا منذ 2001 وهو ما ضمن استمرار تقديم الخدمات، ونشعر بأهميتها الآن ولم نعان طيلة الفترة الماضية من انقطاع المياه أو شحها، في حين كنا نضطر قبل التنظيم والالتزام إلى شراء صهاريج المياه ونعاني من انقطاعها المتكرر، وأن تجربة عين السلطان يجب أن تقتدي بها المجالس البلدية والقروية وبعض المخيمات.

ويقول المحامي خالد حمد مدير عام التخطيط والتطوير لمحافظة أريحا والأغوار: 'في الواقع منذ 2003 كان هناك قصور وضعف في تسديد أثمان المياه والكهرباء في الهيئات المحلية والمخيمات والتي تتبع المحافظة إداريا وعددها 11 هيئة محلية ومخيما، وذلك لوقوع أكثر هذه التجمعات السكانية في مناطق ما يسمى 'ج' و 'ب'، وأكثر تلك المناطق تأخذ الكهرباء والمياه من 'ميكروت والكهرباء الإسرائيلية'، وكانت إسرائيل تخصم أثمان ذلك من المستحقات المالية للسلطة الوطنية، وبالتالي لم يلتزم العديد من المواطنين.

وأضاف: بصراحة شديدة... رؤساء وأعضاء مجالس الهيئات المحلية المنتخبة سجلوا قصورا واضحا في هذا المجال، إلى جانب منع سلطات الاحتلال السلطة الوطنية من إقامة وتنفيذ مشاريع بنى تحتية في الأرياف والمناطق البعيدة، ما ساهم في استمرار المشكلة.

وأوضح المحامي حمد أنه في الآونة الأخيرة قامت المحافظة وبالتعاون مع مديرية الحكم المحلي بخطوات جادة في هذا الاتجاه عبر عقد لقاءات مكثفة مع رؤساء المجالس وحثهم على ضرورة القيام بواجبهم، بجباية أثمان الخدمات التي يتلقاها المستفيد، وعقد دورات وتقديم كل الدعم الفني والتقني الممكن، والبدء بتركيب عددات مسبقة الدفع.

وأشاد بالتعاون التام بين المحافظة ووزارة الحكم المحلي والجهات ذات الاختصاص، مشيرا إلى أن حكومة الدكتور سلام فياض وترجمة لتوجهات الرئيس محمود عباس تولي اهتمامها بمنطقة الأغوار، ورصدت العديد من المشاريع التطويرية لأريحا والأغوار.

وأثنى على تجربة والتزام أهالي مخيم عين السلطان بدفع التزاماتهم المالية منذ فترة سبقت التحرك الأخير للمحافظة والوزارة.

ويقع مخيم عين السلطان على المدخل الشمالي لمدينة أريحا، وتأسس عام 1948 فوق مساحة من الأرض تبلغ 0.87 كيلومتر مربع، أسفل جبل 'قرنطل'، وعلى بعد أمتار من أول تجمع حضري ظهر قبل عشرة آلاف عام 'أريحا التاريخية'، ويبعد عن مدينة أريحا كيلومتر واحد.

ــ

ع.ق