الأردن: تظاهرات احتجاجاً على غلاء الأسعار والبطالة

عندما تصرخ تونس يسمع صدى الصرخة في عمّان والبقعة والكرك ومناطق أخرى في الأردن، حيث خرج الآلاف، أمس، في مسيرات طالبت بإسقاط حكومة سمير الرفاعي التي يحمّلها الناس مسؤولية ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية.
في هذا الوقت، أعلنت أحزاب معارضة أردنية، أبرزها جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، والنقابات المهنية أنها ستنفذ غدا اعتصاما احتجاجا على «الظروف المعيشية الصعبة».
وخرجت المسيرات في مدن الأردن بغياب قوى المعارضة التقليدية التي تبنتها، وإن لم تكن من بدأت بالدعوة لها. وضمت القوى المشاركة في ما أطلق عليه «يوم الغضب الأردني»، «حركة اليسار الاجتماعي» التي دعت للمشاركة في التظاهرات، والمنظمات الشبابية، وكوادر الأحزاب التي أعلنت عدم مشاركتها رسمياً كحزب «الوحدة الشعبية» و«البعث»، فضلاً عن لجنة المتقاعدين العسكريين، التي ظهرت مؤخرا على الساحة في حالة تعبر عن معارضة عشائرية شرق أردنية ضد سياسة الحكومة الليبرالية التي تنزع عن العشائر مكاسبها التقليدية.
الشعار السياسي الأبرز في التظاهرات هو إسقاط الحكومة. وهتف المتظاهرون مطالبين رئيسها سمير الرفاعي بأن «يسأل والده عن نيسان»، في إشارة إلى «انتفاضة نيسان» العام 1989 التي أدت إلى إسقاط حكومة والده زيد الرفاعي وإنهاء الأحكام العرفية وإجراء انتخابات نيابية. كما هتف المتظاهرون «سنة سمير... لا قمح ولا شعير».
ومرت التظاهرات بسلام، حيث اقتصر الحضور الأمني على شرطة المرور، فيما غابت قوات مكافحة الشغب، في محاولة من الحكومة لعدم تفجير الوضع. وكانت حكومة الرفاعي أعلنت عن حزمة إجراءات بنحو 120 مليون دينار (169 مليون دولار) بهدف خفض أسعار السلع الأساسية والمشتقات النفطية ، لكن هذه الإجراءات لم تقنع القوى الشعبية.
وشاركت الكتلة الاجتماعية الأردنية من أصل فلسطيني في التظاهرات، مع أنه بالعادة كان يؤخذ على الأردنيين من أصل فلسطيني وقوفهم على الحياد في التحركات المطلبية، واقتصار مشاركتهم على التظاهرات المتعلقة بفلسطين والعراق، ولكن يبدو أنه ما قرّر البعض تفريقه قد وحدّه الجوع والفقر.
التظاهرات، وإن كان يمكن أن تكون أكثر زخما، إلا أنها برمزيتها وانتشارها في كل أنحاء الأردن قد أحرجت كل القوى السياسية التقليدية وخصوصاً جماعة «الأخوان المسلمين» التي أعلنت المشاركة فيها بداية، ثم انسحبت في آخر لحظة، في ما وضعه المراقبون في إطار اتفاق تم مع الحكومة لتقليل الزخم العام للحراك حتى لا تصيب الأردن العدوى التونسية.
ورفع المتظاهرون في وسط عمان أعلام الأردن، ولافتات كتب عليها «لتسقط حكومة الرفاعي»، و«حذاري من جوعي وغضبي» و«الخبز خط احمر» و«الأردن ليس للأغنياء فقط».
وهتف متظاهرون «وحد صفك وحد صفك الحكومة بتنهش لحمك»، و «اطلع برا يا رفاعي وجودك ما اله داعي»، و«ارفع في سعر البنزين وأملا جيبك بالملايين».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المعارض الأردني ليث شبيلات قوله، خلال التظاهرة في وسط عمان، «من يأتي بالحكومات؟ من يأتي بالحكومات هو المسؤول ومحاربة الفساد تبدأ بالرأس». وبحسب الدستور يعين الملك عبد الله الثاني رئيس الوزراء. وقد شكل الرفاعي حكومته الأولى في كانون الأول العام 2009، وترأس الحالية منذ تشرين الثاني الماضي.
وقال سالم ضيف الله، من لجنة المتقاعدين العسكريين التي شاركت في التظاهرة وسط عمان، «نحن هنا للاحتجاج على الإجراءات الحكومية التعسفية بحق شعبنا ونناشد الملك عبد الله الثاني أن يقيل الحكومة ويستبدلها بحكومة وطنية».
وخرجت تظاهرات مماثلة في كل من مدن معان والكرك والسلط والبقعة واربد. وقال نهاد زهير، من التجمع الشبابي الديموقراطي، خلال تظاهرة في اربد «نحتج على السياسات الحكومية الاقتصادية التي أفقرت شعبنا».
وأعلنت أحزاب معارضة أردنية، أبرزها جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، والنقابات المهنية في بيان أنها ستنفذ غدا اعتصاما احتجاجا على «الظروف المعيشية الصعبة». وقالت النقابات التي تضم 14 نقابة إنها «تدارست الأوضاع العامة المتوترة في ظل الظروف المعيشية الصعبة»، داعية إلى اعتصام أمام مجلس النواب. وأضافت إن «سياسات الحكومة في الشأن الاقتصادي وفي إدارة البلاد هي المسؤولة عما وصلت إليه الأمور من توتر واحتقان، ولا احد يعرف إلى أين سيقود البلاد». وتابعت «المطلوب الآن معالجة هذا الوضع وتلافي أي عواقب سلبية على بلدنا».
من جانبها، قالت الحركة الإسلامية في بيان أنها «قررت إنجاح الاعتصام الأحد احتراما وتقديرا لقرار الأمناء العامين لأحزاب المعارضة الوطنية الأردنية والنقابات المهنية، وحرصا على التنسيق والتعاون وتوحيد الجبهة على برنامج وطني في مواجهة السياسات الاقتصادية والاجتماعية».
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل التضخم في الأردن وصل في كانون الأول الماضي إلى مستوى قياسي جديد بارتفاعه إلى 6،1 في المئة. وتقدر نسبة البطالة في الأردن، الذي يبلغ عدد سكانه نحو ستة ملايين نسمة، وفقا للأرقام الرسمية، بـ14،3 في المئة، بينما تقدرها مصادر مستقلة بـ30 في المئة.