المحرر السياسي لـ 'وفا ': إنها قوة السلام

المحرر السياسي لـ 'وفا ': إنها قوة السلام
لا يملك الرئيس محمود عباس، أسلحة نووية ولا جرثومية ولا أي شيء من أسلحة الحرب، حتى التقليدية منها، كما أن آبار النفط وقوة التصنيع الثقيل ليست بين يديه، ومع ذلك فهو اليوم أخطر زعيم عربي وفلسطيني تواجهه إسرائيل، والتوصيف هنا لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كما كشفت وثيقة لويكليكس نشرت مطلع الأسبوع الماضي .
لم يكن نتنياهو يتحدث هنا حين جاء بهذا التوصيف لوسائل الإعلام، بل لعدد من قادة مجموعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي اجتماع خاص ما يعني أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكن يناور إعلاميا بقدر ما كان في اجتماع عمل مغلق وضع على طاولته وفق رؤية اليمين الإسرائيلي وتلفيقات فكرة 'الغيتو' العنصرية، مخاوفه الإستراتيجية من عملية السلام وتطوراتها، ومن الرئيس عباس الذي يدمر صورة إسرائيل الدعائية وهو يفضح نواياها المناهضة للسلام والساعية للتوسع والاستيطان، طالبًا من المجتمعين مساعدته للتخلص لهذا السبب من الرئيس عباس وإضعافه داخل الدوائر السياسية الأمريكية الهامة، بعد فشل عمليات تدخله الشائن في محاولة صياغة الشأن القيادي الفلسطيني مرة باستغلال الخلاف مع حركة حماس وأخرى (بأحصنة جانحة) في الصف الفلسطيني، وهذا حسب اعتراف نتنياهو كما جاء في الوثيقة ذاتها التي كشفت عنها ويكليكس.
قوة الرئيس عباس تكمن إذا في هذا السعي الدؤوب بالغ المصداقية والوضوح في تكريس أسس السلام العادل والممكن من خلال التصدي للاستيطان بصورة حاسمة وبمنهج راسخ مؤمن بالسلام وحتميته ودون أية مناورات بلاغية أو خطابات استهلاكية أو دعائية وعلى المستويات والصعد كافة، المحلية والإقليمية والدولية. وهذا ما جعل وزير الجيش الإسرائيلي، زعيم حزب العمل، ايهود باراك، يقول في تصريح له قبل أيام ' إن خطاب الفلسطينيين مقبول عالميا أكثر من خطابنا' ، كما أنه السبب ذاته الذي جعل زعيمة حزب ' كاديما ' تسيبي ليفني تقول في محاضرة لها في جامعة تل أبيب الأسبوع الماضي:' الدولة الفلسطينية ليست منة من أحد وإسرائيل ستعزل ' بل إنها قالت أكثر من ذلك حين تحدثت عن' انهيار إسرائيل التي تعيش الآن أسوأ لحظات تاريخها بسبب فقدان بوصلتها والحصار الذي تعيشه على مستوى العالم '.
إنها قوة السلام بصدقية الخطاب الفلسطيني الذي يحمله الرئيس عباس والذي بات يضع إسرائيل في هذه الزاوية الحرجة والمصيرية، فأما أن تقبل بحل الدولتين أو أن الصهيونية برمتها لا بدولتها فحسب ستصبح كما تقول تسيبي ليفني جزءًا من كتب التاريخ .
وإنه سلاح السلام الذي يثبت الرئيس أنه أقوى من أي سلاح آخر كلما كان الإيمان بالسلام عميقا إلى حد خوض أصعب وأخطر ساحات المواجهة والتفاوض، ولأنه كذلك فإنه في هذه اللحظة التاريخية المصيرية سلاح المقاومة الأمثل الذي يحمله الرئيس عباس في عقله وقلبه وعلى أكتاف سياسته وفي مختلف تجلياتها دون مواربة وبلا أية شعارت شعبوية أو استهلاكية .
ــ