الاخوان المسلمون الاردنيون في مواجهة مفتوحة مع البرلمان والحكومة

طالب اسلاميو الاردن الثلاثاء الملك عبد الله الثاني باقالة حكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي وحل مجلس النواب بعد تأكيدهم حصول 'تزوير' في الانتخابات النيابية التي جرت في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وكشف حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين في الاردن، عن 'عشرات الاف بطاقات الاحوال المدنية المزورة التي استخدمت في الانتخابات النيابية المنصرمة'.
وعقد الشيخ حمزة منصور امين حزب جبهة العمل الاسلامي وزعيم حزب المعارضة الاول في الاردن امس مؤتمرا صحافيا طارئا خصصه لعنوان واحد فقط هو تقديم وثائق تثبت التزوير الذي حصل في الانتخابات العامة الاخيرة في البلاد بعد مرور اكثر من عشرة اسابيع على هذه الانتخابات.
الشيخ منصور وقف امس امام الصحافيين ملوحا بـ'وثائق تثبت التزوير'، حيث عرض وثيقة لمواطن صوت 20 مرة واخرى تتحدث عن 70 الف بطاقة انتخاب قال انها مزورة في العاصمة لوحدها.
وناشد منصور العاهل الاردني 'اقالة الحكومة الحالية، لتفسح المجال أمام حكومة مؤقتة تترأسها شخصية وطنية مشهود لها بالنزاهة، وتحظى بثقة الشعب ويتصدر أولوياتها ضبط الأسعار (...) والإعداد لانتخابات نيابية نزيهة'.
ورأى أن 'تراجع الحكومة في الآونة الأخيرة عن بعض الزيادات في بعض المشتقات النفطية غير كاف، فهو لا يشمل جميع المشتقات (...) كما أن نسبة التخفيض لا تمثل قدرا يذكر على فاتورة المستهلك والمطلوب التخلي نهائيا عن أية ضرائب على المشتقات النفطية'.
وحذر من 'ظاهرة الفساد التي استشرت في بلدنا، بكل ما تعني كلمة الفساد من معنى، من فساد مالي، الى فساد إداري، الى فساد أخلاقي وسياسي، واستمرار هذه الظاهرة يشكل تهديدا خطيرا لبلدنا، فهي تبدد ثرواتنا، وتفسد مؤسساتنا، وتدمر أخلاقنا، ما يفتح المجال لمزيد من الفقر والعنف الاجتماعي'.
ويتضح بأن الشيخ منصور وهو المعارض الاكثر منطقية والموثوق عند جميع قنوات الدولة يتجاهل كل الملفات المهمة ابتداء من الايقاع التونسي ومرورا بجدل المسيرات وانتهاء بقصة الاتجاهات الاقتصادية ليعود بالجميع في البلاد الى صفحة افترض الكثيرون انها طويت وهي الانتخابات.
داخل مجلس الوزراء سأل احدهم: لماذا الآن؟ وما الذي يحصل؟
الاجابة غير متاحة طبعا الا للشيخ منصور نفسه ولثلاثة قياديين آخرين يقال انهم قابلوا شخصية مهمة في مواقع القرار مؤخرا للتفاهم - مع الدولة وليس الحكومة - على الطريقة الافضل لاحتواء مسلسل مسيرات الخبز والاسعار التي اصبحت ايقاعا اجباريا لكل من يعمل بالسياسة في البلاد.
والمثير في المشهد ان الشيخ منصور وهو الرمز الاكثر اعتدالا بين قادة التيار الاسلامي والاكثر موثوقية بالنسبة لدوائر القرار فتح صفحة مثيرة للجدل هي تزوير الانتخابات بعدما اعتقد المراقبون انها 'منسية'.
فعل الشيخ المحنك ذلك فيما كان اعضاء في البرلمان من بينهم يحيى السعود يحاولون اقناع السلطات الادارية بالسماح لهم بتنظيم مسيرات احتجاجية ضد الاسلاميين وتحديدا في ضاحية العبدلي حيث مقر الشيخ منصور الامين العام لجبهة العمل الاسلامي.
احد النواب هدد الحكومة بانه سيجمع انصاره للتظاهر ضد الشيخ منصور احتجاجا على ما يقول النواب انه اساءات طالتهم في مسيرة الاحد الماضي التي كان هتافها الابرز هو ذلك الذي ظهر على شاشة 'الجزيرة' عدة مرات بعنوان 'نواب الاردن اموات'.
'الجزيرة' يومها عرضت لقطة للنائب السعود وهو يمزق مذكرة 'غير موقعة' كانت ستقترح حجب الثقة عن حكومة سمير الرفاعي وعملية التمزيق كانت نكاية بالشيخ منصور وجماعته وهتافاتهم ثم عرضت لقطة اخرى لنفس النائب يقول فيها 'والله العظيم سأنتف لحيته'.. الرسالة هنا موجهة للشيخ منصور كما يعتقد.
نائب آخر هو فواز الزعبي وجه للمعتصمين الاهانة السياسية الاكثر ايلاما فقد وقف على سور البرلمان امام الف معتصم يحمل كيسا من الخبز ثم قال للمسيرة 'انتم جائعون .. هذا خبز لتأكلوه' .. بعد ذلك هاجم الزعبي رئيس مجلس شورى جبهة العمل الاسلامي الشيخ علي ابو السكر الذي ظهر في 'الجزيرة' لاحقا ليتحدث عن المجلس المزور.
وفي الاجتماع التنسيقي بين الاحزاب والنقابات المهنية قرر الطرفان ان اهانة الزعبي لا يمكن التغاضي عنها فتقررت خطوتان الاستعداد لمقاضاته ثم تقديم مذكرة للحكومة والبرلمان للشكوى عليه.
وكل هذه المواجهة بين ايقاع المسيرات ومجلس النواب سبقت المؤتمر الصحافي الاخير للشيخ منصور الذي خصصه لعرض وثائق تزوير الانتخابات وهو خيار من المرجح انه لم يكن مطروحا عند التنظيم السياسي الاهم في البلاد لان الاسلاميين سبق ان عقدوا مؤتمرا صحافيا بعد الانتخابات مباشرة تحدثوا فيها عن مؤشراتهم على التزوير المفترض.
وبكل الاحوال لا يمكن اعتبار سلوك الامس المنظم واللافت للشيخ منصور خطوة على مقياس النكاية فقط بالنواب الذين هددوا بنتف اللحى او طلبوا ترخيص مسيرات امام مكتبه اعتباطا، فالرجل اكبر من ذلك بكثير ويقود حزبا مسيسا ومنظما خدم الدولة واستقرار المجتمع بان رفض المشاركة في مسيرات رفعت ارغفة الخبز في عدة محافظات في المملكة.
لذلك فإن رسالة الاسلاميين من وراء العودة لمربع التشكيك بنزاهة الانتخابات سياسية بامتياز، فمعلومات 'القدس العربي' تشير الى ان التيار الاسلامي بصدد تبني خطاب الدعوة لانتخابات مبكرة وتشكيل حكومة وطنية مؤقتة قبل حكومة منتخبة. بالتالي يخدم مؤتمر منصور الصحافي امس هذا المستجد في اولويات الاسلاميين دون اسقاط حسابات التسريبات التي تتحدث عن 'وعد' حصل عليه الاخوان المسلمون بقانون انتخاب جذري جديد وانتخابات مبكرة اذا ما ساهموا مع الدولة ودوائر القرار بضبط ايقاع الشارع خلال الايام العصيبة المقبلة.
بقي القول ان الاخوان المسلمين هم الجهة الاكثر قدرة في الساحة على تنفيذ المهمة الاخيرة خصوصا اذا ما كرسوا اسلوب احتواء مسيرات الاسعار عبر المشاركة التنظيمية الرمزية فيها وبدون تحشيد.