جزيرة الفتنه وقدسنا.

جزيرة الفتنه وقدسنا.
ماهر حسين
ماهر حسين / كنت قد تحدثت في مقال سابق عن القدس وعن أهمية القدس باعتبارها عاصمة دولتنا وعاصمة الصلاة والإيمان للديانات السماوية الثلاث وقلت يومها بأنه لا تناقض بين اعتبار القدس عاصمة لنا وبين إيماننا المطلق بأن القدس عاصمة الإيمان .
فالقدس عاصمة لنا ولكنها مصدر إشعاع للديانات السماوية الثلاث وهذا المركز الروحي يجب أن نحافظ عليه بمعناه الحقيقي القائم على التعايش وعلى التوجه بصلاتنا لله عز وجل بكل خشوع وإيمان .
لم أرى في السنوات الماضية سوى جهد مضني تقوم به قيادتنا للتأكيد على موقع القدس فلسطينيا' وبل أن قيادتنا تحملت ما يجب أن يقوم به العالم المسيحي والإسلامي للتأكيد على هوية القدس الدينية للديانات السماوية وعلى رفض محاولات إسرائيل لتهويد المدينة وتحملت كذلك بكل إخلاص وعملت بكل جد من أجل ما تمثله القدس من معنى هام وخاص لنا فلسطينيا' باعتبارها عاصمتنا وقرة أعيننا .
ولقد أنتقل القائد الشهيد أبو عمار لمقابلة الله عز وجل وهو يذكرنا بالقدس وطلب أن يتم دفنه بها ليؤكد على ما تمثله المدينة بالنسبة لنـــا .
فلسطينيا' لم أرى اهتماما' بالقدس أكثر مما تبديه حركة فتح وبل أن رجالات الفتح هم الحافظين للعهد هناك العاملين على تجسيد الشرعية الوطنية بالعمل لا بالكلمات وهناك بالمقابل غياب تام للتنظيمات الفلسطينية التي تعمل على الساحة الفلسطينية .
لو أردنا التحدث بتفاصيل حول هذا الموضوع فأننا سنحتاج إلى مقالات وليس مقال واحد هنا أو هناك ومع كل ما سبق كان الفعل الفتحاوي والفلسطيني غير مرضي بالنسبة لنا حيث أننا نرغب بمزيد من الدعم الفلسطيني ولاحقا' لذلك المزيد من الدعم العربي .
أما على صعيد حمــاس فلقد لجأت حماس وعلى عادتها للتورية والتقية بتعاملها مع القدس فنفضت يدها منها عمليا' واكتفت بالتذكير بها بخطاب لهذا القائد من سوريا وخطاب لذاك من غزة وكأن ما تحتاجه القدس هو الخطابات والكلمات التي مهما قيل فيها من قبل الجميع فأنه لن يصل إلى جمال وقوة وصف الشاعر الكبير محمود درويش للقدس أو الشاعر تميم ألبرغوثي .
ولكنها بالنهاية أشعار وكلمات القصد منها التذكير وأما السياسيين فالمطلوب منهم برامج عمل لتحقيق الأهداف ولكننا وللأسف رأينا بأن حماس المدعومة والقوية تستعمل القدس للدعاية وفقط .
حمــاس التي تتستر بالإسلام تركت القدس وأهلها واكتفت بدولتها المهادنة بغزة وتعاملت مع كل تجاوزات الاحتلال هناك باعتباره حدث عادي لا يمس فلسطين ولا قضيتها ...نسيت حماس القدس ومسجدها الأقصى وقبة الصخرة واكتفت على طريقة أسيادها بالاحتفال بيوم القدس العالمي .
إن ما سبق ليس من باب التبرير لما يحدث هنــاك ولكنه من باب وضع النقاط على الحروف لتصبح أفعال التنظيمات الفلسطينية ودورها حقيقة ماثله أمام القارئ العزيز .
هذه الحقيقة يعرفها أبن القدس ويعيشها واقعا' وسلوك حماس عندما تم إبعاد ممثليها في المجلس التشريعي من القدس وصمت حماس تعبير حقيقي عن دور حمــاس الأساس بتجاوز القضية وجوهرها القدس ووصل الحال بقيادات حماس المبعدة لان لجأت للأخ الرئيس أبو مازن ليساعدها وعبر الحوار مع إسرائيل لتجاوز القرار القاضي بإبعاد ممثلين حماس في المجلس التشريعي من القدس .
كل ما سبق لا يأتي بإطار التبرير لأي إهمال للقدس وهو أمر واقع فلسطينيا' حيث أننا نقول بان تعليمات السيد الرئيس أبومازن بإعطاء القدس أولوية يجب أن تلقى أذان صاغية من كل الجهات ويجب ان تكون القدس رأس أولويات كل فلسطيني في السلطة أو المعارضة .
عربيا' ماذا نمكن أن نقول سوى لك الله يا قدس ولولا مشاريع تهتم بدعم صمود الفلسطيني هناك وتهتم بعروبة المدينة وبشكل أساس من دول داعمة لقضيتنا منها المملكة الأردنية الهاشمية والمغرب والسعودية ومصر ومشاريع الإمارات العربية المتحدة هناك لقلنا على القدس السلام .
أقول للقدس سلام آت ...وتقول لها حماس والدول التي تستخدم قضيتنا ورقه من اجل تحقيق مصالحها ..عليك السلام يا قدس وكأنها ترثي القدس التي ستبقى حيه طالما نحن نسير على نهج القائد الشهيد أبو عمار .
وأخيرا' ظهرت لنا الجزيرة بثوبها الحقيقي باعتبارها جزيرة الفتنه والخنجر المسموم في ظهر قضيتنا وحاولت الجزيرة عبر برنامجها المسمى كشف المستور أن تشير إلى تنازلات بالقدس وكأن جزيرة الفتنه هي حامية القدس وحماية القدس تتطلب من جزيرة الفتنه وقطر أن تعمل من أجلها بدعم الموقف السياسي الفلسطيني الساعي للحفاظ على هوية المدينة المقدسة وعلى موقعها وأن تجعل من القدس قضية للتوحيد لا للفتنه وللخلاف وتتطلب منها اهتماما' بالتأكيد على طابع المدينة العربي .
فلماذا لا تسعى جزيرة الفتنه لتعزيز برامجها عن القدس للتوعية والتأكيد على البعد العربي والإسلامي المسيحي للمدينة!!!! وللتأكيد على رفضنا للتهويد هناك !!!!ولماذا لا تسعى قطر ذات العلاقة المميزة مع إسرائيل بأن تأخذ موقف من ممارسات إسرائيل بالقدس!!!!! وهل المطلوب من قطر هو التوسط من اجل إطلاق سراح بعض أفراد حماس من معتقلات السلطة أم المطلوب بأن تعمل قطر على استغلال علاقتها بإسرائيل من اجل التخفيف من أفعال الاحتلال هناك !!!! إن قطر ليست أكثر منا حبا' للقدس بل أنني أظن بأن القدس ليست أعز على قطر من تل أبيب !!!!

أن ما قامت به جزيرة الفتنه هو تمهيد لتمرير أفعال الاحتلال بالقدس حيث أنها أثارت الموضوع فقط من باب المزاوده على قضيتنا وقيادتنا بعيدا' عن أي طرح معني بالحفاظ على المدينة وصمود أهلها هنــاك.
كل وثائق الجزيرة الصحيح منها والمزور لا تستطيع أن تغطي حقيقة الموقف الفلسطيني المميز من قضية القدس وكل القضايا المصيرية لشعبنا ولا أظن بان جزيرة الفتنه ومن خلفها قطر وإيران كذلك يوجد لديها أي عمل حقيقي داعم للقدس وبل أننا نعتقد بأن الوثائق التي تم كشفها بعد مفاوضات طويلة تؤكد على أن قيادتنا عملت بكل إخلاص من اجل قضيتنا ولولا هذا الإخلاص لتم التوصل إلى حل منذ زمن .
ولولا هذا الموقف السياسي الصلب لقيادتنا لما كانت قيادتنا تتعرض الى ضغوط سياسية بهدف أضعاف موقفها الرافض للتسوية مع الاستيطان ولست أبالغ أن قلت لولا هذا الموقف الصلب لقيادتنا في المفاوضات لفتحت استوديوهات الجزيرة و لفتحت الدوحة أبوابها أمام قيادتنا .
إن موقف جزيرة الفتنه محاولة ضغط جديدة على قيادتنا بهدف أضعافها وإيجاد خيارات تتناسب مع التوجهات القادمة بالمنطقة فإذا كان القادم أمريكي فالحدود المؤقتة مرفوضة من قيادتنا وبالتالي الأفضل التخلص منها وإذا كان القادم إيراني فنحن لسنا بوارد تقديم فلسطين ورقه لتحقيق مصالح احد وعليه فأن التخلص من قيادتنا أفضل ومن هنا فان الضغط على قيادتنا مقدمه لتحقيق القادم والدوحة وجزيرتها تعلم ذلك .
لا يوجد ما نخشاه في وثائق جزيرة الفتنه فالقدس قدسنا وعلينا فقط أن نخشى مشاريع التهويد ومن يسعى لتمرريها بإظهار الفلسطينيين بموقف المقصر والغير مهتم بالمدينة المقدسة والتأكيد على عدم وجود أي فعل مرتبط بالمدينة عربيا' أو إنسانيا'.
فشلت جزيرة الفتنه وكشفت كلمات مختصره لأحد مواطنين القدس بأن شعبنا يعي الغث من السمين وبأن أفعال جزيرة الفتنه فتحت عليها أبواب الغضب الفلسطيني الذي حتما' لا يجب أن يكون الغضب العنيف ولكن الغضب الواعي الرافض للفتنه وللتخريب والداعم للعمل من اجل قدسنا ..