فياض: السلطة الوطنية تقر برنامج حراس الأرض

استهل رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض حديثه الإذاعي الأسبوعي بالتوقف عند الجريمة البشعة التي أدت إلى مقتل المخرج الفنان جوليانو خميس، وقال: 'أتوجه بأحر التعازي والمواساة لزوجة وأبناء الفقيد، ولأهله وأصدقائه وفي مقدمتهم أبناء مخيم جنين، صحيح أن لا شيء يمكن أن يعوض فقدانه وما مثله من خسارةٍ للثقافة الفلسطينية، ولكن ما يواسينا جميعاً هو حجم المحبة والتعاطف والحزن والوفاء من أهل المخيم وأسرة مسرح الحرية الذي أسسه جوليانو، ومن أسرة الثقافة الفلسطينية بشكل عام'.

وأفرد رئيس الوزراء حديثه الإذاعي حول صمود أهلنا في قراوة بني حسان وخرب ومضارب جبال جنوب الخليل، ودلالات حالة التحدي التي يُشكلها الصمود الأسطوري لحراس الأرض، وقال:' في العام الماضي، وفي ذكرى يوم الأرض، شاركتُ أهالي قراوة بني حسان فلاحة أرضهم المهددة بالمصادرة من قبل مستوطنةٍ مجاورة.. فنبع المياه في القراوة يُعطي المستوطنين مزيداً من الرغبة في السيطرة والتوسع، بل والاعتداء على مقدرات شعبنا ومصادر رزقه'. وأضاف: 'لقد طلب منا أهالي قراوة بني حسان في حينها، تعبيد الشارع الذي أطلقوا عليه فيما بعد إسم طريق الحرية، وكان لهم ذلك، كي نزيدهم قدرةً على الصمود والبقاء على أرضهم، ولم يمض عام على ذلك حتى كانت جرافات الاحتلال تهدم وتخرب الشارع بصورةٍ تامة، بعدما فشلت محاولاتهم في تدمير مقاطع منه قبل نحو ثلاثة أشهر، حيث تمكن أهلنا في قراوة بني حسان من ترميمه خلال أسبوعين. واليوم لن يثنينا أي شيء عن إعادة تعبيد الشارع بالكامل مرةً أخرى ، وفي أسرعِ وقت لتمكين أهلنا هناك من الوصول إلى أراضيهم'. وتابع: 'هم يخربون ويُدمرون.. ونحن نُعمر ونبني،، هم يقلعون ويحرقون الأشجار ونحن نزرعها وبأضعافٍ مضاعفة. إنه صراعٌ بين إرادةِ الهدمِ والموت وإرادة البناء والحياة في مشهدٍ لم يعد بإمكان أحدٍ تزييفه أمام إرادةِ شعبنا الذي بات مصمماً على نيل الحريةِ والاستقلال'.

وحول إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد هذا العام، قال رئيس الوزراء: 'قبل أيام، وتحديداً في الثلاثين من آذار، شاركت في إحياء الذكرى الخامسة والثلاثين ليوم الأرض الخالد مع أهلنا في مسافر يطا في جبال جنوب الخليل التي تحتصنُ خرب أم النير، وسوسيا، والتواني وغيرها من الخرب ومضارب البدو والقرى، والتي يُعطي أهلُها يومياً أمثلةً في الصمود والتشبث بالأرض والحياة، بل وتحدي طغيان الاحتلال وظلمه وإرهاب مستوطنيه. وأضاف: 'والمفارقة أن قوات الاحتلال هذه المرة استبقت حضورنا للمنطقة بتدمير وتخريب وهدم البركسات والخيام في خربة أم النير وأجبرت أهلها على إخلائها تحت ذرائع تعسفية فإسرائيل تُعطي لنفسها الحق بأن تكون المتصرف في مصير تلك الأراضي المصنفة 'ج'، رغم امتلاك أصحابها الشرعيين لأوراق تُثبت مُلكيتهم للأرض وبأسماءِ أجدادهِم ومنذ العهد العثماني وما قبله'. وتابع: 'في مقابل هذا المشهد، وعلى جبل سوسيا، صودرت أراضٍ شاسعة وأعُطيت لمستوطنٍ إسرائيليّ يتربعُ بيتُه على قمةِ الجبل، وتم تزويده بالماء والكهرباء والبنية التحتية، في وقتٍ تمنع فيه إسرائيل أصحاب الأرض من بناء مجرد مدرسةٍ أو عيادةٍ صحية لتعليمِ وعلاج أطفالهم، فقرروا التعلمَ في خيمٍ وبركسات في انتظارِ بناء مدرستهم وعيادتهم'.

وشدد فياض على أنه وأمام هذه المشاعر، وما تُظهره من دلالات الصراع المحتدمة، مرةً أخرى بين إرادة الصمود والبقاء والإصرار على الحياة وبين طغيان المحتل وإرهاب مستوطنيه الذين باتوا يُطاردون أغنام ومواشي المواطنين كي لا تأخذ حقها من ربيعِ أرضهم وجبالهم، وقال: 'أمام ذلك كله ولإبراز هذا المشهد، إرتأيتُ أن أكرس حديثي معكم هذا الاسبوع حول دلالات حالة التحدي التي يُشكلها الصمود الأسطوري لحراس الأرض في كافةِ مدننا وقرانا وخربنا ومضارب بدونا، ومسؤولياتنا في حماية روح التحدي والصمود وما تُمثله من استعدادٍ للتضحية في سبيلِ تحقيق أهداف مشروعنا الوطني والخلاص من الظلم والطغيان الذي يُعاني منه أبناءُ شعبنا. فالسلطة الوطنية تقفُ إلى جانب المواطنين في كافة مناطق تواجدهم، وستواصل بذل أقصى جهودها وإمكانيتها لتوفير ما هو مطلوب لتعزيز صمودهم وتأمين الحياة الكريمة لهم'.

وعن إقرار السلطة الوطنية لبرنامج 'حراس الأرض' دعماً لصمود أبناء شعبنا وتعزيز بقائهم، قال: ' من واقعِ هذه المشاهد، ومن كفاحِ سكان هذه الجبال، الذين آثروا حياة المُغر والكهوف، وتحدي ممارسات قوات الاحتلال ومستوطنيه، على تركهم أرض آبائهم وأجدادهم، بلورت السلطة الوطنية برنامجاً خاصاً أطلقنا عليه إسم برنامج حراس الأرض لدعم صمود أبناء شعبنا وتعزيز بقائهم في خربهم ومضاربهم في مواجهة طوفان الاستيطان وإرهاب المستوطنين'. وأضاف: 'يتضمن البرنامج تقديم دعمٍ ماليَ منتظم لجميع العائلات المقيمة بصورةٍ دائمة في هذه المضارب والخرب'. وتابع: 'يستحق حراس الأرض هذا الدعم الذي سيُعينهم، وضمن برامج أخرى، على الصمود والبقاء. وقد تم إقرار هذا البرنامج في موازنة السلطة الوطنية لهذا العام. كما أننا سنُعمر ونُعيد بناء الخيم والبركسات التي دمرها الاحتلال، وسنُزود المنطقة بالخلايا الضوئية، وسنبني المدارس والغرف الصفية والوحدات الصحية في التواني وسوسيا وأم النير، رغم كافة العراقيل وسياسات الاقتلاع والتهجير والملاحقة والهدم التي تمارسها إسرائيل بحق حراس الأرض'. وأضاف: 'هنا تستحضرني صورة المرأة البدوية في خربة أم النير وهي تصرخ بأعلى صوتها إن هذه الأرض لي ولأجدادي وليست للمستوطنين، وسأعيش فيها، وأدفن في ثراها نحن هنا منذ البدايات وسنظل هنا حتى النهايات'.

وأكد رئيس الوزراء إن السلطة الوطنية مصممة على توظيفِ أقصى إمكاناتنا وطاقاتنا للاستمرار في تنفيذ مشاريع تعزيز الصمود وتوسيع نطاقها كماً ونوعاً، خاصةً في المناطق الزراعية والريفية المهددة والمتضررة من الجدار والاستيطان، وبما يشمل كافة المناطق، وخاصةً المصنفة (ج)، وفي مقدمتها الأغوار، ومناطق خلف الجدار. وقال: 'لن يكون في وطننا ما يسمى بالمناطق أو القرى المهمشة. فما نحتاج إليه اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، هو مضاعفة الاهتمام والعمل والجهد والعطاء في المناطق المستهدفة من الاحتلال ومستوطنيه، وبما يشمل استصلاح الأراضي، وتأهيل الآبار، وتوفير كل عناصر الصمود.. هذا هو أساس عمل السلطة الوطنية ومبرر وجودها'.

وختم فياض حديثه الإذاعي بقوله: 'لا يسعني في نهاية حديثي إلا أن أتوجه بتحيةِ إجلالٍ وإكبار إلى حراس الأرض وفي كافة المدن، والقرى، والمخيمات، والخرب، ومضارب البدو، وهم يتحدون كل يوم جرافات الاحتلال التي تخرب أرضهم ومنازلهم وخيمهم وبركساتهم وأشجارهم.. فهم يرسمون ملامح فلسطين المستقبل. وأضاف: ' لهم أقول ستنتصر حتماً إرادة البناء على إرادة الهدم، وإرادة الحياة على ظلم الاحتلال وطغيانه وإرهاب مستوطنيه، وإن شعبنا الذي يستكمل جاهزيته الوطنية لإقامة الدولة لن يرهبه هذا الظلم والطغيان'.

شارك معنا |